نقاط ضعفنا.. خطوات لحصارها ومنع سيطرتها علينا

من نقاط الضعف الشائعة التي يجيد الأعداء استغلالها سرعة الغضب والاندفاع (منصات التواصل)

 

يخون كثيرون أنفسهم بالاختباء وراء حقيقة أن لكل إنسان نقاط ضعف، ويبررون استسلامهم لها، والمؤكد أننا إذا لم نتحكم فيها فستتحكم فينا، ويقولون لأنفسهم سنتعايش معها؛ وكأنه يمكننا التعايش مع وحش وإن كان صغيرًا، فتركه وعدم التخلص منه سيجعله يكبر تحت رعايتنا وسيهاجمنا ويفترسنا يومًا ما.

والأسوأ من يرونها ميزة ويزرعونها في أعمارهم، ومن منا يرفض إبقاء ميزة في حياته؟

يسخر آخرون من نقاط ضعفهم ويضعفون أنفسهم بأيديهم وينزعون أسلحتهم التي يستطيعون بها تقليل تحكمها في مصائرهم.

إضعاف النفس

من المهم جدا معرفة نقاط ضعفنا ومواجهة النفس بها بأمانة وعدم التهرب من المواجهة؛ فكلما أسرعنا تمكنا بعون الرحمن من تقليل أضرارها ومنع زيادتها، فهي إن لم تقلّ فستزداد والعكس صحيح.

تتغير نقاط الضعف أحيانا وفقا للعمر وللظروف، فهي كالحرباء تتلون، وعندما ننتصر على بعضها تقفز إلينا نقاط جديدة وسنظل هكذا ما دامت الحياة.

يحاول البعض من الجنسين تزيين نقاط ضعفه، فنجد من يتهرب من دفع فواتير النجاح فيلبسه ثوب الترفع عن الدخول في صراعات، ويبرر البعض ضعفه أو إضعاف نفسه أمام الجنس الآخر بزعم تقديره للجمال!! أو لحاجتها إلى الحنان!!

يجب تجديد رفض نقاط الضعف وكراهية بقائها وليس كراهية النفس؛ فالأولى مطلوبة للتنفير منها والسعي لإزاحتها، والثانية مرفوضة لأنها تضعف النفس مما يسمح للضعف بالتمكن والتنامي.

يقوم البعض بإسقاط نقاط ضعفه على الآخرين؛ فيتهم المجتمع كله بالسلبية أو بعدم الإفصاح عن الرأي الحقيقي لصاحبه خوفًا من المحاسبة أو الانتقادات ولن يساعده ذلك في مواجهة نقاط ضعفه بل سيزيدها رسوخًا في حياته، ولو كان صادقًا مع نفسه لقال: حتى لو كان جميع الناس كذلك؛ وهذا ليس صحيحًا بالطبع، فلن أكون مثلهم وسأنهض بحياتي.

السلاح الأهم

من الخطأ الشائع تجاهل نقاط قوتنا والتركيز على نقاط ضعفنا مما يقلل الثقة بالنفس وهي من أهم أسلحتنا بعد الاستعانة بالرحمن لتقليص نقاط ضعفنا، نرفض التقليل من نقاط قوتنا وندعو إلى الفرح بها واحترامها والاعتزاز بها ودعم أنفسنا وتذكير النفس بها بلا مبالغة بالطبع والسعي لزيادتها أيضًا.

الخطأ الأسوأ هو الاكتفاء بالفرح بنقاط قوتنا وقبول نقاط الضعف بدعوى أن لا أحد كامل وهذا صحيح، ولكنه لا يتعارض مع السعي ليس للكمال، بل لتقوية النفس ومحاصرة الضعف.

لنتخيل جيشًا يركز فقط على نقاط قوته ويتجاهل نقاط ضعفه فيتسلل منها الأعداء بسهولة، وكلنا لدينا أعداء في الداخل والخارج.

فمن أعداء الداخل تأجيلُ ما يفيدنا، وتضخيم المشاكل، وتقليل الإنجازات، والتفكير طوال الوقت، والقلق الزائد، والمبالغة في حماية الأبناء؛ مما ينهكنا ويضيع طاقاتنا ويخصم من قدراتنا على مواجهة المنغصات بإيجابية وحكمة وتدرج.

