“قناة بنما” وتاريخ من الصراع.. ماذا يريد ترامب؟

تربط قناة بنما بين المحيط الأطلنطي والمحيط الهادي
تربط قناة بنما بين المحيطين الأطلسي والهادي (أسوشيتد برس)

تُعَد قناة بنما من أهم وأعظم الإنجازات الهندسية في العالم، باعتبارها ممرا مائيا مهمّا يربط بين المحيط الهادي ومنطقة بحر الكاريبي، وبوابة ومركزا رئيسيا للنقل التجاري والعسكري في العالم، يصل بين الأمريكتين الشمالية والجنوبية، ويسهّل عبور التجارة البحرية بين دول العالم.

أين تقع قناة بنما؟

تقع قناة بنما في دولة بنما، ويبلغ طولها 77 كيلومترا، وتمتد من خليج ليمون في المحيط الأطلسي إلى خليج بنما على المحيط الهادي، ويبلغ أضيق جزء من القناة في معبر جيلارد 150 مترا، وأوسع جزء منها يقع في بحيرة غاتون يبلغ 422 كيلومترا مربعا.

ويتراوح الوقت الذي تستغرقه السفن لعبور القناة بين ثمان وعشر ساعات، وتتوفر على ثلاثة محابس مائية يُطلَق عليها اسم “أهوسة”، تمر عليها السفن الضخمة عندما يكون هناك اختلاف بين منسوب المنطقة التي توجد بها السفينة.

ولا يتجاوز غاطس السفن في القناة 12 مترا، ويتطلب تعويم باخرة واحدة عبر “محابس” القناة أكثر من 190 مليون لتر من المياه العذبة.

وقد اتجهت السلطات البنمية بين عامي 1998 و2015 إلى خفض حجم السفن العملاقة المسموح لها بالمرور بالقناة بسبب ظروف مناخية أدت إلى خفض مستويات المياه في بحيرتي غاتون وألاخويلا، وأثّرت على نحو 20% من حجم حركة القناة.

في عام 1986 شرعت الولايات المتحدة واليابان وبنما في إجراء دراسات لمقترحات بشأن توسيع القناة، أو شق قناة جديدة على مستوى سطح البحر، فالقناة ليست بالاتساع الكافي لمرور ثنائي الاتجاه، وفي عام 1992 بدأ العمل في توسعة القناة.

جذور فكرة قناة بنما

ظهر أول المقترحات من أجل إنشاء قناة تعبر برزخ بنما عام 1543، عندما أمر ملك إسبانيا كارلوس الخامس بدراسة مسار بنما من أجل تسهيل عملية التجارة البحرية من إسبانيا إلى بيرو وبالعكس، ويوفر تسهيلات عسكرية تكتيكية للإسبان ضد البرتغال.

وخلال رحلة استكشافية بين عامي 1788 و1793، انتهى أليساندور مالاسبينا من خطط إنشاء القناة، ونظرا لموقع القناة الاستراتيجي والإمكانات المتوفرة فيها، فقد تعددت محاولات إجهاض شق هذه القناة بإنشاء خط تجاري بري، إلا أن الظروف القاسية في ذلك الوقت أعاقت تلك المحاولات.

وفي عام 1849 تم اكتشاف الذهب في كاليفورنيا، الأمر الذي أعطى أهمية كبيرة لوجود القناة لدورها في تسهيل عبور السفن بين المحيطين الأطلسي والهادي.

وتم بناء سكة حديدية عام 1855 في بنما، أصبحت هي الرابط البري الحيوي بين بنما ونصف الكرة الغربي، وسهّل هذا الأمر من تنقل التجارة بشكل كبير، وقلل من أهمية فكرة القناة.

قناة بنما بين المحيطين الأطلنطي والهادي
قناة بنما بين المحيطين الأطلسي والهادي (الجزيرة)

من هو مؤسس قناة بنما؟

بدأت أول محاولة لشق القناة عن طريق مقاطعة كولومبيا في الأول من يناير/كانون الثاني عام 1881، وصُمّم مشروع القناة ليكون على مستوى سطح البحر، وكان تحت قيادة فرديناند ديليسبس الذي قام بإنشاء قناة السويس بتمويل كبير ودعم من باريس في ذلك الوقت.

