فضيحة جويش كرونيكل: كيف تخدع إسرائيل العالم؟
تكشف فضيحة جويش كرونيكل الكثير من الحقائق عن حملات لتضليل العالم، وكيف تم التلاعب بالجماهير وتزييف وعيها، ودفعها إلى تأييد السردية الصهيونية، والصمت عن المذابح التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني.
وصحيفة جويش كرونيكل هي المعبرة عن المجتمع اليهودي في بريطانيا، وقد بدأ إصدارها عام 1841، وظلت مدة 70 عاما تعارض الأيديولوجية الصهيونية، لكنها حولت اتجاهها، وأصبحت متحيزة لليمين الصهيوني المتطرف، وحتى الآن تخفي هوية مالكيها، وبذلك تخفي الصحيفة معلومات مهمة من حق الجمهور معرفتها.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsعام من البلطجة الإسرائيلية.. وماذا بعد؟
ما بين الاقتصاد اللبناني والإسرائيلي!
إيران تودع الصبر الاستراتيجي!
وتفجرت هذه الفضيحة بعد أن قام أربعة من كتاب الأعمدة بتقديم استقالتهم؛ احتجاجًا على نشر الصحيفة لتسعة مقالات لكاتب إسرائيلي اسمه إيلون بيري ادّعى كذبًا أنه أكاديمي يعمل بجامعة تل أبيب، وأن له خبرة صحفية طويلة، بينما كانت كل خبرته تنحصر في أنه كان جنديا في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وقامت الصحيفة بحذف هذه المقالات من موقعها الإلكتروني بعد أن ثبت زيف الوثائق التي اعتمد عليها الكاتب، والتي ادّعى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي عثر عليها، ونقلت صحف أوروبية هذه المقالات، منها صحيفة بيلد الألمانية.
ماذا يعني هروب السنوار؟!
كانت الوثائق التي ادعت الصحيفة أنها حصلت عليها من المخابرات الإسرائيلية؛ تتضمن أن يحيى السنوار يخطط تحت غطاء المفاوضات للهرب عبر معبر فيلادلفيا مع قيادات حماس، وأنه سيأخذ الرهائن معه، إلى إيران، لكن اتضح زيف تلك الوثيقة بعد أن نفى جيش الاحتلال الإسرائيلي معرفته لها، كما نفت المخابرات الإسرائيلية صحتها.
أما الوثيقة الثانية فقد ادعت أن الرهائن الذين ما زالوا على قيد الحياة تستخدمهم حركة حماس دروعا بشرية لحماية السنوار، وقد سخرت المصادر العسكرية الإسرائيلية من هذه الوثيقة واعتبرتها فبركة.
أما الوثيقة الثالثة التي ادعت صحيفة بيلد الألمانية أنه تم العثور عليها على جهاز كومبيوتر السنوار وتُبيّن أن حماس تتفاوض بسوء نية وتتلاعب بالمجتمع الدولي، فقد ثبت أيضا أنها مزورة، ونفت المصادر العسكرية الإسرائيلية صحتها.
الصراع بين نتنياهو وقادة الجيش
جوناثان كوك يطرح سؤالا مهما هو هل جاءت استقالة الصحفيين الأربعة بسبب مقالات بيري؟ إن الصحيفة قامت منذ فترة طويلة بنشر معلومات زائفة، ولا تقوم بأبسط عمليات تدقيق المعلومات، وتنشر البيانات الصادرة من مكتب نتنياهو دون محاولة التأكد من صحتها، وتؤيد الإبادة الجماعية التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة، إذ كتب رئيس تحريرها السابق معلقا على صورة انفجار هائل في غزة أدى إلى قتل الكثير من الفلسطينيين “إلى الأمام نحو النصر”، وهذا يعني أنه يعتبر تدمير غزة، وإبادة الفلسطينيين نصرا. فلماذا يستقيل الآن كتاب الصحيفة احتجاجًا على دور الصحيفة في التضليل، فهم يعرفون جيدا انحيازها لإسرائيل، وقيامها بإخفاء الحقائق والتلاعب بالجماهير، ونشر الكثير من المعلومات الزائفة؟!
نتنياهو يقود حملة التضليل
إن الصحفيين الأربعة الذين قدموا استقالتهم يدركون أن تلك المعلومات خرجت من مكتب نتنياهو، وتم نشرها نتيجة لتوجيهاته؛ لأنه كان يريد تسويق فكرة احتلال إسرائيل لمعبر فيلادلفيا على الحدود مع مصر بحجة منع السنوار من الهروب، وأنه سيأخذ الأسرى معه إلى إيران، لذلك استخدم بيري الذي يعمل في مكتبه لترويج الوثيقة المفبركة.
وبنشر صحيفة جويش كرونيكل الوثائق، ساهمت في مناورات التضليل التي يقودها اللوبي الصهيوني في بريطانيا، وتستهدف أن يظل نتنياهو هو الطرف الأقوى في دولة الاحتلال.
وهذه الوثائق المزورة تستهدف تبرير موقف نتنياهو، الذي يقوم على التعنت في المفاوضات ورفض وقف إطلاق النار، ووقف المذابح التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة.
وبنشره هذه الوثائق المزورة يواجه نتنياهو الضغوط التي يتعرض لها من قيادات الجيش الإسرائيلي وقطاعات كبيرة من الجمهور للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، واستعادة الأسرى الذين تتظاهر عائلاتهم بشكل متزايد في إسرائيل والاحتجاج ضد الحكومة.
سارة تستخدم الوثائق للتضليل!
لذلك اجتمعت سارة زوجة نتنياهو مع عائلات الأسرى، وأشارت إلى الوثائق المزورة، للتدليل على أن نتنياهو لا يستطيع التنازل عن موقفه الصلب في المفاوضات.
لكن قيادات الجيش الإسرائيلي والمخابرات كشفت هذا الخداع، نتيجة الصراع مع نتنياهو؛ فهذه القيادات تريد أن تدفع نتنياهو إلى التفاوض لوقف إطلاق النار.
يوضح جوناثان كوك أن الجنرالات ازداد غضبهم بسبب عناد نتنياهو، وإصراره على توسيع الحرب، وتحويلها إلى حرب إقليمية خطيرة بهدف إنقاذ نفسه، وتقديم مصالحه الأنانية على الأمن القومي، وبقاء ائتلافه اليميني المتطرف في السلطة حتى يؤخر مثوله أمام المحكمة بتهمة الفساد.
ولذلك رأت قيادات الجيش الإسرائيلي فرصة سانحة لإحراج نتنياهو بالكشف عن قيامه بفبركة الوثائق ونشر أخبار كاذبة، والتلاعب بالصحافة.. فهل كانت استقالة الصحفيين الأربعة نتيجة لانحيازهم إلى جانب الجيش في مواجهة نتنياهو؟!
مع ذلك تفتح هذه الفضيحة مجالا لدراسة انتهاك جويش كرونيكل للقانون وأخلاقيات الإعلام، فهذه الصحيفة قادت حملة التضليل التي استهدفت إسقاط زعيم حزب العمال السابق جيرمي كوربين، وكانت -كما يقول جوناثان كوك- كلب الهجوم ضد كوربين، وبثت الخوف منه في أوساط المجتمع اليهودي في بريطانيا، واتهمته بالعداء للسامية. وقال رئيس تحرير الصحيفة السابق: إن المتبرعين الأثرياء الذين يقومون بتمويل الصحيفة بإمكانهم أن يفخروا بأن الصحيفة تمكنت من إسقاط كوربين.