شاهد: بالهجري.. استسلام آخر ممالك المسلمين في الأندلس
تأسست مملكة غرناطة بعد انهيار دولة المرابطين على يد عبد الله بن يوسف بن نصر الأحمر، الذي أصبح أول خليفة لغرناطة تحت اسم محمد الأول، الذي استمر حكمه 41 عاما بين 629 و740 للهجرة.
تعتبر مملكة غرناطة الأطول عمرا بين ممالك المسلمين في الأندلس، واستطاعت أن تحقق نجاحات باهرة توازي نجاحات ممالك الأندلس التي سبقتها إن لم تتفوق عليها.
استطاع حكام غرناطة أن يحافظوا على السلام في مملكتهم في وقت حرج حيث كانت ممالك الأوربيين في رغبة واستعداد دائمين لابتلاع غرناطة، بعد أن فتح سقوط قرطبة شهيتهم لإنهاء الحكم الإسلامي في الأندلس التي تعتبر حلقة الوصل بين أوربا وبلاد المغرب العربي الإسلامي.
حققت غرناطة الاكتفاء الذاتي بحسب شهادة الرحالة ابن بطوطة الذي وصفها بأنها مملكة قوية رغم المناوشات المستمرة مع ممالك الأوربيين وخاصة مملكة قشتالة.
ومن أبرز معالم الازدهار في مملكة غرناطة قلعة ومسجد وقصر الحمراء الذي يعد واحدا من روائع العمارة في العالم، ولا يزال يسلب لب كل من يشاهده.
بنيت قلعة وقصر الحمراء لتلبي احتياجات متعددة، فعلى الصعيد العسكري، كانت قلعة ذات أسوار منيعة، استطاع حكام غرناطة المسلمون بفضلها الحفاظ على مملكتهم من الأطماع العسكرية لقرون.
من جهة أخرى، صمم قصر الحمراء ليكون قصر الخلافة ومسجد جامع كبير، كان في أوج ازدهار المملكة منبع العلماء وملتقى الدارسين من بلاد الأندلس وبلاد المغرب، وتخرج منه أسماء كبار ليس أقلها العلامة الأندلسي الغرناطي الشاطبي ابراهيم بن موسى.
كما يضم قصر الحمراء عجائب معمارية جسدت عبقرية المهندسين والمعماريين العرب والمسلمين في بلاد الأندلس، مثل النافورة المحاطة بخمسة أسود تتدفق من أفواهها لمياه بشدة ترتبط بارتفاع الشمس خلال النهار.
وقد حاول مهندسون إسبان وأمريكيون التنقيب في الأقنية التي تغذي تلك النافورة لمعرفة سر هذا التصميم العبقري، فلم يتمكنوا من ذلك وأدى تنقيبهم إلى عطب منظومة الأقنية وتوقف المياه عن الجريان فيها.
أقيمت مملكة غرناطة المسلمة على رقعة من الأرض تضم اليوم محافظات غرناطة وملقا وألميريا الأسبانية، ويشعر سكان هذه المحافظات الإسبان اليوم بفخر كبير لوجود آثار الممالك الإسلامية الأندلسية في بلادهم، ويكنون لها ولمن أقامها الاحترام والتبجيل.
يقول المؤرخ الأسباني خوزيو أم من محافظة غرناطة الأسبانية “إذا نذكر مثلا في قرطبة، الإمام القرطبي رحمه الله وإذا ذكرنا ابن رشد، نحن في غرناطة لا ننسى أن عندنا علماء (مسلمين) نستفيد منهم الآن. فالشاطبي مثلا كان مؤرخا كبيرا وأديب”.