إذا كان النصر وعدًا من الله فلماذا لا ينتصر المسلمون؟ (فيديو)
أليس النصر وعدًا لأهل الحق؟ فلماذا استعد المسلمون لغزوة بدر رغم أن بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وكيف يمكن الجمع بين إعداد الأمة فكريًّا وتربويًّا وعمليًّا واستراتيجيًّا والثقة في وعد الله تبارك وتعالى؟
يجيب عن هذا السؤال الدكتور رائد فتحي أستاذ الفقه وأصوله المدرس في المسجد الأقصى المبارك، ضيف برنامج (أيام الله) على شاشة الجزيرة مباشر، قائلًا إن نصر الله حق ووعد الله حق فالله تعالى يقول {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلْأَشْهَٰدُ}، ويقول سبحانه {حَتَّىٰٓ إِذَا ٱسْتَيْـَٔسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَآءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّىَ مَن نَّشَآءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ}، ويقول عزّ وجلّ أيضًا {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِى ٱلْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَٰرِثِينَ}، وكثير من الآيات القرآنية الأخرى التي تؤكد تأكيدا جازمًا أن النصر حليف أصحاب الحق في نهاية المطاف.
كيف نعد الأمّة؟
وتابع الدكتور رائد “فلماذا إذن الاستعداد للحرب؟ وربما كان الأدق أن نسأل كيف يمكن أن نجمع بين الاستعداد المعمول به في القرآن وبين النصر الموعود به في القرآن أيضًا؟ فالله تبارك وتعالى أمر في الكثير من الآيات بإعداد الأمة واستعدادها، بل إن سورة البقرة كاملة بمثابة إعداد منهجي واستراتيجي للأمة، ثم بعد ذلك تأتي سورة الأنفال والتوبة وسائر السور المعروفة في هذا السياق كالفتح ومحمد وغيرها”.
وأوضح ضيف البرنامج أنه على المسلمين أن ينظروا في خطاب القرآن الكريم للأمم التي جاءت قبلهم، حيث قال الله تعالى {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم}، وقال تعالى {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}، وذلك يعني أنه إن فعل المسلمون مثل ما فعلت الأمم السابقة فسيصيبهم مثل ما أصابها.
لماذا يغيب النصر عن المسلمين؟ مع د. رائد فتحي أستاذ الفقه وأصوله والمدرس في المسجد الأقصى المبارك@mogahed#أيام_الله https://t.co/puFrmxGlqF pic.twitter.com/7ZpDo9NsWu
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) April 17, 2022
وأضاف “إذن مجرد الإسلام والإيمان لا يدخل الإنسان في الحصانة التي تجعله بمنأى عن النكاية أو البلاء أو الشدة، والابتلاء هو سنة الله في رسالات الأنبياء، ولا بد أن يصل أصحاب الدعوات والأفكار حالة الحصحصة أو الغربلة يقول تعالى {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ ۗ أَلَآ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ}، وأيضًا {أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ}”.
واستخلص أن قائلًا “إذن هي سنّة الله جلّ وعلا الماضية في هذا الدين وفي كل دين: أن الله يغربل حتى يميز الخبيث من الطيب، فأما الخبيث فيركمه في جهنم وأما الطيب فله البقاء”.
متى يكون النصر قريبًا؟
وقال “إن نصر الله قريب من المؤمنين وقريب من المحسنين، ولكن لا يمكن أن نقول إن النصر قريب ممن يمتلكون إسلامًا اعتياديًّا كقوله تعالى {إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٍۢ وَإِنَّا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم مُّهْتَدُونَ}؛ لأن الذي يأخذ النصر بالمجان سيتنازل عن التمكين بالمجان، وينبغي أن تكون سيادة المسلمين للدنيا سيادة توحيد وعدل وإيمان وعمل ورأفة بالإنسانية وقيادتها إلى رحاب ربها”.
وتابع “فإذا ظن المسلم أنه صاحب نياشين ويلبس ثياب النصر والتمكين في كل مكان وزمان لمجرد أنه قد جرى على لسانه لا إله إلا الله محمد رسول الله فهذا خطأ، فلله جل وعلا سنن في الدعوات والرسالات تملؤها الابتلاءات والاختبارات”.
واختتم بالقول “الأمة تعلمت على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم الأخذ بالأسباب في النصر والتمكين، إذ أرسل يوم بدر أولا من يتابع أخبار أبي سفيان ثم يأتي على رجل مع أبي بكر فيسأله عن أخبار قريش، وكل ذلك والله تعالى وعده بالنصر والتمكين. قال تعالى {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ}”.