هل أنت مصاب بالنوموفوبيا؟

عملية تجميع الهواتف الذكية في مصنع بكساس

 

نعيشُ اليوم في طفرة تكنولوجية سريعة ومنتشرة وواسعة الأطراف. ننتظر أحدث الإصدارات التكنولوجية الحديثة بفارغ الصبر، بل وقد أصبح عدد كبير منا يشعر بالانتماء والانتشاء الى ماركات معينة لا يقتني إلا من كتالوجاتها ويفتخر بامتلاكه لها وبإنفاقه مبالغ باهظة في سبيلها.

ولكننا اليوم لن نتحدث عن التكنولوجيا وأحدث اصداراتها بل سنغوص في عالم آخر، في سراديبها المظلمة والسوداء. سنتعرض لمشكلة نفسية  منتشرة تأتي يدا بيد مع استخدامها؛ ” متلازمة نوموفوبيا”.

مع مواكبتنا للتكنولوجيا، الأمراض كذلك واكبتنا وتطورت بدورها، فأصبح هناك أمراض معينة تُلازم من يلازم هذه الأجهزة لتصنع علامة فارقة على أسلوب الحياة الذي تبنيناه بلا وعي لآثارها الجانبية والتي اصبحت ممارستها رديفة لممارسة الحياة!

لقد أصبح المعجم يضم مصطلحات خاصة تُشخص من لا يفارق أجهزته الحديثة والذي يُصاب بأعراض نفسية تماما كمن يتعرض لأزمة صحية/ نفسية. فأصبحنا نسمع عن متلازمة الابهام ومتلازمة العين الرقمية ومتلازمة دسك الرقبة وغيرها الكثير.
ولكن حديثنا اليوم سيتضمن مرضا آخر،  هو مرض معروف مجهول. مصابون به كلنا على حد سواء نعاني منه دون ان ندرك خطورته وحقيقته بل يتم الاستهانة بخطورته وجديته.

الهواتف مع فوائدها الهائلة وخياراتها المتعددة التي تسهل على الفرد الكثير والكثير إلا ان الفرد منا لم يستطع الى الآن ادراك خطورتها

إنه النوموفوبيا، أي الرهاب من فقدان الهواتف الذكية. أو الخوف من الوجود في أماكن معزولة ليس بها تغطية اتصال قوية.
بل هو الشعور بالضياع والحزن الشديد اذا ما اكتشفت نسيان هاتفك المحمول اثناء أثناء وجودك في الخارج أو الألم النفسي في حال ضياعه.

هل تدركون معنى هذا؟ ان تتعامل مع الهواتف الذكية كشخص حميم، صديق أو شيء عزيز تُذرف الدموعُ لفقدانه. أن يتم شخصنة هذا الجهاز ليصبح جزءا لا يتجزأ من حياتك. بألا تستطيع تركه لبرهة من الوقت حتى من اجل استخدام بيوت الراحة (اعزكم الله).

الهواتف مع فوائدها الهائلة وخياراتها المتعددة التي تسهل على الفرد الكثير والكثير إلا ان الفرد منا لم يستطع الى الآن إدراك خطورتها في حال استخدامها على نحو خاطئ. لقد اصبحت تدخل الفراش معنا وتفرق بين الناس في الملتقيات الاجتماعية والزيارات العائلية. بل وأصبح البيت الواحد يلتقي عبر منصات افتراضية ووسائط الاتصال التفاعلية بدلا من التحاور والنقاش والاجتماع بلا هذه الأجهزة المُنفرة الجاذبة. كما أنها تسرق منا لحظات مهمة وثّقناها على أجهزتنا ولكننا لم نعشها كما يجب بلا إضاءات الفلاشات أو هوس التنظيم لنرتب ذكرى كان واجبا علينا منحها انتباهنا بدلا من استعجال اللحظة وطيها في ألبوم يوثق مدى هوسنا بالتصوير.

صحيح انه شر لابد منه ولكن علينا وبكامل وعينا أن نعي جدية وخطورة الإدمان على الأجهزة المحمولة وايجاد الحلول المناسبة للإقلال من هذه الظاهرة والمرض الذي يعكس مدى اهمالنا أنفسنا واستغراقنا في تكنولوجيا هذا العصر.

للأسف نحن مرضى هذا العصر مرضى ب”النوموفوبيا”!