
سلسلة أمثالنا.. “هذا ولمّا ترِدِي تِهامة” مع شاب راوي (فيديو)
وقال شبراوي: الأمثال أملتها التجربة وتناقلتها الألسن، ولم تخلُ أمّة في الأرض من قاموس أمثالٍ يؤطر جملة من أفكارها، ويأتي المثل تأكيدًا لفكرةٍ أو تثبيتًا لموقفٍ، أو لإعلاء مبدأ وتعزيز خُلقٍ، أو تحذيرًا من عاقبة.
وتابع: للأمثال في الناس تأثير السحر، إذ يفوق مفعولها أطنانًا من الكلام المباشر وإن كان بليغًا، وللأمثال القوة على البقاء لأنها عُصارة تجارِب إنسانية تذخر بالحياة.
وأضاف شبراوي: من نافلة القول إن الإنسان عجولٌ بطبعه، يقول ربنا {خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ ۚ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ}، وقال جل شأنه {وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا}. ومن ثَمَّ، فقد حثّت جملة من الأمثال على الصبر، ولما كان المتوجّع والمتأوّه في بدايات الطريق، وبينه وبين جبال تِهامة مسافاتٌ وأهوال، قيل له: هذا ولمّا تردِي تِهامة!
واستطرد: يُضرب المثلُ (هذا ولمّا تردِي تِهامةَ) لمن يجزعُ قبل وقتِ الجزع، وقد أورده أبو علي القال في الأمالي نقلًا عن الأصمعي، وأورده غيره. تقول للرجل (هذا ولما ترِدِي تِهامة)، وتقول للمرأة (هذا ولمّا تردي تِهامة)، حتى وإن خاطبت جمعًا من الناس تقول لهم (هذا ولمّا تردي تهامة) بصيغة المفرد، وذلك لأن المثل ضُرب على هذه الشاكلة في مورده.
وقال شبراوي: في مثل ذلك يقال “إنك بعد في العزاز فقم”، ويقال “تعست العجلة”، “من تأنى نال ما تمنى”، وروى ثعلب عن ابن الأَعرَابي قال: كان يقال لا يوجد العجول محمودًا، ولا الغضوب مسرورًا، ولا الملول ذا إخوان، ولا الحر حريصًا، ولا الشَّرِهُ غنيًّا. وفي الأمثال العامية يقال: التُّقل ورا يا قبّاني، وقالوا التقل صنعة، واتقل ع الزر يستوي.
وتناقش سلسلة (أمثالنا) الصلة بين الأمثال الشعبية في العالم العربي وعلاقتها بأصولها في الفصحى، بجانب التأثيرات الاجتماعية والثقافية في توليد الأمثال وتعبيرها عن آمال الشعوب وآلامها.