امنع تخريب حياتك بيديك.. إليك أهم التصرفات

«لا يمكن للحظ مساعدة من لا يفعلون شيئًا»، هذا ما قاله سوفوكليس.
يتمنى الجميع الفوز بحياة أفضل، والكثيرون من الجنسين ومن كل الأعمار يمارسون تخريب حياتهم بأيديهم، ويتجاهلون العلامات التي تؤكد أنهم يتراجعون في النجاح في العمل، وقد تتناقص مهاراتهم الاجتماعية ويخسرون نفسيًا أو صحيًا أو ماديًا…
تخريب الحياة يشمل إهدار الطاقات وتعطيل الإرادة ومنع «إعمار» الحياة وصنع الفرح وتجديد الزهوة وعدم السماح بذبولها، وجعل كل يوم إضافة وطرد الخسائر بأنواعها أولًا بأول.
نسمح بالسيطرة
من «حق» وواجب كل إنسان على نفسه أن يمنحها وقفة ليتخلص من التصرفات التي تقوده دون وعي لتخريب حياته بيديه، بينما «يستحق» أن يجعلها أحسن ما يمكنه…
نخرب حياتنا عندما نكون عبيدًا لمشاعرنا الضارة من غضب أو خوف وقلق وحزن، «ونسمح» لها بالسيطرة وأخذنا بعيدًا عما يساعدنا للتخلص منها بعد مواجهتها؛ حتى لا تُلقي بنا إلى ما يؤذينا.
اقرأ أيضا
list of 4 items- list 1 of 4كيف شكّلت إسرائيل شبكة من المثقفين المزورين؟!
- list 2 of 4من هولاكو إلى تل أبيب: إعادة إنتاج التوحش
- list 3 of 4ما بعد الزنزانة: ساركوزي وامتحان العدالة الفرنسية
- list 4 of 4أين احتفظ النبي بأخطر أسرار دولة الإسلام؟
نستطيع الانتباه والتحكم بها، ولا نبرر الخضوع لها وتصوير ما يضايقنا بأنه بشع للغاية ولا طاقة لنا بمواجهته ثم طرده والانهمام فيما يسعدنا؛ فالحياة «لن» تنسى استسلامنا للمشاعر المؤلمة، «وتُخزنها» عقولنا وقلوبنا وتدفع ثمنها صحتنا النفسية والجسدية ولو بعد حين.
أكذوبة الشغف
من التخريب المؤذي قول: «فقدت الشغف»، واتخاذه مبررًا للتكاسل وخذلان النفس وانتظار عودته؛ ولن يعود وحده أبدًا، فكما طردناه بأيدينا علينا استعادته «وحدنا». وصدق الشاعر أحمد شوقي القائل:
دقات قلب المرء قائلة له: إن الحياة دقائق وثوانِ
فلا نقل: فقدنا الشغف، ولنقل: قررنا الكسل ونبحث عن مبرر لخيانة أنفسنا وسرقة أعمارنا؛ لأن إتقان العمل والمذاكرة وتحسين القدرات لا تحتاج إلى شغف، بل إلى رغبة في النجاح والاستفادة من العمر «واحترامه» والاستعانة بالرحمن…
ثم تقوية النفس وطرد الإحباط الداخلي والخارجي «والفرار» ممن يبثون سموم السلبية، وما أكثرهم في الواقع وعبر وسائل التواصل، ونوصي بعدم محاولة إقناعهم بالكف عن ذلك؛ فسنهدر طاقاتنا وسيعكرون مزاجنا ويقومون بتعطيلنا وتسريب بعض «التخريب» إلى حياتنا.
تأجيل أو التهرب من تحسين الحياة في مختلف تفاصيلها هو نوع من التخريب «المتعمد»؛ والأسوأ الزعم أننا لا نحتاجه أو أن الجهد الذي سنبذله لا يساوي النتائج…
جدارة واستحقاق
فالواقع يؤكد أننا إن لم نتحسن فسنتراجع، ولا يوجد ما يسمى بأكذوبة «محلك سر»؛ فإما للأمام أو للخلف ولا اختيار ثالث. وأي جهد نبذله للتحسن يفيدنا، أيا كانت النتائج، فيكفي شغل العقل بالسعي للأفضل ومنعه من التفكير السلبي، وتعزيز الشعور بالجدارة وأننا نستحق الأحسن.
