الصحافة الإسرائيلية والتحذير من خطر استمرار العدوان على غزة!
دراسة ما تنشره الصحافة الإسرائيلية يمكن أن يسهم في زيادة قدرتنا على فهم الأحداث، واستشراف المستقبل، لذلك يمكن أن يقوم الباحثون بدور مهم في هذه المرحلة عن طريق تحليل مضمون ما تنشره وسائل الإعلام؛ فبالرغم من أن الرقابة العسكرية في إسرائيل تقيّد دور الصحافة في كشف الحقائق، والقيام بوظيفتها في تحذير المجتمع من المخاطر الناتجة عن غرور القوة، إلا أن الصحافة نشرت بعض مقالات الرأي التي تتضمن توقعات مهمة لنتائج العدوان الإسرائيلي على غزة.
نبي الغضب الإسرائيلي يتوقع الفشل!
من أهم تلك التوقعات ما نشرته جريدة هآرتس، واستندت فيه إلى الجنرال إسحق بريك الذي تقاعد عام 2018 بعد أن قضى 34 عامًا في الخدمة العسكرية، وكان منصب “أمبودسمان” الجيش الإسرائيلي من أهم المناصب التي تولاها، فهو منصب يتيح له معرفة مدى التزام هذا الجيش بأخلاقيات الحروب والقيم الإنسانية، ونتيجة توقعاته أطلق عليه الشعب الإسرائيلي لقب “نبي الغضب” ومن الواضح أنه كان هناك تأثير لهذه التوقعات على حركة الشارع، والمظاهرات التي شارك فيها أهالي الأسرى، والتي تطالب بعقد صفقة مع حماس.
من أهم توقعات إسحق بريك؛ أن استمرار القتال لن يحقق النصر، بل سيجعل هزيمة إسرائيل أكثر إيلامًا، وأنه إذا رفض نتنياهو الصفقة مرة أخرى، فسنفقد المختطفين إلى الأبد، وسنكون على شفا حرب إقليمية، والجبهة الداخلية الإسرائيلية غير مستعدة لهذه الحرب.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsمن تحرير سوريا.. إلى بيع عبد الناصر!
كنافة مبرومة بدماء وعظام الشعب السوري
تحديات ما بعد التحرير
يضيف بريك: إذا لم تتمكن إسرائيل من إعادة المختطفين أحياء، فإن هذه الحرب ستدخل إلى الوعي العام باعتبارها أسوأ فشل في حروب إسرائيل، وأن احتمال استعادة الرهائن بدون صفقة مع حماس أصبح مستحيلًا، وأن هدف إسرائيل في هزيمة حماس فشل بشكل كامل، كما فشل الجيش الإسرائيلي في استعادة المختطفين، وأن الحكومة الإسرائيلية لا يمكن أن تستمر في الكذب على شعبها، فالواقع سينفجر في وجهها.
ولعل الرأي العام الإسرائيلي قد بدأ يدرك صحة توقعات بريك، وأنه ليست هناك وسيلة لاستعادة الأسرى؛ سوى التوصل إلى صفقة مع حماس؛ فالجيش فشل في تحقيق أهم الأهداف التي أعلنها النتن ياهو للحرب.
إسرائيل يمكن أن تنهار!
يرى بريك أن إسرائيل يمكن أن تنهار إذا استمرت الحرب الحالية مع حماس وحزب الله.. لماذا؟! يشرح بريك الأسباب التي تدفعه لهذا التوقع؛ فيقول: إن تصريحات وزير الدفاع غالانت طوال الحرب على غزة ثبت أنه لا أساس لها، وأن وزير الدفاع نفسه أدرك أن مفهوم النصر الكامل في غزة “هراء”، وأن استمرار الحرب يمكن أن يؤدي إلى حرب إقليمية تضع إسرائيل في خطر شديد.
يضيف بريك: إسرائيل تغوص في وحل غزة، وتفقد كل يوم مزيدًا من الجنود الذين يتم قتلهم أو إصابتهم، بدون أية فرصة لتحقيق هدف إسرائيل في القضاء على حماس.
الضغوط تتزايد على إسرائيل
يشير بريك إلى خطر آخر تتعرض له إسرائيل؛ وهو تصاعد الهجمات على الإسرائيليين في الضفة الغربية، ويتنبأ بأن الفلسطينيين في الضفة سيقومون بهجوم شامل ضد المستوطنين، وهذا سيزيد الضغوط على الجيش الإسرائيلي؛ الذي لا يستطيع العمل على 6 جبهات في الوقت نفسه. ولذلك يجب أن يستيقظ الإسرائيليون قبل أن يورط النتن ياهو البلاد في حرب إقليمية شاملة.
إنهم يلعبون بالنار!
حمّل بريك المسؤولية لنتنياهو ووزير الدفاع ورئيس الأركان عن فشل إسرائيل في الحرب، وأنهم سوف يقومون بتوسيع الصراع، وتحويله إلى حرب إقليمية. فلقد كان النتن ياهو يلعب بالنار عندما تبنى سياسة غير مسؤولة لتنفيذ اغتيالات في دول أجنبية من لبنان إلى إيران، فسياسة الاغتيالات إستراتيجية خطيرة، كما وصف النتن ياهو بأنه “ديكتاتور” اتخذ قرارًا انتحاريًا بشن الحرب على غزة. فالحرب امتداد للسياسة، والقائد يجب ألا يتخذ قرارًا بالحرب بدون تحديد هدف سياسي، وإلا فإنه يقود بلاده إلى دمار غير محدود.
أسوأ جحيم على الأرض
إلى أين يقود النتن ياهو إسرائيل؟ يجيب بريك على هذا السؤال بأنه يقودها إلى أسوأ جحيم على الأرض في تاريخ إسرائيل، ويمهد طريقنا للجحيم القادم بدون رشد أو تفكير إستراتيجي.
وفي مقال نشرته الجيروزليم بوست، عبّر بريك عن أسفه لأن النتن ياهو لا يفهم الكارثة التي يقود البلاد إليها، وأشار إلى أن هذا يوضح نقص الرؤية الإستراتيجية لمواجهة التهديد المتزايد الذي يحيط بنا، وأنه لا يفهم الحرب، ولا يعرف كيف يعد جيشه لها؛ فهناك أسلحة مكدسة ببلايين الدولارات، لكن جنود الاحتياط يفتقدون المعرفة المهنية والتدريب والقدرة على استخدامها.
وكان بريك قد حذر من دخول الجيش الإسرائيلي إلى غزة، وأكد عدم جاهزية الجيش الإسرائيلي للحرب، وأنه لا يمتلك خططًا حديثة، وأنه منهك، ونحن نفقد جنود احتياط يرفضون الخدمة، ويفتقدون الدافع للقتال، والضغوط الدولية على إسرائيل تتزايد في شكل مقاطعة اقتصادية وحظر تصدير السلاح، والمجتمع الإسرائيلي يتفكك بسبب الذين يؤيدون الحكومة بشكل أعمي.
لكل تلك الأسباب يرى بريك أن إسرائيل خسرت الحرب مع حركة حماس في قطاع غزة، وأن إسرائيل يمكن أن تنهار إذا استمرت الحرب الحالية مع حماس وحزب الله.
كما أن هناك الكثير من التوقعات من شخصيات مهمة تنشرها الصحف الإسرائيلية، تؤكد أن غرور القوة يمكن أن يؤدي إلى ارتكاب المذابح ضد المدنيين، لكن شعب فلسطين سوف يستمر في المقاومة حتى يحرر أرضه.