أما أعداء الخارج فمنهم الحاسدون والمنافسون والكارهون لنجاح الآخرين وغيرهم.

سخرية واستغلال

من نقاط الضعف الشائعة التي يجيد الأعداء استغلالها سرعة الغضب والاندفاع عند الاستماع لما يخالف رغباتنا، والميل إلى جذب الانتباه خاصة انتباه الجنس الآخر، والرغبة الزائدة في الحصول على الإعجاب بأنواعه وتبرز أكثر في وسائل التواصل الاجتماعي، وتفضح ضعف أصحابها من الجنسين وتعرضهم للسخرية وللاستغلال بأنواعه أيضًا.

يتوهم البعض أن التحكم في الآخرين والصوت العالي ومحاولات فرض الرأي من نقاط القوة، وهي تظهر ضعف من يفعل ذلك، وقد يتظاهر البعض بالاستجابة لإشعاره بالتفوق وبالانتصار ثم يستغلونه أو يفعلون ما يريدون دون علمه.

كل هؤلاء تتضاعف قوتهم كلما تركنا نقاط ضعفنا تتنامى والعكس صحيح.

القوي حقًّا يتعامل بهدوء وبثقة بالرأي، ولا يهمه من يخالفه ما لم يتعامل معه بوقاحة، ويهتم بما يضيف إليه ولا يبعثر بعضًا من عمره في محاولات فرض رأيه، ويدعهم لما يستحقونه، وهذا لا يتعارض بالطبع مع توضيح الصواب لمن يرغب في ذلك بكلمات مختصرة ومهذبة ومقنعة.

قنابل موقوتة

كل إنسان لديه نقاط ضعف؛ كما في الجيوش والحكومات في العالم بأسره، وإن لم ينتبه إليها فستتمكن وتسيطر على عمره وتقود عقله وقلبه وتصرفاته وتستنزفه ببطء وهو لا يشعر.

التبعية للآخرين في التفكير والتصرفات والخوف من الاستقلالية؛ من نقاط الضعف التي يرفض الكثيرون من كل الأجيال الاعتراف بها، ولو فعلوا لعاشوا حياتهم الحقيقية وتنفسوا الفرح والرضا الحقيقي عن النفس عند نجاحهم في أمر ما، وسيتألمون أيضًا عند الإخفاق، ولكنهم سيتعلمون منه ولن يعيشوا أشياءَ تتحرك وفقا لإرادة وتفكير غيرهم كما يفعل الملايين في العالم.

عدم الوعي بنقاط ضعفنا يجعلنا كمن يحتضن قنابل موقوتة في حقيبته التي يحملها معه أينما ذهب، وحتما ستنفجر يومًا ما وتتسبب في أضرار لن يحملها، وما كان أغناه عن ذلك لو واجه نفسه بها وتحمل الألم المؤقت في المواجهة وابتسم لنفسه مرددًا المثل الرائع: وجع ساعة ولا كل ساعة.

فالوجع المؤقت عند اكتشاف نقاط ضعفنا سيحمينا بمشيئة الرحمن من أوجاع أشد وأقسى إذا لم نقم بردعها ومنعها من قيادة تفكيرنا وتصرفاتنا.

امنع التسلل

الحساسية الزائدة يتباهى بها البعض من الجنسين، وهي من نقاط الضعف الخبيثة فهي ليست دليلًا على رقة القلب أو الطيبة، بل تدل على عدم الواقعية والإساءة إلى النفس والتعامل وكأننا أشياء هشة سهلة الكسر وأن على الناس حمايتنا، ولن يفعل ذلك أحد؛ ليس لأن البشر سيّئون كما يردد الكثيرون، وبعضهم كذلك بالطبع، ولكن لأنه لا أحد لديه الرغبة في تحمل ضعف غيره طوال الوقت.

لن ينتصر أحد منا على كل نقاط ضعفه طوال الوقت؛ ولكن ينبغي البدء في مواجهتها وإلا فستتسلل من وقت لآخر وتتسبب في بعض الضرر، ومن الحكمة المسارعة بطردها وشعارنا: وإن عدتم عدنا.

فليقل كل منا لنفسه: سأنتبه ما استطعت لأكون سيدًا على نقاط ضعفي، ولن أكون عبدًا أو ضحية لها ما حييت.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان