الجهات المجهولة بتوزيع الدعم المصري
يمثل الدعم بالموازنة المصرية أهمية رئيسية للمواطن المصري، من خلال توفير الخبز المدعم وسلع البطاقات التموينية المجانية ومعاشات للفقراء، وهو الدعم المستمر منذ الحرب العالمية الثانية، وظلت قيمة الدعم نقطة خلاف بين مصر وصندوق النقد الدولي منذ السبعينيات وحتى الان.
ومن خلال بيانات الحساب الختامي لموازنة العام المالي 2023 / 2024 المنتهي يونيو / حزيران الماضي، يمكن الإشارة لعدد من القضايا المرتبطة بالدعم.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالكتيبة الإعلامية في غزة.. وطوفان الوعي
“جنين غراد”.. والفلسطيني المُستباح!
ورقة إعادة الإعمار.. سوريا وإيجاد الأرضية المشتركة
أولا – الدعم يمثل المركز الثالث بالإنفاق بالموازنة: يشعر من يتابع تكرار تصريحات المسؤولين عن ضخامة قيمة الدعم لتحقيق الحماية الاجتماعية، أنه يمثل البند الرئيسي بالموازنة بينما تسبقه فوائد الدين الحكومي بقيمة 1.345 تريليون جنيه، وأقساط سداد الدين الحكومي 1.283 تريليون، في حين بلغ الدعم 573 مليار جنيه، بنصيب 13 % من إجمالي الانفاق البالغ 4.4 تريليونات جنيه مقابل 31 % للفوائد.
ثانيا – الدعم التمويني يمثل 13 % من إجمالي الدعم: بلغت مخصصات دعم الخبز والبطاقات التموينية ودعم المزارعين معا، 134 مليار جنيه بنسبة 23 % من مجمل الدعم، وتوزعت باقي المخصصات على دعم الطاقة بقيمة 168 مليار جنيه والذي يستفيد منه الاغنياء قبل الفقراء، والسداد النقدي للقسط السنوي لدين الخزانة العامة للتأمينات الاجتماعية 135 مليار جنيه والذي لا يعد دعما، ومنح لجهات حكومية 25 مليار جنيه، وعلاج المواطنين علي نفقة الدولة 14 مليارا ودعم الصادرات 13 مليارا، ودعم الانتاج الصناعي وتنمية الصعيد 11 مليارا وصندوق الاسكان الاجتماعي 10 مليارات، ومكافآت لغير العاملين بالحكومة 3 مليارات ومثلها للتأمين الصحي والأدوية ، ومليارا جنيه لنقل الركاب .
توقف قيد المواليد بالبطاقات التموينية
ثالثا – الأولوية للدعم التمويني ومساعدات الفقراء: ما يهم الفقراء أكثر هو الدعم التمويني والخبز المدعم، مع ملاحظة امتناع الحكومة عن قيد المواليد الجدد بالبطاقات التموينية منذ عام 2008 وحتى الآن، أي أن أبناء الاسر الذين بلغت أعمارهم حتى السابعة عشرة لا يحصلون على مقررات تموينية، بالإضافة لتثبيت قيمة مخصصات الفرد على البطاقة التموينية بخمسين جنيها منذ عام 2017، مع رفع أسعار سلع البطاقات تدريجيا مما أدي لنقص الكميات التي يتم الحصول عليها.
أما مخصصات معاشات تكافل للأسر الفقيرة، ومعاشات كرامة لكبار السن والمعاقين ومساعدات الضمان الاجتماعي للفقراء، فقد بلغت مخصصاتها جميعا 35 مليار جنيه، وبإضافة الدعم التمويني لمعاشات الفقراء يصل الاجمالي الي 169 مليار جنيه، وهو ما يمثل نسبة 39 % من مخصصات الدعم وأقل من 4 % من الانفاق بالموازنة.
رابعا – كل الوزارات تستفيد من الدعم: حصلت وزارة الصحة على 17.4 مليار جنيه من الدعم، ووزارة التجارة 12.9 مليار والطيران المدني 10.7 مليارات والاسكان 10.4 مليارات، والسياحة 3.6 مليارات والتنمية المحلية 3.5 مليارات والتعليم العالي 1.7 مليار، والبترول 1.6 مليار والشباب والرياضة 1.5 مليار والعدل مليارواحد.
والاوقاف 915 مليونا والتعليم 791 مليونا والازهر 766 مليونا، والتعاون الدولي 286 مليونا والثقافة 252 مليون جنيه، ومبالغ أقل لكل من الموارد المائية والاتصالات والكهرباء والتموين والبيئة والصناعة والتخطيط والعمل، بخلاف المالية التي توزع كما أكبر منه على الطاقة والبطاقات التموينية وغيرها، ووزارة التضامن الاجتماعي التي توزع معاشات تكافل وكرامه والتضامن الاجتماعي.
