بحيرات الأحلام في تركيا.. هل ذهبت إليها من قبل؟ (إعلان)
تشتهر بحيرة الأحلام بمنطقة البحر المتوسط في تركيا بجمالها الرائع. فالبحيرات اللامعة المحاطة بقمم مغطاة بالثلوج، والحدائق الوطنية المليئة بالحياة البرية، والاكتشافات الثقافية المذهلة، والآثار التاريخية، والمدن القديمة، كلها تقدم رحلة تستحق التمتع بها، سواء كنت مستكشفًا متحمسًا أو باحثًا عن الهدوء.
السلام والهدوء وأجمل شروق للشمس يجعلان العطلات عند البحيرة ملاذا هادئًا لعشاق الطبيعة. ولا شك أن منطقة (بيسيديا) القديمة، التي تقع شمال جبال طوروس الغربية وتمتد عبر مدن أنطاليا وأسبرطة وبردور، تلفت الاهتمام باعتبارها “منطقة البحيرات” في البلاد، حيث تزخر بحوالي 100 بحيرة بأحجام وطابع متميزين.
وتحتفظ المنطقة بعدة كنوز ثقافية أيضًا، مع المعالم الأثرية التي تظهر بشكل مفاجئ في الوديان والغابات وقمم الجبال، فضلا عن الهندسة المعمارية السلجوقية الرائعة، والثقافة المحلية للقرى الجبلية، وفرصة رؤية إنتاج زيوت الورد واللافندر التي تجعل زيارة المنطقة مكافأة لا تُنسى.
منتجع صيفي في الجبال
مع شواطئها الرملية ومدرسة الإبحار ومطاعم الأسماك على ضفاف الماء، وجزيرة (يشيل أدا) المتصلة بالمدينة عبر طريق صغير، تشبه بحيرة (إيغردير) منتجعا على ساحل البحر المتوسط.
وتقع البحيرة التي تحاط بتلال خضراء، على بعد 35 كيلومترًا فقط من مدينة إسبرطة، في منظر جميل يتميز بمياه هادئة وصافية بلون أخضر مائل للزرقة، وتقدم مأوى ساحرًا لأولئك الذين يتوقون لاستكشاف جمال المنطقة الخلابة.
وكثاني أكبر بحيرة عذبة في تركيا، توفر هذه البحيرة ملجأ هادئًا لركوب القوارب وصيد الأسماك والسباحة، حيث تستضيف شواطئ (ألتينكوم) و(بيدري) الزوار بمخيماتها وكوخها على طول الشواطئ الرملية الصغيرة، بينما تقدم مطاعم الأسماك الصغيرة حول المدينة أطباقًا دسمة من سازان دولما (سمك الكارب المحشو بالبرغل والأعشاب) فضلا عن الجمبري الذي يكثر في المنطقة.
وتستمر الوفرة أيضًا على اليابسة، إذ يمكن للزوار شراء سلال من التفاح والخوخ والكرز والكرز الحامض، مباشرة من القرويين في البساتين الواقعة بين بحيرة إيغردير وبحيرة كوفادا.
كما تشتهر غابات جيلندوست بشكل خاص بالتفاح، ويمكن استكشافها من خلال رحلة ركوب الدراجات الهوائية الممتعة خلال موسم الحصاد في سبتمبر/أيلول، وأكتوبر/تشرين الأول.
وتجعل المناظر الرائعة للبحيرة والريف المتدحرج (إيغردير) مغرية لعشاق رياضة المشي أيضًا. لذا احمل حذاءك، وارتق بنفسك في المدينة للقيام بنزهات يومية لاستكشاف أجزاء من درب (سانت بول)، ثاني أطول مسار مشي في تركيا يمتد على طول 500 كيلومتر من بيرجي (أنطاليا) إلى يلفاج (أسبرطة).
أما رحلات القسطنطينة المتعددة، التي تمتد من آسيا الصغرى إلى روما لنشر كلمة المسيح، هي التي ألهمت هذا المسار الشهير الموسوم. وهناك العديد من المسارات الطبيعية الأخرى حول البحيرة، حيث يمكن للزائرين مشاهدة التنوع البيولوجي المذهل للمنطقة.
