
سلسلة أمثالنا.. “جانيك من يجني عليك” مع شاب راوي (فيديو)
وقال شبراوي: الأمثال رافدٌ مهمٌ من روافد التراث الإنساني، وفيها تتجلى صفحات من فِكر الأمم وثقافتها في شتى المجالات، وقد أورد صاحب العقد الفريد أن رجلًا، واسمه السُّليك بن السُّلكة (وهو غير السّليك الجاهلي الصعلوك) أخِذ بذنب ابن عمه، فلما وقف مكبَّلًا بين يدي الحجاج بن يوسف الثقفي، قال: أيها الأمير! لماذا أعاقَب ولست الجاني؟ فأجابه الحجاج: أما سمعت قول الشاعر (جانيك من يجني عليك/ وقد تُعدي الصِّحاح مبارِك الجُرْب)؟ قال: سمعتُ، ولكني سمعت الله يقول غير ذلك! فأطرق الحجاج وقال: ويحك! ماذا يقول الله تعالى؟
وتابع: قال السّليك للحجاج إن الله تعالى يقول {ولا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أخرى}؛ فأمر الحجاج أن يُفك قيد الرجل، وأن يُرد إليه ما صودر منه، وأن يُنادى في الناس أن صدق الله وكذب الشاعر.
واستطرد: في (حدائق الأزاهر)، ينقل لنا ابن عاصم الغرناطي رواية أخرى للقصة نفسها، وفي الجملة اختلفوا في الحكمة من قولهم “جانيك من يجني عليك”، فقيل يساوي بين المتهم والبريء، يجمع البيض كلَّه في سلة واحدة، وفي مثل هذا تقول العرب: حملتَ عليَّ ذنبَه وتركته.
وأضاف: في سياق من يؤخذ بالذنب لم تقترفه يداه، يأتي قولهم “كالثورِ يُضربُ لمّا عافتِ البقر”، أي لما عافت شربَ الماء، لم تُعاقَب هي وإنما عوقبَ الثور، وقيل الثور هنا (الطحلب)، ويقولون “ما لي ذنب إلا ذنب صُحْرَ”.. في الأمثال العامية يقال: الحسنة بتخص والسيئة بتعم، اضرب المربوط يخاف السايب، اللي ميقدرش ع الحمار يتشطّر ع البردعة!
وتناقش سلسلة (أمثالنا) الصلة بين الأمثال الشعبية في العالم العربي وعلاقتها بأصولها في الفصحى، بجانب التأثيرات الاجتماعية والثقافية في توليد الأمثال، وتعبيرها عن آمال الشعوب وآلامها.