تنزانيا على أعتاب الانتخابات.. أبرز معالم السباق الرئاسي

في زيارتي لها الشهر الماضي؛ وجدت تنزانيا، الدولة الواقعة في شرق إفريقيا، تتمتع بهدوء نسبي عن الدول المجاورة لها، ولها تجربة سياسية أقرب للنجاح والاستقرار. وحاليًا تتأهب تنزانيا لخوض الانتخابات الرئاسية في 28 أكتوبر نشرين أول الحالي، بقائمة بها 14 مرشحًا رئاسيًا، من بينهم  “جون ماجوفولي” الرئيس الحالي لتنزانيا، الذي يترشح لفترة رئاسية ثانية.

حَكم حزب ماجوفولي، حزب CCM، تنزانيا منذ الاستقلال في عام 1961م، واكتسح السلطة في عام 2015م حيث حصل الرئيس ماجوفولي على 58٪ من الأصوات، واعدًا بإنهاء الفساد وإصلاح البنية التحتية وتوسيع شبكة الطرق والسكك الحديدية في البلاد، وارتفعت شعبية ماجوفولي بسبب إجراءاته المبكرة لمكافحة الفساد، لكن أسلوبه الصارم في الحُكم عزز لقبه؛ الجرافة أو البلدوزر، الذي لُقب به خلال فترة عمله كوزير للأشغال العامة.

 

وعد ماجوفولي في خطاب استهل ترشيحه للانتخابات القادمة، بتعزيز الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، بعد أن صعدت تنزانيا في تصنيفات البنك الدولي في يوليو تموز ؛ لتصبح دولة ذات دخل متوسط، كما وعد بتعزيز أرباح السياحة، ومواصلة إنعاش الاقتصاد الوطني، وخلق فرص عمل لثمانية ملايين شخص.

ويقول محللون إن الطرق الجديدة والسكك الحديدية ومحطات الطاقة التي نشأت في عهد ماجوفولي تمنحه فرصة للفوز بولاية أخرى، وإنه منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، منذ ظهور نظام التعددية الحزبية في تنزانيا، لم يكن هناك تطور يصل إلى الناس كما كان في عهد ماجوفولي.

 

وجِّهت لماجوفولي العديد من الانتقادات في فترة ولايته الأولى، أبرزها قمع المعارضة وحظر النشاط السياسي، ويرى خبراء أن هناك بعض نقاط الضعف عند الحزب الحاكم، تكمن في الإدارة السيئة لقضايا حقوق الإنسان وحرية التعبير وحرية الإعلام، وهذا ما تحاول المعارضة استغلاله ويمكن أن يضيف إلى قوتها، كما أن استطلاعات الرأي أظهرت انخفاض شعبية الحزب.

تشير بداية الحملة الانتخابية 2020 إلى نهاية حظر شامل، استمر أربع سنوات على النشاط السياسي في تنزانيا، حيث حظرت إدارة ماجوفولي الأنشطة السياسية في يونيو 2٠١٦

فتشير بداية الحملة الانتخابية 2020 إلى نهاية حظر شامل، استمر أربع سنوات على النشاط السياسي في تنزانيا، حيث حظرت إدارة ماجوفولي الأنشطة السياسية في يونيو 2016، بما في ذلك التجمعات السياسية.

بينما يرى الحزب الحاكم أنه تم السيطرة على الأنشطة السياسية ولم يتم حظرها، بحيث يمكن لأعضاء البرلمان ممارسة الأنشطة السياسة لدوائرهم الانتخابية فقط، لأن الحكومة أرادت التركيز على التنمية لتحقيق النمو الاقتصادي بشكل أسرع.

واعتبر مراقبون أن الحزب يفقد جاذبيته، باعتبار نتيجة انتخابات عام 2015م هي انخفاض لشعبية حزب CCM عن الانتخابات السابقة؛ التي صوت فيها 80٪ من التنزانيين لصالحه.

