الأمان المفقود في إسرائيل!

لأول مرة منذ نشأة الكيان يعيش الإسرائيليون الشعور بفقدان الأمان “وتوابع” الهروب من الصواريخ إلى الملاجيء وتخزين كميات هائلة من المواد التموينية وسحب النقود من أجهزة الصرف الآلية “خوفًا” من الغد أثناء الحرب.
وزادت عمليات إطلاق النار في تل أبيب وتزايدت أسباب “الهروب” من إسرائيل.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsأكذوبة ترامب.. “ريفييرا الشرق الأوسط”!
نقابة الصحفيين بمصر: انتخابات الأجر والحرية
معرض القاهرة للكتاب.. بين فخر الماضي وشكوى الحاضر
وقد ترك مئات الآلاف أوطانهم في أوروبا وأمريكا “للاستيطان” في إسرائيل “طمعًا” في الحصول على حياة “أفضل” بكل تفاصيلها..
ومن “أبجدياتها” الشعور بالأمان؛ وهو ما يمثل أزمة “حقيقية” لدى الإسرائيليين بعد طوفان الأقصى..
الانتقال والعار
نشرت صحيفة “أسوشييتد برس” تقريرًا عن فقدان الكثير في إسرائيل للشعور بالأمان
أعلنت فيه المطربة الإسرائيلية شيراز كارمل أن مغادرة إسرائيل أسهل؛ إذا قالت أن الأمر مؤقت لكنها تعرف أن الأمر ليس كذلك؛ “فالانتقال” هو المصطلح الأسهل استيعابًا والجميع يدركون تماما الضغوط الأسرية “والعار” الذي يلاحق الإسرائيليين الذين يغادرون إلى الأبد.
ويشاركها الرأي عدد متزايد من الإسرائيليين الأثرياء؛ فقد حطم هجوم 7أكتوبر 2023 أي شعور بالأمان ومعه الوعد التأسيسي لإسرائيل: أن تكون ملاذًا آمنًا لليهود في العالم.
وهو ما أصبح يُعرف باسم 11 سبتمبر لإسرائيل..
تسهيل الهروب
أكدت “أسوشيتد برس” هروب غالبية أصحاب جوازات سفر أجنبية أو وظائف في شركات متعددة الجنسيات من إسرائيل.
وقيام ميخال هاريل وزوجها أفيتال إبستاين بإنشاء موقع إليكتروني لمساعدة الإسرائيليين في الانتقال إلى كندا، بتكلفة 28 ألف دولار، وذكرت تلقيها اتصالات كثيرة “للانتقال”، من أشخاص يريدون الانتقال “بسرعة” مع عائلاتهم والاستيقاظ في الصباح “والاستمتاع” بالحياة، بينما تتزايد في إسرائيل الصدمات، ويريدون إبقاء كل شيء “سرًا”.
الردع والهجوم
قدم نتنياهو نفسه دومًا للإسرائيليين على أنه القادر على الحفاظ على أمنهم والذي سيحسن اقتصادهم ويواجه أزمة قاسية في الأمرين حاليا.
واعتقد ومعه غالبية الإسرائيليين أنه “الوحيد” القادر على بقاء إسرائيل قوية عسكريًا وبامتلاكه قوة ردع “هائلة” تُخيف الأعداء وتمنعهم من التفكير في أي هجوم على الكيان.
وتغير الوضع تمامًا منذ طوفان الأقصى وبعد أن “توقعت” عائلات الأسرى القضاء على المقاومة سريعًا واستعادة أسراهم فوجئوا بمرور الشهور قبل استعادة بعض الأسرى.
وصرح نتنياهو كثيرًا بأن من أهداف حربه على غزة استعادة ثقة الإسرائيليين في قدرة حكومتهم وجيشهم على توفير “الأمن” لهم وبعد قوله سنحميكم؛ نرى حكومته تُفاجيء الإسرائيليين بعد الاتفاق على وقف النار بإرسال رسائل لأهل القتلى الصهاينة بأنه سيتم الإفراج عن الذين قتلوا أولادكم!!
كما صرح إسحاق هرتسوغ رئيس الكيان أن الصفقة سترافقها تحديات ويجب الإصرار على الدفاع عن كل مواطنينا.
