منتدى أستانا 2025.. كازاخستان تقود الحوار العالمي في زمن الانقسام

في لحظة يتسم فيها النظام العالمي بتزايد التعقيدات والانقسامات الجيوسياسية، برزت كازاخستان مجددا لاعبا محوريا على الساحة الدولية.
فبموقعها الاستراتيجي بين الشرق والغرب، أعادت كازاخستان تأكيد مكانتها بوصفها جسرا بين الثقافات والقوى المتنافسة، مستضيفة منتدى أستانا الدولي 2025، الذي جمع قادة سياسيين، وآخرين تنفيذيين، فضلا عن خبراء من أكثر من 50 دولة في العالم.
ويأتي المنتدى في وقت تواجه فيه التعددية والدبلوماسية التقليدية تحديات غير مسبوقة، حيث تكافح القوى الكبرى في واشنطن وبيجين وبروكسل وموسكو، للعثور على أرضية مشتركة.
وفي هذا السياق، تبرز أهمية الدول ذات النفوذ الوسيط، مثل كازاخستان، القادرة على أداء أدوار توفيقية وقيادية وسط حالة الاستقطاب الدولي.

دعوة إلى التعاون والعقلانية
وأطلق الرئيس الكازاخي قاسم جومارت توكاييف، أعمال المنتدى بحضور 6 رؤساء دول وعدد من ممثلي المنظمات الدولية.
وخلال كلمته الافتتاحية، شدد على أهمية الحوار والتفكير الاستراتيجي في مواجهة التحديات العالمية المعقدة، مؤكدا التزام بلاده بنهج التعاون البناء وسد الفجوات بين القوى المتباعدة.
وتواصل المنتدى بجلسة رفيعة المستوى بعنوان “تعزيز الترابط الإقليمي وإطلاق إمكانات التنمية”، شاركت فيها شخصيات عالمية بارزة، من بينها بان كي مون رئيس المعهد العالمي للنمو الأخضر والأمين العام الثامن للأمم المتحدة، وفولكان بوزكير رئيس الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وركزت الجلسة على وضع حلول عملية لتعزيز التكامل الإقليمي والتنمية المستدامة، بهدف تخفيف حدة الاضطرابات العالمية ومواجهة التراجع في تحقيق أهداف التنمية.
منصة للتقارب بين القوى الكبرى والوسطى
وفي حوار مع شبكة “CNN”، أكد وزير الاقتصاد الكرواتي أنتي شوشنيار، أهمية منتدى أستانا باعتباره مساحة مفتوحة لتقريب وجهات النظر بين القوى الكبرى والوسطى، وبحث استراتيجيات مشتركة لتحقيق التقدم والازدهار في بيئة دولية محفوفة بالتحديات.
وناقش المنتدى، من خلال جلسات تخصصية في الاقتصاد والحوكمة والأمن، ضرورة بناء نظام دولي أكثر شمولا وتعاونا، حيث تداخلت الأولويات والمصالح الإقليمية والوطنية، مؤكدة المسؤولية الجماعية في صياغة مستقبل أكثر استقرارا.
ولم تقتصر فعاليات المنتدى على الجلسات الرسمية، بل امتدت لتصبح مساحة ديناميكية لتبادل الأفكار وتشكيل التحالفات، خاصة في ظل التراجع في فاعلية القنوات الدبلوماسية التقليدية.

رسالة أمل في زمن الانقسام
وشكلت اللقاءات الثنائية بين كازاخستان وشركاء مثل فرنسا وإيطاليا، مثالا حيا لمساعي تعزيز التجارة والتعاون الاقتصادي المتعدد الأطراف.
وبرز منتدى أستانا الدولي 2025 منصة فاعلة تعزز دور القوى الوسطى وتعيد الاعتبار للتعددية، في وقت تزداد فيه الانقسامات العالمية.
وعلى الرغم من أن الروابط التي نشأت في أستانا لا يمكن أن تحل الأزمات العالمية فورا، فإنها تشكل خطوة حيوية نحو حوار بنّاء وتعاون مشترك، يفتح المجال أمام مستقبل أكثر ترابطا واستقرارا.