مخيم الشاطئ.. منشأ قادة المقاومة وموطن الشهداء
منه خرج الشيخ أحمد ياسين وإسماعيل هنية.. إعداد وتأهيل للتخرّج برتبة “شهيد”

نشأ فيه الشيخ الشهيد أحمد ياسين، مؤسس حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وولِد فيه الشهيد فتحي الشقاقي مؤسس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وولد فيه إسماعيل هنيّة رئيس المكتب السياسي لحماس، وأبو يوسف القوقا الأمين العام لألوية الناصر صلاح الدين، وصلاح شحادة أحد مؤسسي كتائب القسام -الجناح العسكري لحماس- وإسماعيل أبو شنب أحد مؤسسي حماس، وسعيد صيام وزير الداخلية بحكومة حماس الذي اغتيل عام 2009.
سبب تسمية مخيم الشاطئ
سُمي المخيم بمخيم الشاطئ لأنه يقع بمحاذاة شاطئ البحر الأبيض المتوسط، كما يسميه سكان قطاع غزة “معسكر الشاطئ”.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsفي ذكرى يوم الأرض.. حماس: متجذرون في أرضنا التاريخية ولا شرعية للاحتلال على شبر منها
توقعات جمهور الجزيرة مباشر بشأن صفقة التبادل بين حماس وإسرائيل (فيديو)
الجزيرة 360.. كيف استخدمت إسرائيل العمارة أداة للاحتلال؟
وهو يقع في منطقة السهل الساحلي شمال غربي مدينة غزة، ويبعد عنها 4 كيلومترات، ويتبع إداريًّا لها، ويمتد إلى ساحل البحر المتوسط، ويرتفع عن مستوى سطح البحر بنحو 25 مترًا.

موقع مخيم الشاطئ
أقيم المخيم لإيواء ما يقارب 23 ألف لاجئ، كانوا يقيمون في ثلاثة مخيمات متفرقة داخل مدينة غزة، الأول مخيم “حلزون” غرب السرايا، والثاني مخيم “الجميزات” جنوب مستشفى الشفاء، والثالث مخيم “قرقش” شمال ملعب اليرموك، بجانب عدد من اللاجئين من مناطق متفرقة في غزة.
وتوسّع المخيم وأصبح متاخمًا لأحياء غزة، مثل حي العطاطرة من مدينة جباليا شمالًا، وحي التفاح شرقًا، ومن الجنوب والجنوب الشرقي حي الزيتون، وغربا البحر المتوسط، على امتداد 5 كيلومترات.
وتبلغ مساحة المخيم نحو خمسة آلاف كيلومتر مربع، ويعدّ ثالث أكبر مخيمات اللاجئين في قطاع غزة، وأكثرها اكتظاظا بالسكان، وتشرف عليه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
سكان مخيم الشاطئ
حين تأسس المخيم بلغ عدد سكانه 23 ألفًا من اللاجئين المهجرين من القرى والمدن الساحلية الواقعة في جنوب فلسطين ووسطها التي تتبع أقضية غزة وبئر السبع ويافا، وجاء قليل منهم من منطقة الشمال. ومن هذه القرى والمدن: هربيا وبربرة وبرير والجورة ودير سنيد ودمرة والجية وجولس والسوافير والمجدل وحمامة وأسدود والبطاني وعبدس وسمسم وهوج وكرتية والمسمية ويافا واللد والرملة والخصاص ويبنة وغيرها.
وقامت إسرائيل عام 1970م بترحيل 1300 عائلة من سكان المخيم إلى مشروع إسكان حي الشيخ رضوان، وفي عام 1971م قامت سلطات الاحتلال بهدم وإزالة 2263 غرفة تسكنها 804 عائلات تضم 4836 لاجئًا.
وبلغ عدد سكانه حسب تقديرات جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني منتصف عام 2023 نحو 47 ألفًا، لكن الأونروا ذكرت في موقعها أن عدد اللاجئين القاطنين في المخيم المسجلين لديها بلغوا نحو 95.8 ألف نسمة.
وتقول الأونروا إن مخيم الشاطئ ثالث أكبر مخيمات اللاجئين الثمانية في قطاع غزة، وهو من أكثر المخيمات اكتظاظا بالسكان.