لكن الشركة الفرنسية بعد أن دفعت نحو 300 مليون دولار لإنشاء القناة، وخسارة نحو 25 ألف شخص كانوا يعملون في حفر القناة بسبب الأمراض المنتشرة مثل الملاريا والحمى الصفراء والانهيارات الصخرية، أعلنت إفلاسها في 15 من مايو/أيار عام 1889.

وفي عام 1894، قامت شركة فرنسية أخرى بتولي مشروع إنشاء القناة إلا أنها فشلت لاحقا كذلك.

قناة بنما في أمريكا الوسطى
قناة بنما في أمريكا الوسطى (الفرنسية)

أمريكا وشق قناة بنما

في أغسطس/آب 1902، اشترت أمريكا حقوق قناة بنما من الفرنسيين. وفي 22 من يناير/كانون الثاني 1903، قام وزير الخارجية الأمريكية جون هاي، ووزير الخارجية الكولومبي توماس هيران بتوثيق معاهدة “هاي هيران”، التي تعطي الولايات المتحدة الحق في استئجار القناة بعقد قابل للتجديد إلى الأبد، وصدَّق مجلس الشيوخ الأمريكي على تلك المعاهدة في 14 من مارس/آذار 1903.

ومنعت الولايات المتحدة السفن الكولومبية من التحرك في الممرات البحرية الأمريكية للضغط على الحكومة الكولومبية من أجل السماح لها بالاستحواذ على مشروع قناة بنما، وبالفعل قامت الحكومة الكولومبية بتوقيع اتفاقية “هاي بوناو فاريلا”، التي تمنح الحكومة الأمريكية حق إنشاء القناة وإدارتها إلى أجل غير مسمى.

قناة بنما تختصر المسافة من 20 ألف كم إلى أقل من 9000 كم
قناة بنما تختصر المسافة من 21 ألف كيلومتر إلى أقل من 9000 كيلومتر (رويترز)

وانتهت أعمال شق القناة عام 1914، وعملت على تقصير مسافة رحلة السفن بين مدينة نيويورك وسان فرانسيسكو إلى 8370 كيلومترا، حيث كان على السفن قبل شق القناة أن تبحر حول أمريكا الجنوبية قاطعة نحو 21 ألف كيلومتر.

وبعد نحو 85 عاما من السيطرة الأمريكية على إدارة قناة بنما، انتقلت إدارتها إلى لجنة مشتركة أمريكية بنمية عام 1979، ثم تسلمت بنما إدارتها نهائيا في 31 ديسمبر/كانون الأول 1999.

تهديدات ترامب وقناة بنما

اتهم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بنما بفرض رسوم باهظة مقابل استخدام القناة، وقال إنه إذا لم تدر بنما القناة بطريقة مقبولة فسوف يطالبها بتسليمها.

وكتب ترامب على منصته (تروث سوشيال) “الرسوم التي تفرضها بنما سخيفة، خاصة بالنظر إلى الكرم الاستثنائي الذي قدمته الولايات المتحدة لها”.

 

وأشار إلى أن الولايات المتحدة هي المستخدم الأول للقناة، إذ تتجه أكثر من 70% من عمليات العبور من الموانئ الأمريكية وإليها. وأنشئت بتكلفة ضخمة على الولايات المتحدة من حيث الأرواح والأموال، إذ مات 38 ألف أمريكي أثناء عملية الإنشاء.

وأضاف ترامب “تم التعامل مع قواتنا البحرية والتجارة بطريقة غير عادلة وغير حكيمة للغاية. إن الرسوم التي تفرضها بنما سخيفة، لا سيما مع الأخذ في الاعتبار الكرم الاستثنائي الذي منحته الولايات المتحدة إلى بنما. وهذه السرقة الكاملة لبلدنا سوف تتوقف على الفور”.

وأكد أن للولايات المتحدة مصلحة راسخة في التشغيل الآمن والفعال والموثوق للقناة، متابعا “لن ندعها تقع في الأيدي الخطأ أبدا. وإذا لم يتم اتباع المبادئ الأخلاقية والقانونية لهذه البادرة الكريمة من العطاء، فسنطالب بإعادة قناة بنما إلينا بالكامل، دون أدنى شك”.

المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع إلكترونية

إعلان