الأغنياء أم الفقراء.. من سيتأثر بحرب روسيا على أوكرانيا؟ (فيديو)

ناقش الدكتور مراد في حلقة جديدة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على حياتنا اقتصاديا ومعيشيا من خلال طرح رؤية كلية تساعد المشاهد على فهم ما يجري.

الأحداث كثيرة ومتلاحقة والأنباء متضاربة والصورة ضبابية ولا يستطيع أحد التنبّؤ بدقة بما سيحدث لأن اللاعبين كثر والأوراق مختلطة.

تغير كامل في المواقف

بعد تفاوض دام 11 شهرًا في الملف النووي الإيراني، وبعد أن كانت الدول المتفاوضة -وبينها الولايات المتحدة وروسيا- على وشك الاتفاق هذا الأسبوع، أعلنت روسيا أنها تحتاج إلى ضمان من أمريكا بعدم خضوع معاملاتها مع إيران للعقوبات التي فرضتها عليها الولايات المتحدة وأوربا كي توافق على الاتفاق في مجلس الأمن.

ومثال آخر على خلط الأوراق، فبعد الحظر الأمريكي لواردات النفط والغاز الروسي، ذهب مسؤولون أمريكيون لزيارة فنزويلا العدو اللدود لأمريكا وقابلوا رئيس جمهوريتها نيكولاس مادورو وعرضوا عليه استعداد أمريكا لخفض العقوبات على بلاده مقابل توريد حصة من صادرتها البترولية لأمريكا. وبالتالي نستنتج اختلاف المشاهد تمامًا وإعادة تشكيل العلاقات الدولية.

خسائر بالجملة

وبالرجوع إلى المشهد الاقتصادي، تجاوز سعر برميل البترول 130 دولارا، ووصل الذهب إلى أعلى سعر له في التاريخ، وكذلك المعادن، والمواد الغذائية كالقمح والذرة والزيوت وغيرها.

ويتوقع المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية في بريطانيا أن يخسر الاقتصاد العالمي حوالي تريليون دولار نتيجة الصراع في أوكرانيا، كما حذر صندوق النقد الدولي من تداعيات اقتصادية “مدمّرة”.

وأشار الصندوق إلى إن ارتفاع الأسعار سيؤثر في الجميع، لكن الأكثر تضررًا سيكون الأسر ذات الدخل المحدود التي يشكل الغذاء والكهرباء والغاز والمواصلات جزءا كبيرا من مصروفاتها.

ويرى البنك الدولي أيضًا أن ارتفاع أسعار البترول سيلحق ضررا كبيرا باقتصاد الدول النامية يمكن أن يمتد لسنوات.

ولا يقتصر هذا التأثر على الفقراء والدول النامية فقط، بل إن العالم المتقدم بدأ يشعر به بالفعل في قطاعات كثيرة كصناعة السيارات مثلا التي تعد من الصناعات الرئيسية في هذه الدول وتعتمد على المواد الخام التي تستوردها من روسيا وأوكرانيا وعلى المصانع الأوكرانية أيضًا ذات العمالة الماهرة والرخيصة نسبيا.

الأمم المتحدة تعلن بلوغ عدد اللاجئين الأوكرانين نحو مليونين
الأمم المتحدة تعلن بلوغ عدد اللاجئين الأوكرانيين نحو مليونين (الفرنسية)

ولهذا السبب وجدنا شركات مثل (بي أم دبليو) و(فولكس فاغن) قد أغلقت -في غضون أيام قليلة من بدء الحرب- عدة مصانع لها في ألمانيا والنمسا وبريطانيا بسبب نقص قطع الغيار، كما أوقفت شركة (بورش) إنتاج مصنع سيارات بورش كايين الرياضية، وأعلنت (مرسيدس بنز) أنها قامت بتقليص العمل في بعض مصانعها.

وتبعاً لإحصاء كلية الإدارة في جامعة ييل فإن 300 شركة عالمية انسحبت من السوق الروسي، منها شركة ماكندونالدز الأمريكية التي تمتلك 847 فرعًا هناك يعمل فيها 62 ألف موظف لكنها قالت إنها ستستمر في دفع رواتبهم، كما أوقفت شركات عالمية أخرى عملها في روسيا مثل بيبسي وستاربكس، ولكم أن تتخيلوا حجم الخسارة.

إذن المشهد معقد جدًا والكل سيخسر، ومن الغباء أن يعتقد الغرب أن دولة بحجم وتاريخ وإرث روسيا ستقبل الهزيمة بسهولة.

وعلى الجانب الآخر أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ردًّا مفاجئًا عندما أعلن وقف تصدير أي مواد خام أو سلع حتى نهاية هذا العام، وإذا تم تنفيذ ذلك فسيحدث كارثة على صعيد سلاسل التوريد العالمية التي لم تتعاف بعد من تداعيات جائحة كورونا.

أزمة في أوربا

بعد أسبوعين من القتال، تجاوز اللاجئون الأوكران مليوني لاجئ بحسب مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة، وستتضاعف الأعداد إذا استمرت الحرب، مما سيمثل ضغطا غير طبيعي على ميزانيات أوربا التي تعاني بالفعل جراء ارتفاع أسعار أسعار النفط والغاز.

وكذلك فإن أوربا مضطرة لإرسال مساعدات عسكرية لأوكرانيا، فضلا عن زيادة الإنفاق العسكري الخاص بها، مما سيؤثر قطعيا على موازنات هذه الدول وعلى إنفاقها على الصحة والتعليم ورفاهية المواطنين.

أمريكا نفسها ستتأثر

فارتفاع أسعار الطاقة له آثاره على تكلفة معيشة المواطن الأمريكي، فضلًا عن خسارة الشركات الأمريكية نتيجة انسحابها من السوق الروسي أو لانكماش الاقتصاد العالمي.

وبعد إعلان بايدن حظر استيراد النفط والغاز الروسي يوم الثلاثاء الماضي، قال “إنها خطوة نتخذها لإلحاق المزيد من الألم ببوتين، ولكن علينا أن نستعد لتحمل التكاليف أيضًا في الولايات المتحدة”. إذن الجميع خاسر في عملية عض الأصابع التي بدأها العالم الغربي مع روسيا.

المصدر : الجزيرة مباشر