“مأزق ثلاثي لتل أبيب”.. تقرير يرصد بالأرقام تقارب أعداد المواليد بين المسلمين واليهود في إسرائيل
أشار تقرير نشرته مجلة (الإيكونوميست) البريطانية إلى أن الإسرائيليين -سواء كانوا يهودا أو عربا- لديهم أطفال أكثر بكثير من نظرائهم في أي مكان آخر من العالم الغني، فبينما يبلغ متوسط معدل إنجاب المرأة الإسرائيلية 2.9، يبلغ هذا المعدل لدى البريطانيات 1.6 ولدى والفرنسيات 1.8.
ومن سكان إسرائيل البالغ عددهم 9.5 ملايين، يشكل عرب إسرائيل -ومعظمهم من المسلمين- حوالي 21%، ويشكل اليهود نحو 74%، أما إذا أضيف سكان الضفة الغربية وقطاع غزة فإن الأغلبية اليهودية تنخفض إلى النصف.
وبحسب التقرير فإن هذا هو أساس مأزق إسرائيل الثلاثي، إذ لا يمكنها أن تجمع بين 3 أمور حساسة، هي: أغلبية يهودية قوية، والاحتفاظ بجميع الأراضي التي احتلتها عام 1967، وديمقراطية كاملة لا تميز ضد العرب.
Israeli and Palestinian leaders have long scrutinised birth rates due to Israel’s trilemma. It cannot have at the same time a strong Jewish majority, all the land it conquered in 1967 and full democracy that does not discriminate against Arabs https://t.co/jlg1jBdcyf
— The Economist (@TheEconomist) August 19, 2022
وفي عام 2003 أعرب رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو عن أسفه لأن معدل المواليد من عرب إسرائيل -الذي كان أعلى مما هو عليه الآن- يهدد يهودية إسرائيل، بغض النظر عن الاتجاه السائد في الضفة الغربية وغزة.
وفي ذلك الوقت كانت هناك بالفعل فجوة ديمغرافية واسعة. ففي إسرائيل نفسها، كانت النساء العربيات ينجبن نحو ضعف عدد أطفال النساء اليهوديات، لكن هذه الفجوة ضاقت في العقود القليلة الماضية، حيث انخفض معدل مواليد عرب إسرائيل وارتفع معدل مواليد اليهود.
ووفقًا لمركز بيو للأبحاث، يتمتع المسلمون عالميًّا بأعلى معدل خصوبة مقارنة بأي مجموعة دينية. ومع ذلك، فقد انخفض هذا المعدل بشكل حاد، من 4.3 في عام 1995 إلى 2.9 في عام 2015، وكانت 7 دول عربية من بين 12 دولة سجلت أكبر انخفاض في معدلات الخصوبة في العالم بين أواخر السبعينيات ومنتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وهذا يجعل ارتفاع معدل المواليد لدى اليهود الإسرائيليين أكثر إثارة للدهشة وفق التقرير. فبين عامي 1960 و1990، انخفضت خصوبتهم من 3.4 إلى 2.6، لكنهم بدؤوا بعد ذلك يسيرون عكس هذا الاتجاه، مما أدى إلى ارتفاع معدل المواليد ليصل إلى مستواه الحالي البالغ 3.1.
ويرجع التقرير أغلب أسباب هذه الزيادة إلى العدد المتزايد لليهود المتدينين (الحريديم) في إسرائيل، الذين يبلغ معدل الخصوبة لديهم 6.6، أي أكثر من ضعف المعدل القومي وثلاثة أضعاف معدل اليهود العلمانيين.
ومثل هذه النتائج قد ترضي الحاخامات والقوميين اليهود، لكنها تغير طابع إسرائيل وتهدد اقتصادها بحسب التقرير، إذ يرسل غالبية اليهود الأرثوذكس المتشددين أولادهم لدراسة التوراة في المدارس الدينية بدلًا من تعليمهم المواد اللازمة لوظائف الاقتصاد الإسرائيلي مثل الرياضيات والعلوم، كما أن أقل من نصف الرجال الحريديم يدخلون القوى العاملة، ويواصل معظمهم دراسة النصوص القديمة وغالبًا ما يتم دعمهم ماليًّا من قبل زوجاتهم ومن الدولة.
لكن التقرير يرى أنه من الصعب تفسير سرّ إنجاب اليهود الإسرائيليين العلمانيين أيضًا عددًا من الأطفال أكثر من المعتاد. وقد يكون سبب ذلك هو تشجيع الدولة على إنجاب الأطفال عن طريق تمويل علاج الخصوبة على سبيل المثال.