دعم الصحافة والتمثيل التجاري والري
خامسا – اتساع جهات ومجالات الدعم: شمل الدعم العديد من الجهات منها: 10.7 مليارات جنيه لصندوق دعم الطيران المدني، و3.6 مليارات جنيه لهيئة تنشيط السياحة و1.445 مليار للهيئة الوطنية للصحافة، و391 مليونا للمجلس الأعلى للإعلام و139 مليونا للجهاز المركزي للتعمير و103 ملايين لجامعة القاهرة.
و80 مليونا لدار الاوبرا بخلاف عشرة ملايين لصندوق دعم الأوبرا ليصل نصيبها تسعين مليونا، و77 مليونا لمركز البحوث الزراعية، و45 مليونا لقطاع التمثيل التجاري و37 مليونا لدار الافتاء، ومثلها لمركز بحوث الاسكان والبناء و36 مليونا لمصلحة الري و24 مليونا لهيئة قصور الثقافة وعشرات الجهات الأخرى.
سادسا – غياب معايير واضحة لتوزيع الدعم: مع وجود 11 نوعا من المديريات الخدمية بالمحافظات التابعة للوزارات، فهناك مديريات حصلت على دعم وأخري لم تحصل عليه، فمديريات التعليم بالمحافظات السبع والعشرين حصل أغلبها على دعم بينما مديرية تعليم مطروح الأكثر احتياجا لم تحصل على شيء منه. وبمديريات الاسكان حصلت مديريتا البحر الاحمر وجنوب سيناء فقط عليه.
وبمديريات الزراعة كان بمحافظتي المنوفية والبحيرة فقط، وبمديريات الطب البيطري بخمس مديريات فقط، وحصلت مديريات الشباب والرياضة وكذلك مديريات الصحة كلها عليه، بينما لم تحصل أي من مديريات القوي العاملة ومديريات الطرق عليه.
سابعا – جهات مجهولة بتوزيع الدعم: رغم استعراض الحساب الختامي لتوزيع الدعم عبر أربع طرق، فمن الصعب من خلالها معرفة كامل خريطة توزيعه، فحسب التقسيم الاقتصادي للدعم أي حسب الاغراض والانشطة من سلع تموينية وطاقة ونقل ركاب إلخ، فهناك تجميع للبيانات مثل منح لجهات حكومية دون تحديد لها، والتي كنا نعرف من خلالها بسنوات مبارك ما تحصل عليها الأندية الاجتماعية التابعة لوزارة المالية والأندية الاجتماعية لضباط الشرطة منه، كما تضمنت بنودا بعناوين أخري بقيمة 14.5 مليار جنيه.
وحسب التقسيم الوظيفي للدعم أي حسب الجهات الحكومية التي يتجه إليها، جري دمج التقسيم من عشرة قطاعات لثلاثة فقط، وجاء القطاع الاول الامن والعدالة والحماية الاجتماعية الذي استحوذ علي نسبة 88.5 %، من الاجمالي بسطر واحد دون أية تفاصيل، بينما تم استعراض جهات القطاع الثاني البنية التحتية والشؤن الاقتصادية والبالغ نصيبه 7 % من الإجمالي، واستعراض تفاصيل جهات القطاع الثالث التنمية البشرية والبالغ نصيبه 4.5 % من الاجمالي.
وحسب التقسيم الاداري للدعم والذي يوزعه بين الجهاز الاداري المتمثل بالوزارات والإدارة المحلية والهيئات الخدمية، فقد التزم مثل التقسيم الاقتصادي بتجميع البنود، وتضمن بنودا بلغت قيمتها 12 مليار جنيه تحت مسمى أخري.
وحسب ختامي موازنة البرامج والأداء للوزارات والذي استعرض نصيب كل وزارة من الدعم كرقم إجمالي، فقد خص وزارة المالية بقيمة 461 مليار جنيه تمثل نسبة 80.5 % من مجمل الدعم للوزارات دون أية تفاصيل، وتضمن بند جهات أخري بقيمة 7 مليارات جنيه.
ولأن وزارتي الداخلية والدفاع وعددا من الجهات السيادية لم ترد بقائمة الوزارات، فلا نعرف كم حصلت كل منها على الدعم، خاصة وأن البيانات التقديرية للدعم والتي أعلنتها وزارة المالية ببداية العام المالي، كانت قد أشارت لتخصيص مليار و14 مليونا لوزارة الداخلية، و702 مليون لجهات وزارة المالية ومبالغ أخري لرئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء وغيرها، لتصبح خريطة توزيع الدعم غير مكتملة المعالم.