نتنياهو والصهيونية المسيحية واستخدام الدين في السياسة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) ووزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو (يمين) يزوران الحائط الغربي، البراق (الاناضول)

زار وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو مع نتنياهو حائط البراق فور وصوله إلى إسرائيل، وقاما بتأدية طقوس يهودية، ووضعا ورقة في حائط البراق تمنىا فيها الانتصارات لإسرائيل.
وصرّح مايك هاكابي، السفير الأمريكي في إسرائيل، بأن التفاني تجاه إسرائيل والقناعة بأداء عمل إلهي في الأرض المقدسة ليس مزحة. وأضاف: إن دعم أمريكا لإسرائيل ليس سياسيًا فقط، ولكن لأنها «تدافع عن تقاليد إله إبراهيم». وأن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي يمثل جزءًا من معركة الخير ضد الشر… هذه ليست معركة جيوسياسية؛ هذه معركة روحية، معركة العصور؛ ليست أفقية، ليست يمينًا أو يسارًا، إنها رأسية؛ إنها معركة الجنة ضد الجحيم. يجب النظر إليها في هذا السياق وإلا فلن تفهموها.
وقال إن الشر الذي فعلته حماس ليس بسبب الضغوط السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بل لأنه شر يخرج من أشد القوى الشيطانية على الأرض!!

مساعدة الرب!


كثر استخدام الدين في السياسة «لنصرة» إسرائيل. فقالت الأوغندية جوليا سيوتندي، نائبة رئيس محكمة العدل الدولية: الرب يعتمد عليها للوقوف إلى جانب إسرائيل؛ فحرب غزة علامة على نهاية العالم، وتريد أن تكون في الجانب الصحيح من التاريخ!
تجسّد جوليا مفهوم الصهيونية المسيحية حيث يرى معتنقوها أنهم «مطالبون» بمساعدة الرب ليعود المسيح من خلال دعم الدولة اليهودية لتشمل كل فلسطين!
ولا خلاف في أن الدعم الأمريكي والأوروبي لإسرائيل منذ نشأتها وإلى اليوم، ومدّها بعوامل البقاء والاستمرار، يستند إلى المصالح المتبادلة، وتقديم كل الدعم العسكري بأحدث وأقوى الأسلحة ووسائل التدمير، وتقديم دعمٍ هام بالمخابرات.

حرب دينية


ولكن الثابت تاريخيًا أن هناك بُعدًا دينيًا لا يمكن تجاوزه «ويبرّر» استمرار هذا الدعم وتناميه، بالرغم من تزايد الرفض الشعبي العالمي لإبادة غزة وابتلاع المزيد من الأراضي في الضفة الغربية.
بعد 7 أكتوبر طالَب السيناتور الأمريكي عن الحزب الجمهوري ليندسي غراهام بتسوية إسرائيل الأمر دفاعًا عن نفسها، وأكد: «نحن في حرب دينية!» وهو مسيحي بروتستانتي حارب مع الجيش الأمريكي في غزوات العراق وأفغانستان، وطالب بقصف غزة بقنابل نووية، وأكد أن رضا الله على أمريكا مرتبط بدعم أمريكا لإسرائيل!!
وقال وزير الخارجية الأمريكي السابق بلينكن إنه لم يأتِ إلى إسرائيل كوزير خارجية أمريكا فقط، ولكن بصفته يهوديًا هرب جده من القتل.
وأعلن جيمي كارتر، الرئيس الأمريكي الأسبق عن الحزب الديمقراطي، ورونالد ريغان، الرئيس الأمريكي الأسبق عن الحزب الجمهوري، دعمهما «الصريح» للمسيحية الصهيونية. وقال بايدن جملته الشهيرة: «لو لم تكن إسرائيل موجودة، لأوجدناها»، ولا تحتاج أن تكون يهوديًا لتصبح صهيونيًا.
تعتقد الصهيونية المسيحية، التي يعتنقها الملايين من الأمريكيين، بأن قيام «إسرائيل الكبرى» سيُعجّل بظهور المسيح المُخلّص وسيسيطر الدين المسيحي على العالم.