مخاوف وخذلان
بينما أعلن أسر الأسرى عن مخاوفهم من عودة نتنياهو للحرب بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار؛ حتى لا يفقد إئتلافه الحاكم خاصة بعد استقالة بن غفير وتهديد وزراء غيره بالاستقالة.
وأعلنوا عن شعورهم “بالخذلان” من حكومتهم التي كان يجب عليها “حمايتهم” أولًا من الاختطاف ثم المسارعة بأي اتفاق لعودتهم وليس لتعطيل الاتفاقات مرارًا والتباهي بذلك كما فعل بن غفير وسموتريتش اللذان أعلنا أنهما تعمدا منع صفقات لإنهاء الحرب وعودة الأسرى “أملًا” في الانتصار .
فاز نتنياهو في الانتخابات لأنه “سيد الأمن” كما يُطلق على نفسه ويؤيده أنصاره.
وقالت الأسيرة المحررة إيلانا غريستوفيتسكي إنها “خائفة” لأنها لم تسمع من نتنياهو أي التزام بإنهاء الحرب.
جريمة قتل
وذكرت صحيفة “معاريف” أن شقيق أسير إسرائيلي في غزة قال: كان من المفترض إطلاق سراح جميع المختطفين بعد ثلاثة أو أربعة أيام وليس بعد 472 يومًا، ولم يتم إطلاق سراحهم إلا عبر المفاوضات؛ وكان يمكن الانتهاء منها مبكرا وإنقاذ حياة الكثيرين. وعندما يصوت بن غفير ضد إنقاذ حياة أخي فهو متواطيء في جريمة قتل. وكثير من المختطفين قُتلوا في الأسر لأن الحكومة الإسرائيلية لم تعِدهم إلى ديارهم.
بينما قال وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش: ما زلنا “متخوفين” جدا من عواقب الصفقة على أمننا ولا يمكن إسكاتنا.
ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن عائلة الأسيرة عنبار هيمان التي يوجد جثمانها في غزة قولها: نتنياهو لم يُدرجها في المرحلة الإنسانية لأنها رمز “لفشل” 7 أكتوبر.
يشكل ما يعُرف ب “بروتوكول هانيبال” مصدرًا للشعور بعدم الأمان لدى جنود الاحتلال وأسرهم؛ حيث يفضل هذا البرتوكول “قتل” الجندي عند أسره وتم تنفيذه في حرب 2014 واعترف ضباط من لواء جفعاني بذلك.
واتهمت أم الجندي الأسير رون شيرمان الجيش الإسرائيلي بقتل ابنها بعد أسره وأنها على يقين “بتعمدهم” قتله مع محتجزين آخرين.
من دلالات فقدان الأمان إعلان وزارة الصحة الإسرائيلية تزايد تعاطي الإسرائيليين للمهدئات، وتضاعف أعداد من يلجأون للعلاج النفسي وكثير منهم من الجنود، وزيادة التهرب من الخدمة في الجيش، ورفض الجنود الاحتياطيين الذهاب للحرب والحديث عن عدم جدواها.
ولا ننسى التراجع الكبير في الشعور بالأمن الاقتصادي وهو سبب رئيسي للهجرة إلى الكيان.
وفي “تجسيد” لغياب الشعور بالأمان عند مستوطني الشمال خاصة، نذكر تهديد آفيخاي شتيرن رئيس السلطة المحلية في كريات شمونة باللجوء إلى المحكمة العليا إذا لم يتم تأجيل العودة إلى المستوطنة من أول مارس إلى أول يوليو.
وكتب آفي أشكنازي المحلل العسكري في صحيفة “معاريف” أنه بعد عام وأربعة أشهر من إخلاء المستوطنات لا يزال شمال إسرائيل يعاني، فالمحلات مغلقة، والشوارع فارغة، ولا يبدو أن السكان يريدون العودة، وسيمر الموعد النهائي ويقصد انتهاء 60 يومًا لإعلان وقف إطلاق النار مع لبنان بعد أيام قليلة ولكن الشمال فشل في “البدء” في التعافي.
بينما “سارع” الغزيون وفي جنوب لبنان بالعودة إلى ديارهم المدمرة فور وقف إطلاق النار.