وتشتهر بحيرتا إيغردير وكوفادا بسكانهما من الطيور، وليس من المستغرب مشاهدة 225 من إجمالي 454 نوعًا من الطيور الملاحظة في جميع أنحاء تركيا هنا في هذا المكان.
(إيغردير) ليست مأوى فقط لعشاق الطبيعة؛ إنها تحتفظ أيضًا بثروة من الكنوز التاريخية التي تنتظر الإعجاب، حيث تقف قلعة إيغردير القديمة بفخر على جزيرة في البحيرة، مقدمة نظرة على ماضي المنطقة العريق.
وللشعور بروح المكان الحقيقية، قم بزيارة سوق (بينار بزاري)، السوق التقليدية التي يعود تاريخها إلى 800 عام، والتي تفتح فقط أبوابها من يوليو/تموز إلى أكتوبر/تشرين الأول. إنه مكان لا يضاهى لتذوق الأطعمة الشهية والكباب الذي يتم تقديمه على الأكشاك، ورؤية الفئات الرحالة الأخيرة في البلاد التي تأتي للتجارة وتخزين السلع لفصل الشتاء.
غابة أشجار السرو النائمة
تعتبر المساجد التي تحمل أعمدة خشب السرو في عهد السلاجقة كنزًا حقيقيًا للأناضول، موروثا من العصور الوسطى. والعديد منها يحمل صمود الزمن، وربما أفضل مثال على ذلك يوجد في جامع (أشرف أوغلو)، الذي يعود تاريخه إلى عام 1134.
هناك على شواطئ بحيرة (بيشهير)، يبرز نصب وحيد متألق بفخر على المدينة المحيطة به، في انتظار أن يتم اكتشافه كلؤلؤة في المحار. ويثير هذا المثال الكامل على الحجر الأصلي للحجر المعروف من السلاجقة إعجاب الزائر بفخامة بابه الرئيسي، المحاط بأعمدة مزينة بزهور اللوتس وأوراق الشجر والرمان والخرشوف المنحوتة بارتفاع في الحجر.
يدعم سقف المسجد 42 عمودًا من خشب السرو تم نقعها في بحيرة (بيشهير) لمدة 6 أشهر قبل استخدامها في البناء. ويُدرج المسجد على القائمة الاحتياطية لمواقع التراث العالمي لليونسكو ويجذب زوارًا من جميع أنحاء العالم الذين يأتون للتعجب من هذه الجوهرة المعمارية، ومن غروب الشمس الشهير على بحيرة بيشهير طوال العام.
ولا تنس أن تأخذ انعطافة صغيرة إلى أطلال قصر (كوباد آباد) على سواحل جنوب غرب بيشهير أيضًا. وقد أُنشئ كمقر صيفي لسلطان السلاجقة علاء الدين كيكوباد الأول، ويعرف القصر بألواحه المزججة المميزة التي تم استردادها في حفريات، والكثير منها يُعرض الآن في متحف (كاراتاي) في قونية.
نافورة تعمل لآلاف السنين
سيجد عشاق الطبيعة راحتهم في جمال بحيرة (بوردور)، وهي واحة مخفية تنتظر الاكتشاف، فبإمكانك أن تجوب المحيط الممتد، المحاط بالخضرة الكثيفة والنباتات الفاخرة، بينما تدير الطيور الحية سيمفونية من الأنغام الرائعة في الأفق.
وقد تكون هذه البحيرة الرائعة الممتدة على حدود محافظتي بوردور وأسبرطة ذات أهمية خاصة لعشاق الطيور، فبالإضافة إلى استضافتها لأكثر من 100 ألف طائر مائي في كل خريف وشتاء، تعتبر بحيرة بوردور هي المكان الذي يقيم فيه (60-70%) من إجمالي عدد طيور البط الأبيض المهددة بالانقراض، خلال فصل الشتاء.
ولكن عجائب المنطقة تمتد بعيدًا عن روعتها الطبيعية. فانطلق نحو أعماق البرية لاكتشاف المدينة القديمة (سجلاسوس)، ذلك الموقع الأثري الساحر المدرج ضمن القائمة المؤقتة لمواقع التراث العالمي لليونسكو، والذي يعد بنقل عشاق التاريخ إلى عصور سحيقة.