نوصي بطرد تخريب الحياة وترديد المقولة الغريبة: «من رضِي بقليله عاش»، وهي تزرع التراجع والتخريب في الحياة؛ فالرضى يأتي «فقط» بعد بذل كل الجهود للفوز بالأفضل.
من تخريب الحياة أيضًا رفض النصيحة والتشبث بالرأي رغم ثبوت خطئه، مع أننا في كل الأعمار يمكن أن نهدي أنفسنا الأحسن بالاستماع إلى نصيحة، فقد تفيدنا أو تقودنا لرأي أفضل.
والبعض يكون عنوانًا لما قاله الكاتب الأمريكي جورج كارلين: «السبب في أنني أتحدث مع نفسي هو أنني الشخص الوحيد الذي أقبل ردوده»!! ولا يوجد ما يضر أكثر من هذا التفكير؛ فهو كمن ينظر من ثقب الباب بينما يستطيع فتح الباب «وتوسيع» الرؤية.
فرويد والكوكايين
يجب قبول ما يخالف رأينا ممن «نثق» في إخلاصهم وحسن تفكيرهم، ومن يتجاهل النصيحة الجيدة والمخلصة يظلم نفسه ويندم بعد فوات الأوان.
نود الاستفادة من تجربة فرويد مع الكوكايين؛ فكان ينصح به مرضاه وتعاطاه شخصيًا لفترات، ثم عندما تأكد من أضراره «احترم» عمره وقام بتغيير رأيه وأعلن ذلك، ولم يتشبث بالخطأ، وطرد أهم أسباب تخريب الحياة وهو العناد ورفض التراجع عن الخطأ.
نخرب حياتنا بعدم الاهتمام بالراحة النفسية والجسدية وتهدئة العقل أولًا بأول، والاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي في الترفيه وإراحة العقل، وكثيرًا ما تتسبب في الإزعاج وملء العقل بما لا يفيده.
طحن الهم
نفضل الاسترخاء بعيدًا عن الجميع، ولو دقائق يوميًا بإغماض العينين والتركيز على التنفس بهدوء من الأنف وإرخاء الكتفين ووضع القدمين بارتياح على الأرض، وتذكير النفس بما لدينا والفرح به، وإن كان أقل مما نرغب؛ فالفرح يوسِّع الحياة ويُعمرها وغيابه يضيقها ويخربها.
يقول المثل الشعبي «يطحن الهم وينخله»، أي يخرب عمره بالتركيز على الهم ويجتر الوجع وكأنه كنز يخاف عليه من الضياع. والأذكى فعل ما يمكننا «لحصار» الهم ومنعه من التحكم في حياتنا والسعي للقضاء عليه أو تقليل الاهتمام به والتركيز على ما «يمكن» فعله لإعمار حياتنا.
من التخريب المنتشر؛ تكرار نفس التفكير ونفس ردود الأفعال وتوقع حياة أفضل؛ ويكون مثل من يستخدم الطوب القديم المتكسر لبناء بيته الجديد! فلا بد من تغيير ما ثبت بالتجربة أنه لا يفيدنا «والتفتيش» عن المفيد والمبادرة بفعله، فالعمر لن يتكرر ومن الذكاء «المسارعة» بإعماره.
نخرب حياتنا عند ترك العمر يمر بلا إنجازات تنيره، والاكتفاء بأداء العمل المطلوب وعدم فتح مجالات أوسع في العمل وفي الحياة، حتى لو بالعمل التطوعي الذي يمنح صاحبه خبرات تفيده، فضلًا عن الشعور بالرضا عن النفس والابتعاد عن «التورط» في التفكير المتواصل في الذات.
تجاهل تحذيرات «المقربين» لنا والتعامل معها «بعدوانية» وكأنهم يعتدون على كرامتنا هو من أنواع التخريب الشائعة. وكذلك التباكي على النفس واحتكار الرثاء للنفس وتصوير كل مشكلة في حياتنا وكأنها أبشع ما في الكون، والتقليل من مشاكل الغير وتجاهل أن الأناني «عدو» نفسه؛ فسينفض الناس عنه ولو بعد حين، ولا يعني ذلك تركه تمامًا، فقد يبقى معه البعض مضطرين وسيتعاملون معه كعبء يتحملونه ويسارعون بالفرار منه متى استطاعوا.
