تعديلات قانون الرياضة وصاحب القلب الميت

في وقت انشغل فيه الوسط الرياضي المصري، بصفقة انتقال لاعب الكرة أحمد سيد زيزو من الزمالك إلى الأهلي، ومن قبلها أزمة انسحاب الأهلي من مباراته أمام الزمالك بالدوري، كان هناك من يجتمع، ليبحث ويناقش ويجهز، مجموعة كبيرة من التعديلات الجوهرية على قانون الرياضة (71 لسنة 2017) دون أن يكون هناك داع لذلك، أو ظهور طارئ، يفرض تعديله، أو المساس به.
تزيد الدهشة من إجراء تلك التعديلات، عندما نعرف أن عدد المواد التي سيطالها التعديل، تقارب التسعين مادة، في حين أن عدد مواد القانون بأكمله هو 95 مادة فقط، بما يعني أنه ليس مجرد تعديل، وإنما قانون كامل يتم إصداره.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsبسبب معدلات الإنجاب.. تركيا تدق ناقوس الخطر
الصين تنزع القناع عن العلامات التجارية الأمريكية الفاخرة
التحديثيون والمحافظون: الحالة التونسية
والقانون على هيئته الجديدة بات على وشك الظهور، بعدما اعتمد مجلس الوزراء التعديلات، ووافقت عليها لجنة الشباب بمجلس الشعب، ولن يتبقى سوى موافقة المجلس، ثم تصديق رئيس الجمهورية.
الموضوع أكبر من بند الـ8 سنوات
يظن البعض أن الهدف من إجراء تلك التعديلات، هو إعادة العمل ببند الـ8 سنوات، الذي كان معمولا به بالقانون الأسبق، ذلك البند الذي يحظر على من أمضى دورتين انتخابيتين متتاليتين (8 سنوات) في مجلس إدارة أي هيئة من الهيئات الرياضية (الأندية والاتحادات واللجنة الأوليمبية) الترشح مرة أخرى، قبل أن يمضي دورة خارج المجلس، وقد اعتبر هذا البعض، أن المقصود من هذا التعديل هو الكابتن محمود الخطيب الرئيس الحالي للنادي الأهلي تحديدا، باعتباره أمضى دورتين متتاليتين في رئاسة النادي، ومن ثم لا يحق له الترشح في الانتخابات المقبلة التي تجري في نوفمبر المقبل، وأصحاب هذا الظن، يرون أن السلطة ما كان لها أن تقدر على الإطاحة بالخطيب من الأهلي، إلا من خلال قانون، على اعتبار أن أي طرق أخرى بعيدة عن القانون، يمكن أن تجعلها تصطدم بجماهير الأهلي، وهذا ما تخشى السلطة عواقبه، متناسين أن هذه السلطة نفسها فعلت ما هو أكبر من ذلك بكثير، عندما أطاحت بالمهندس هاني أبو ريدة من رئاسة اتحاد الكرة، وهو المسنود من الاتحادين الدولي والإفريقي، باعتباره عضوا بمجلس إدارتيهما، كما نسوا أيضا أن الخطيب نفسه هو من كان قد أعفى السلطة، من الحرج ومن عناء تلك المواجهة، عندما أعلن أمام الملأ، عن رغبته في ترك النادي الأهلي، كي يتفرغ لمتابعة حالته الصحية.
ولو أن السلطة كانت معنية من الأصل، بمشاعر ورغبات الأهلي وجماهيره، لما تجاهلت طلبات مجلس إدارة النادي، بإ طلاعه على التعديلات الجديدة، قبل اعتمادها رسميا، ولو أن الذي يهمها فقط هو عودة بند الـ 8 سنوات، لما احتاجت لإجراء نحو التسعين تعديلا!
وعلى الرغم من فرض سياج من السرية على تلك التعديلات، إلا أن التسريبات التي خرجت من غرف المناقشات، تشير إلى أن أهم ما فيها، هو استحداث هيئة جديدة، يقال إن اسمها (الهيئة الوطنية للرياضة) وهي التي سيكون بيدها إدارة الشأن الرياضي بأكمله، كما هو الحال في الهيئات الأخرى المستحدثة، مثل (الهيئة الوطنية للإعلام) و(الهيئة الوطنية للصحافة)، فيما لم يعرف ما إذا كانت تلك الهيئة ستحل محل الوزارة، أم أن الوزارة ستبقى على حالها، مع تقليص أدوارها فقط؟
مستقبل الأندية الجماهيرية
لا أحد يستطيع التكهن بمستقبل الأندية المصرية الوطنية ، بعد خروج التعديلات الجديدة للنور، خصوصا الأندية الجماهيرية الكبيرة، وبالتحديد النادي الأهلي، باعتباره المؤسسة الرياضية الأكبر والأنجح في مصر والوطن العربي، والأكثر استقرارا ماديا وإداريا، إضافة إلى أنه دجاجة تبيض ذهبا، فليس بجديد القول إن الكثيرين من رجال الأعمال المصريين وغير المصريين، كانوا ولا زالوا يمنون أنفسهم بالاستحواذ عليه، بشرط وجود قوانين تحمي استثماراتهم فيه، كما تضمن لهم عدم تدخل أي من جهات الدولة في شؤونه، وهي رغبة قديمة جدا، لكن تنفيذها كان يصطدم دائما بالقوانين، التي تحظر خصخصة الأندية، أو الاستثمار فيها.
وعلى الرغم من أن الدولة وافقت مؤخرا للأندية على إنشاء شركات تجارية بهدف الاستثمار فيها وتنمية مواردها، إلا أن الموافقة كانت شفهية، غير منصوص عليها بالقانون، ومن ثم ظل المستثمرون على إحجامهم، خوفا على أموالهم، ولعل هذا هو ما جعل تجربة رجل الأعمال المعروف ياسين منصور في رئاسة شركة الأهلي لكرة القدم، يُكتب لها الفشل مبكرا جدا، حيث لم يجد منصور ما يضمن له الحفاظ على استثماراته في الشركة، أو يضمن حتى استعادته لرأس المال!
لذلك فمن غير المستبعد أن تتضمن التعديلات الجديدة، ما يٌمّكن (الهيئة الوطنية للرياضة) المستحدثة من إطلاق يدها، في تحويل الأهلي وغيره من الأندية الوطنية، خصوصا ذات الجماهيرية الكبيرة، مثل الزمالك والإسماعيلي والاتحاد السكندري والمصري البورسعيدي، إلى أندية خاصة يملكها أفراد أو شركات، حيث إن عملا دقيقا مثل هذا يحتاج لقلب ميت، وهو ما يٌتوقع أن يتوفر في تلك الهيئة، باعتبارها ستأوي إلى ركن شديد، كما هو الحال في كل الهيئات الوطنية الأخرى!