إذا كان الدم واحدا والألم واحدا والقِبلة واحدة فلماذا التطبيع؟ وما حكمه الشرعي؟ (فيديو)
قال أستاذ الفقه وأصوله المدرس في المسجد الأقصى المبارك الدكتور رائد فتحي إن التطبيع مع الأعداء أمر يأباه الله ورسوله، وقد حدث أكثر من مرة في تاريخ الإسلام.
وأضاف خلال لقائه مع برنامج (أيام الله) على الجزيرة مباشر، أنه “للأسف التطبيع حدث في فترة الحروب الصليبية عندما تحالفت بعض الممالك في الأندلس مع الصليبيين ضد المسلمين، وتكرر هذا في تاريخ الإسلام أكثر من مرة”.
وعن حكم التطبيع مع الأعداء، أشار فتحي إلى قوله تعالى {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}، وقال عزّ وجلّ أيضًا {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}. فالله عز وجل قد أكد في القرآن الكريم أن الولاء يكون للمؤمنين، قال تعالى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}.
وأكّد أن الموالاة يجب أن تكون للمسلمين، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”، وقال صلى الله عليه وسلم “يَدُ المسلمين على مَن سِواهم، تَتَكافَأُ دِماؤهم وأموالُهم، ويُجِيرُ على المسلمين أدْناهم، ويَرُدُّ على المسلمين أَقْصَاهم”.
وتابع “هذا ما علّمنا إياه النبي، بل إن السيرة النبوية تحدّثنا أن عبد الله بن عبد الله بن أبيّ بن سلول وقف في وجه أبيه انتصارًا للنبي صلى الله عليه وسلم. علّمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الأصل في المسلم أن يشعر بألم أخيه المسلم، لأن الأيام دول والدائرة لا ترحم، لا تشمت بأخيك فيعافيه الله ويبتليك”.
واستطرد ضيف البرنامج قائلًا “هل جزيرة العرب إلا مزيج من المهاجرين والأنصار ومزيج من أهل الشام الذين جاؤوا واستوطنوها وهل هي إلا مزيج من أهل اليمن الذين سكنوها، من يستطيع أن يقول اليوم إن أصله ينتمي إلى بلد معين؟ أنا أقيم في بيت المقدس وكثير من عائلتنا يقولون إن دمنا دم يمني، وآخرون يعيشون في مصر ودمهم أندلسي وفي الأندلس ودمهم عراقي وهكذا”.
واختتم بالقول “الدم واحد، والألم واحد، والقبلة واحدة، والنبي واحد، والقرآن واحد، فكيف نتكلم عن تطبيع يقصد به أن تكون ظهيرًا على أخيك لا ظهرًا لأخيك؟”.