لقد أدى الحكم الطويل من قبل حزب واحد مهيمن إلى تحقيق الاستقرار، لكن الطلب الشعبي بالتغيير كان واضحًا في الفترة التي سبقت انتخابات عام 2015، حيث أشارت الاستطلاعات إلى وجود رغبة لدى الناخبين في تغير الوضع السياسي الراهن.

في 28 أكتوبر تشرين أول الحالي؛ هل تشهد تنزانيا تغيرًا جذريًا في القيادة السياسية؟ أم يختار التنزانيون الحزب الذي عرفوه منذ أكثر من 50 عامًا؟

من المرجح أن يكون منافسو ماغوفولي الرئيسيون هم: توندو ليسو مرشح حزب تشاديما، الذي عاد إلى تنزانيا الشهر الماضي بعد أن أمضى ما يقرب من ثلاث سنوات في بلجيكا بعد إطلاق النار عليه في محاولة اغتيال، ووزير الخارجية السابق “برنارد ميمبي”، الذي طُرِد من الحزب الحاكم  CCMفي فبراير الماضي، وقام بتحويل ولائه إلى حزب “التغيير من أجل التحالف والشفافية”.

وقال محللون أن ترشيح “تندو ليسو” هو تأكيد أنه مازال يتمتع بالسلطة داخل حزبه، فقد صنع “ليسو” اسمًا لنفسه في العام الذي سبق إطلاق النار عليه، حيث قُبض عليه ثماني مرات، ووجِهت إليه تهمة التحريض من بين تهم أخرى قبل مغادرته بلجيكا، وفي تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية قال “ليسو”: إنه سيقاتل من أجل الرئاسة. وقال إن السنوات الخمس الماضية في عهد ماجوفولي كانت صعبة بالنسبة للمعارضة ولحزبه تشاديما، من الاعتداءات على الزعماء السياسيين، والاختطاف والاختفاء والملاحقة غير القانونية لقادة المعارضة.

تتجه أحزاب المعارضة إلى صناديق الاقتراع دون اتحاد أو تحالف يساعدها على كسب المزيد من الأصوات في الانتخابات القادمة، فحتى أواخر أغسطس آب كان من المتوقع أن يشكل “ليسو” و”ميمبي” والمجلس الوطني لحقوق الإنسان تحالفًا

وتمكن “ليسو” من جذب حشود كبيرة من الناس في تجمعاته الانتخابية، واعتبر محللون أن هذا تطور كبير من حيث قدرة المعارضة على تشكيل تحدي ضد الحزب الحاكم، وأنه حتى لو لم تفز المعارضة؛ لكن أصبح لها صوتًا في الشارع السياسي.

تتجه أحزاب المعارضة إلى صناديق الإقتراع دون اتحاد أو تحالف يساعدها على كسب المزيد من الأصوات في الانتخابات القادمة، فحتى أواخر أغسطس كان من المتوقع أن يشكل “ليسو” و”ميمبي” والمجلس الوطني لحقوق الإنسان تحالفًا، لكن “ميمبي” أخبر وكالة أسوشيتيد برس في 25 أغسطس آب أنه “لم يكن هناك وقت كافٍ للأحزاب السياسية للاجتماع واتخاذ مثل هذه القرارات”.

ويرى مراقبون أن التحدي الرئيسي الذي يواجه المعارضة في تنزانيا هو الدستور، حيث تم وضع الدستور لصالح الحزب الحاكم، وفي السنوات الأخيرة ظهرت تشريعات جديدة عززت هذا الموقف، وجعلت الحياة أكثر صعوبة بالنسبة إلى  المعارضة، وكان يجب على المعارضة في هذه الانتخابات أن تلجأ إلى نوع من التعاون والتحالف، إذا أرادت أن تشكل تحديًا جادًا ضد الحزب الحاكم، ثم تتوسع بعد ذلك لتشمل أحزابًا أخرى في المستقبل.

وفي 28 أكتوبر تشرين أول  الحالي  ؛ هل تشهد تنزانيا تغيرًا جذريًا في القيادة السياسية؟ أم يختار التنزانيون الحزب الذي عرفوه منذ أكثر من 50 عامًا؟

 

 

 

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها