“الخطيب” يستأذن في الانصراف.. لماذا الآن؟

محمود الخطيب رئيس النادي الأهلي المصري (رويترز)

“بيبو” يُبكي محبيه مرتين..

كانت المرة الأولى التي أبكى فيها الكابتن محمود الخطيب محبيه، في يوم اعتزاله، بوصفه لاعب كرة فذّا شديد الموهبة، قبل 38 عاما (1987)، عندما ذرف الدموع، وهو يشكر الجمهور الغفير الذي حضر إلى الاستاد في مباراة اعتزاله وتوديعه.

أما المرة الثانية فكانت يوم الجمعة الماضي 14 فبراير/شباط 2025، أثناء كلمته على هامش احتفالية أقيمت خصيصا لعرض “ماكيت” استاد الأهلي الجديد، وتحديد خطة إنشائه.

جاءت كلمات الخطيب في الاحتفالية أشبه برسالة وداع لجمهور الأهلي وأعضائه، من منصبه رئيسا للنادي، وخطوة اعتزال جديد، ليس للملاعب والنادي، إنما للدنيا بحالها!

ففي كلمته المطولة، أخبر الخطيب جمهوره ومحبيه بأنه بحاجة إلى راحة طويلة لا يعرف موعد نهايتها، يحتاج إلى إجازة مفتوحة يتفرغ فيها لمتابعة حالته الصحية التي يقول إنها تدهورت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وجعلته يتردد على الأطباء باستمرار، وقد نصحوه جميعا بضرورة الراحة، والابتعاد عن ضغوط الحياة، لكنه لم يستجب لتعليماتهم، فتحامل على نفسه، وكتم أوجاعه، وتماسك أمام الناس، من أجل أداء مسؤولياته رئيسا للنادي الأهلي.

وقال إنه شخصيا كان يخطط لهذه الراحة منذ مدة طويلة، إلا أن ظروفا طارئة حالت دون الحصول عليها، ومن تلك الظروف الوفاة المفاجئة لنائبه بمجلس إدارة النادي العامري فاروق، الذي توفي في يناير/كانون الثاني 2024 إثر إصابته بجلطة في المخ، فقد رأى أنه من غير المعقول أن يترك النادي من دون رئيس أو حتى نائب.

لم يحدد الخطيب المرض الذي يعانيه، لكنه اعترف بأنه يعاني مشكلات صحية عدة منذ مدة ليست قصيرة، وقد نصحه الأطباء بضرورة الراحة والابتعاد عن أي أعمال قد تعرّضه لضغوط نفسية وعصبية تؤدي إلى تفاقم المرض، وتضاعف من أوجاعه.

وإذا كانت طريقة عرض الخطيب لحالته الصحية، والبكاء الشديد لزوجته في الخلفية، قد أشعر كل من كان يتابع الحفل أنه يعاني مرضا خطيرا، لا قدَّر الله، فإن الأخبار التي ترددت بشأن طبيعة مرضه في السنوات الأخيرة، لم تشر قط إلى أنه يعاني أي أمراض مستعصية لا يُرجى الشفاء منها، حتى ما قيل سابقا عن أنه كان يعاني ورما في المخ، فقد ثبت أنه ورم حميد، واستُئصل بعملية جراحية ناجحة، بل إن تضارب الأنباء عن طبيعة مرضه، جعلت الناس لا تعرف بالضبط ما هو المرض الذي يعانيه الخطيب على وجه التحديد، بيد أنه قيل أخيرا إنه يعاني مشكلات في وظائف الكلى، لم تصل إلى حد الفشل الكلوي، والحمد لله. وإذا كان صحيحا ما يقال إن المرض الذي يعانيه الخطيب هو وجود خلل في وظائف الكلى وليس فشلا كلويا، فهذا ليس مرضا مقلقا أو مخيفا، يستوجب التفرغ له والاعتكاف في المنزل وانتظار القدر المحتوم، فاختلال وظائف الكلى مرض شائع جدّا، يعانيه كثير من المصريين خصوصا نتيجة التلوث، ومن ثَم فإن الحالة الصحية للخطيب لا تدعو إلى القلق أبدا، كما أنها لا تستدعي الاستئذان في الانصراف من المشهد كما يريد أن يفعل!

الخطيب يترك الأهلي في توقيت حرج

لا بد من القول هنا إن إعلان الخطيب رغبته في ترك العمل بالنادي الأهلي، والانزواء بعيدا عن الناس، يأتي في توقيت حرج جدّا وحساس للغاية، فهو يجيء قبل بضعة أشهر من الانتخابات الجديدة لمجلس إدارة النادي الأهلي، المزمع إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وهي انتخابات تأمل الأغلبية العظمى من أعضاء النادي الأهلي وجمهوره أن يخوضها الخطيب، كي يضمنوا استمراره في الأهلي أربع سنوات أخرى لاستكمال مسيرته الناجحة التي بدأها قبل ثمانية أعوام، خاصة أنه لم يظهر في الأفق أي مرشح محتمل آخر، يستطيع تحقيق ما حققه مجلس الخطيب في الدورتين الانتخابيتين السابقتين (2017 -2021) (2021-2025)، كما أنه لا يوجد فشل ملموس يدعو الخطيب أو مجلسه إلى الرحيل، بل الحاصل هو العكس، إذ يعيش النادي الأهلي الآن فترة من أفضل فتراته، سواء من حيث تحقيق البطولات، أو من خلال الإنشاءات التي أقيمت، ومحبو الخطيب من أعضاء النادي وجمهوره مستعدون لقبوله رئيسا للأهلي، حتى وإن كان يديره من سرير المرض، لا قدَّر الله. فما الداعي إلى الرحيل؟!

سر كبير

المؤكد أن هناك سرا كبيرا وراء اتخاذ الخطيب هذه الخطوة المفاجئة، فهل تعرَّض لضغوط من جهة ما أمرته بالرحيل وترك رئاسة الأهلي، بهدف إفساح الطريق أمام مرشح بعينه يقود النادي خلال الفترة المقبلة؟ احتمال وارد.

أم هي خطوة كان الخطيب يخطط لها منذ مدة، نتيجة أوضاع صعبة لا يجدي الإفصاح عنها، في ظل حقبة زمنية مريرة تعيشها الدولة المصرية، تدار فيها كل مؤسسات الدولة بـ”الريموت كنترول” عبر ضابط يتلقى التعليمات من المسؤول الكبير في البلد، ثم يبلغها إلى رؤساء المؤسسات المختلفة لتنفيذها؟ أمر ممكن.

المصدر : الجزبرة مباشر

إعلان