مخيم الشاطئ في مواجهة الحصار
أدى الحصار المفروض على قطاع غزة إلى زيادة معدلات البطالة بشكل كبير؛ مما فاقم من معاناة اللاجئين في مخيم الشاطئ؛ حيث انخفض عدد الأسر التي تمكنها إعالة نفسها، وهو ما جعل نسبة كبيرة من السكان تعتمد على المعونات الغذائية التي تقدمها الأونروا.
كما أثرت القيود الإسرائيلية المفروضة على المساحة المخصصة للصيد بشكل خاص على مخيم الشاطئ. وقد أدى انخفاض كميات الصيد إلى فقدان العديد من سبل العيش وزيادة معدلات الفقر.
إضافة إلى ذلك، فإن ممارسات البحرية الإسرائيلية لفرض مساحة الصيد بما في ذلك استخدام الذخيرة الحية، قد أثارت العديد من المخاوف التي تتعلق بالحماية، وقد وقعت بالفعل عشرات الإصابات بين الصيادين الفلسطينيين، وفقًا للأونروا.
مؤسسات مخيم الشاطئ
يضم المخيم 25 مدرسة، 4 منها تعمل بنظام فترة واحدة، و22 مدرسة تعمل بنظام فترتين، كما يضم 17 منشأة للأونروا، ومركز توزيع غذاء، ومركزا صحيا واحدا، ومكتب إغاثة وخدمات اجتماعية، إضافة إلى مكتب صيانة وصحة بيئة.

مخيم الشاطئ.. أزمات وتحديات
يعاني المخيم من انقطاع الكهرباء ونسبة بطالة عالية، إضافة إلى القيود التي تفرضها إسرائيل على صيد الأسماك، كما يعاني من تكدس سكاني عالٍ وتلوث في المياه وقلة موارد البناء، ويؤثر فيه الحصار على نحو كبير.
وأمام الاكتظاظ السكاني وضيق المساحة المعيشية، تُبنَى المساكن متقاربة، مع نقص في المرافق الاجتماعية العامة. وفي كثير من الحالات، اضطر السكان إلى بناء طوابق إضافية لاستيعاب عائلاتهم. وغالبا ما يتم ذلك من دون تصميم مناسب. كما تعيش الكثير من الأسر في ظروف متدنية وغير مناسبة.
مخيم الشاطئ وقيادة المقاومة
أدى المخيم دورا بارزا في مقاومة الاحتلال منذ سبعينيات القرن العشرين، كما كان له دور كبير في الانتفاضة الأولى، ومنه أُبعد أول شخص في انتفاضة الحجارة، وهو الدكتور خليل قوقا.
كما كان للمخيم دور كبير في انتفاضة الأقصى عام 2000، ومنه خرجت أول عملية فدائية بحرية بقيادة الشهيد حمدي إنصيو.
وبعد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من غزة عام 2005، شُنّت عدة هجمات وحروب على القطاع، وتعرض خلالها المخيم للقصف والمجازر واغتيال القادة.
مخيم الشاطئ من أحمد ياسين إلى إسماعيل هنية
احتضن مخيم الشاطئ كوكبة من كبار القادة الفلسطينيين، نزحت إليه مع عائلاتها أو ولدت فيه، ومنها: مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين، الذي نزح مع عائلته إلى المخيم وعاش فيه ثم انتقل إلى حي الشيخ رضوان.

ومنها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، الذي ولد في مخيم الشاطئ عام 1962 بعد أن نزحت إليه أسرته خلال النكبة، وترعرع وعاش مع عائلته فيه، واستشهد في المخيم عدد من أبنائه وأحفاده بعد طوفان الأقصى.
كما ولد في المخيم، قائد وحدة التصنيع العسكري في كتائب عز الدين القسام عدنان الغول، عام 1958 ثم انتقل مع عائلته إلى مخيم المغراقة، وكذلك القيادي في حركة حماس صلاح شحادة، الذي ولد في المخيم عام 1953، بعد أن نزحت عائلته من يافا.
لذلك ليس مصادفة، كما يقول أحد الكتاب الفلسطينيين، أن معظم سكّان غزّة يطلقون على أحياء مخيّماتهم -ومنها مخيم الشاطئ- اسم “معسكر”، فهي في حالة اللاجئين والمُهجَّرين المحشورين فيها، المضغوطين فوق فوّهة بركان، صارت معسكرات تدريبٍ وإعدادٍ وتأهيلٍ للتخرّج منها برتبة شهيدٍ.