وتقع سجلاسوس بالقرب من بلدة أغلاسون الحالية (محافظة بوردور)، وكانت سجلاسوس في السابق مدينة مزدهرة في مقاطعة الرومان بيسيديا. ونظرًا لموقعها النائي، تم حمايتها من النهب في الفترات اللاحقة، وظلت واحدة من أفضل المدن القديمة المحفوظة في البحر المتوسط.
واليوم يتم إعادة بناء هياكلها الضخمة تقريبًا بالكامل، بما في ذلك نافورة (أنطونين) التي تعمل بشكل مستمر منذ عهد الرومان. وتُعتبر النافورة نموذجا فريدا للعمارة الرومانية، وتقف كشاهد على عظمة المدينة السابقة، إذ يمكن رؤية نقوشها المعقدة وتماثيلها الفخمة اليوم في متحف بوردور للآثار، إلى جانب أهم القطع التي تم حفرها في مدن بيسيديا الأخرى.
بحيرة تحمل أدلة على الحياة على المريخ
قد يكون السفر إلى المريخ خيالًا للمستقبل البعيد، ولكن يمكنك بدلاً من ذلك التفكير في زيارة بحيرة (سالدا) في تركيا اليوم، أقرب شيء إلى المريخ على وجه الأرض. وفي إطار استعدادها لمهمتها (مارس 2020)، انضم وفد من وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) إلى فريق من جامعة إسطنبول التقنية في بحيرة سالدا لدراسة شواطئها وتضاريسها، حيث توجد هناك تشابهات جيولوجية بارزة بين بحيرة سالدا وحوض جيزيرو على المريخ، إذ هبطت (روفر بيرسيفيرانس) للقيام بتنقيب المعادن.
ويمكن زيارة بحيرة سالدا اليوم كمحمية طبيعية، حيث تجتمع الرمال البيضاء ومياه اللون الأزرق الفاتح “الاستوائية”. وخلال فصل الشتاء، يرحب مركز التزلج سالدا بضيوفه بموسمه الطويل وارتفاع التزلج يتراوح بين 2054 و1910 متر.
تجارب لا يمكن تفويتها في منطقة البحيرات
حصاد الورد في مايو/أيار وحصاد اللافندر في يوليو/تموز (في قرى كويوجاك وأكتشاكوي) هو عرض حقيقي بالقرب من إسبرطة وبوردور. ولا تنس شراء مستحضرات التجميل المصنوعة من زيت الورد، فضلاً عن المربى والحلوى التركية بنكهة الورد.
مسار تراث بيسيديا هو مسار مشي يبلغ طوله 350 كيلومتراً يربط بين 12 مدينة قديمة غير معروفة بشكل نسبي في منطقة بيسيديا، بما في ذلك سيلجي، وسجلاسوس، وتيرميسوس، وبيدنيليسوس، وأنطاكية في بيسيديا (يالفاتش)، وأدادا وكيبيرا المختبئة بين الجبال والمناطق الوعرة.
وعلى بعد 25 كيلومتراً من إسبرطة، يقدم جبل دافراز ملعبا شتويا مثاليًا بمنحدراته التي تصل إجمالاً إلى 25 كيلومترًا. وخلال فصل الصيف تقدم المنطقة ملاعب كرة القدم وأماكن لرياضات التسلق ورياضات المشي لمسافات طويلة وركوب الدراجات الجبلية، بالإضافة إلى التحليق بالمظلات.
يمكنك أيضا زيارة قرية (يوكاري جوكدير) بالقرب من إغردر لرؤية أكبر غابة للبلوط في العالم تمتد على مساحة 3200 فدان، بالإضافة لقرية كارجي بالقرب من بوردور لرؤية محمية طبيعية لأشجار اللبان. وعلى طول شواطئ بحيرة كاراجورين ودام المائية القريبة، يمكنك الإقامة في فيلات وأكواخ أنيقة للاستمتاع بمناظر البحيرة الرائعة.
بحيرتا إيبر وأجيغول هما وجهتان أخريان لعشاق رصد الطيور الذين يرغبون في تتويج جولتهم ببعض الوقت الجيد في الطبيعة. وتتميز بحيرة إيبر بمئات الجزر الصغيرة حيث يمكن للطيور اللجوء، في حين تستضيف أجيغول الفلامنجو خلال هجرتها السنوية، إلى جانب أكثر من 150 نوعًا آخر من الطيور.