تفاكر: العالم ينفق 1700 مليار دولار سنويا لتعديل الإنسان ثقافيا

تحدث الدكتور مصطفى المرابط في حلقة جديدة من برنامجه “تفاكر” عما سماه “ولادة الإنسان المعدل ثقافيا”.

تحدث الدكتور مصطفى المرابط في حلقة جديدة من برنامجه “تفاكر” عما سماه “ولادة الإنسان المعدل ثقافيا”.

وأفاد المرابط في برنامجه -الذي يسلط فيه الضوء على مجموعة من القضايا الثقافية المرتبطة بالعالم العربي والإسلامي وكذلك في السياق العالمي- أن الرأسمالية استطاعت أن تحول الرغبة إلى حاجة.

وأشار رئيس مركز مغارب لدراسات الاجتماع الإنساني إلى أن الرأسمالية نجحت في أن تجعل من هذه الرغبة حاجة لا يستطيع الإنسان من دونها أن يعيش متوازنا، وأدى ذلك إلى إيجاد إنسان جديد يمكن تسميته بالإنسان الاستهلاكي، واقتضت هذه العملية إحداث طفرات على مستوى البنية الثقافية للإنسان تستهدف الوعي بمراتبه وتصميم رحم يتخلق فيه هذا الإنسان المعدل ثقافيا.

وقال المرابط “نجد في منظومة قيم السوق ومعالم مجتمع الاستهلاك اتجاهين يشكلان نظاما يحمل رؤية للإنسان والعالم والطبيعة ترتكز على الفلسفة المادية والنزعة الفردانية وآلية اقتصاد السوق والتقدم التقني”.

وهذا النظام الجديد هو الذي يضمن التأثير الأنجع للإنسان الاستهلاكي من خلال طرق متعددة تأتي على رأسها الدعاية والتسويق.

وعن كيف يوجهنا الإعلان قال المرابط إن مهنيي الدعاية يستخدمون تقنيات فائقة للتلاعب بنا والتأثير فينا من أجل الإقبال أكثر لخلق حالة من الإدمان والتنويم والسحر.

واستشهد المرابط بقول فرنسوا برون إن الدعاية هي السلاح الثقافي الفعال من أجل هيمنة اقتصادية وهي السلاح الاقتصادي من أجل هيمنة ثقافية.

وأوضح المرابط أن الإعلان هو مؤسسة قائمة بذاتها تعمل على تنزيل تصورات مجتمع الاستهلاك وتفعيل قيم السوق وتثبيتها، وتقوم عليها مجموعة من التخصصات مثل علم النفس وعلم الاجتماع، وعلم التواصل، وعلم اللسانيات وعلوم الأعصاب الاقتصاد والفن، حيث إن حملة إعلانية واحدة تخضع لمسار طويل يكلف جهدا وميزانية ووقتا.

وعن حجم الإنفاق على الدعاية والإعلان قال المرابط “تقدر الميزانية العالمية للدعاية سنويا بقيمة 1.7 تريليون دولار بحسب تصريح مارتن سوريل الرئيس التنفيذي لمجموعة إس 4 كابيتال”.

ويعتبر الإعلان الرقمي على رأس القائمة وتتصدره شركات مثل غوغل وميتا وعلي إكسبريس ويمثل 1.5% من الناتج المحلي العالمي الخام، وهذه التكلفة قريبة من التكلفة العالمية للتسليح”.

ويأتي مجال الدعاية والإعلان في المرتبة الثانية عالميا من حيث الميزانية بعد التسليح المقدرة تكلفته بنحو 1981 مليار دولار سنويا.

وأشار المرابط إلى أن هذا الإنفاق الهائل يبين مركزية الدعاية والإعلان وخطورتها في استراتيجية اقتصاد السوق والمقصد العام من هذه الميزانيات هو البحث عن كيفية الوصول للإنسان لإغوائه وكيفية التأثير فيه وصناعة الإنسان الاستهلاكي وتعديل الإنسان ثقافيا.

المصدر : الجزيرة مباشر