إبادة الأعداء


يجيد نتنياهو استخدام الخطاب الديني كثيرًا كما استخدمه صهاينة غيره من قبل، ويبرّر تماديه في المقتلة، فقال: «تذّكروا ما فعله العماليق بكم». ففي التوراة يقول الرب: «لاحظت كيف عارض العماليق إسرائيل عندما صعد من مصر، فاذهب واضرب العماليق، دمر كل ما لديهم لا تعف عنهم، اقتلهم الرجل والمرأة والطفل والرضيع والحمار على حد سواء».
وصف نتنياهو محور المقاومة بأنهم شياطين، وبأنه سينتصر عليهم حتى لو كان الله معهم! وأضاف: «أريد أن يعرف جميع أعدائنا ما هو مكتوب في كتبنا المقدسة، سأطارد أعدائي وألاحقهم ولن أعود إلى أن أبيدهم كما كتب في التوراة». وسنحقق نبوءة إشعياء: «ورد محفوظي إسرائيل. فقد جعلتك نورًا للأمم لتكون خلاصي إلى أقصى الأرض».

استغلال الدين


يُستخدم الدين في السياسة لتحفيز العاطفة الدينية عند اليهود والمسيحيين المتعاطفين مع اليهود، مع تجاهل أن الحريديم، وهم اليهود المتدّينون الذين يتفرّغون لنقل تعاليم اليهودية للأجيال الجديدة، يرفضون التجنيد في الجيش الإسرائيلي وهددوا بالانسحاب من الحكومة إذا أُجبروا على التجنيد الإلزامي وتظاهروا بعنف ضده.
وفي مشهد لاستغلال الدين حمل نتنياهو وزوجته سارة ووزير الخارجية الأمريكي الفؤوس في نفق جنوب المسجد الأقصى لافتتاح «طريق الحج» التاريخي الذي يؤدي إلى «الهيكل اليهودي» المزعوم.
ويعبر المستوطن الإسرائيلي بنحاسي بارون عن أحلام الصهيونية المسيحية فيقول: «دور شعب إسرائيل هو احتلال كل الأرض وطرد كل من ليس يهوديًا منها؛ فأرض إسرائيل تعني كل مكان ذهب إليه النبي إبراهيم»، أي فلسطين ولبنان وأجزاء من سوريا والعراق والسعودية!

خادم الرب!


تضم الصهيونية المسيحية بعض الطوائف مثل البروتستانتية والإنجيلية، التي تحرص على دعم الصهيونية وتتبنّى الدفاع عن وجود إسرائيل بكل قواها المالية والإعلامية والدينية. ولا ننسى الترحيب المبالغ به بخطاب نتنياهو في الكونجرس الأمريكي، والتصفيق الطويل له وغالبية الأعضاء واقفين. كما يعلن نتنياهو دائمًا أنه «خادم الرب»، وأن القدس ستكون العاصمة كما كانت أيام النبي داوود منذ ثلاثة آلاف عام!
إريك وارسو، ضابط أمريكي سابق، قال: «لا يوجد صهيونية مسيحية؛ الصهيونية ضد المسيحية، إنهم يكرهوننا، ويبصقون على المسيحيين في إسرائيل»، بعكس المسلمين الذين يحبون المسيح.

دكاكين الصهاينة


يؤكد ارتداء رؤساء أمريكيين ووزراء خارجية سابقين «الكيباه اليهودية» عند زيارة حائط البراق على دعمهم «العقائدي» لإسرائيل الكبرى. وقال السيناتور تيد كروز: «تعلمت في الكتاب المقدس أن من يبارك إسرائيل يباركه الله ومن يلعنها يلعنه الله».
بينما أكد المطران عطا الله حنا: «نرفض المسيحية الصهيونية، وهي ظاهرة خطيرة في أمريكا والغرب، فلا توجد في قاموسنا الكنسي وتتناقض مع المسيحية ديانة المحبة. الصهيونية حركة سياسية إرهابية عنصرية تسببت في نكبات شعبنا، والمسيحية الصهيونية دكاكين مسخرة لخدمة الصهاينة، وتضامنهم مع الظالمين يجعلهم خارج المسيحية التي تتضامن مع المظلومين والمضطهدين، وتناهض الظالمين».

المصدر: الجزيرة مباشر

إعلان