التعليم عن بعد.. الفصول الافتراضية في مواجهة كورونا

أجبرت أزمة انتشار فيروس كورونا ملايين الطلاب على التعليم الإلكتروني
طرائف "التعليم الإلكتروني" في مصر

أجبرت أزمة انتشار فيروس كورونا مئات الملايين من الطلاب على أن يقروا في بيوتهم، وتوجهت أنظار العالم إلى حل “التعليم الإلكتروني”.. فهل يكون ناجعا؟

قامت عدد من الدول بتعطيل الدراسة كليا أو جزئيا في المدارس والجامعات للوقاية من انتشار العدوى، وأصبح “التعليم عن بعد” الخيار الوحيد أمام الملايين حول العالم لإنهاء العام الدراسي حتى ظهور آفاق لحل الأزمة.

ارتبكت المؤسسات التعليمية إزاء الأزمة، حتى الدول المتقدمة لم تكن مستعدة لتعطيل الفصول الدراسية في هذا الوقت، وتقديم محتوى رقمي لهذا العدد الكبير من الطلاب، فقد كان خيار التعليم الإلكتروني أحد الخيارات التعليمية وحسب.

المناهج التعليمية متعددة الوسائط أكثر جاذبية لدى الجيل الرقمي (غيتي)
دع القلق.. وتعلم أون لاين

فما هي أهم الصعوبات التي تواجه الدول العربية في تطبيق حل التعليم الإلكتروني في مواجهة تعطيل المدارس؟

تجيب على هذا السؤال الدكتورة رانيا صوالحي باحثة ومستشارة تعليمية وحاصلة على دكتوراة من جامعة وورك البريطانية في تصريحات خاصة لموقع الجزيرة مباشر.

تشير د. رانيا إلى أن أبرز هذه الصعوبات هو “البنية التحتية”، وعدم توافر إنترنت في بعض المناطق، وعدم توافر برامج تدريبية كافية للمعلمين على أدوات التعليم الإلكتروني، وقلة الخبرات التعليمية في مواجهة المشاكل التقنية، ووجود بعض المشاكل المجتمعية مثل انتشار الغش، وعدم الالتزام بمواعيد تسليم الفروض والواجبات.

واقترحت أن تقوم وزارة التعليم في كل دولة بتقييم قدرات الطلاب والمؤسسات التعليمية على تقديم التعليم الإلكتروني، ثم تختار الخيار الأنسب للبيئة الاجتماعية للطلاب، مثل المحاضرات التليفزيونية أو المواد التعليمية على يوتيوب أو توفير المناهج عبر التطبيقات الإلكترونية.

وتوصي أولياء الأمور بعدم الفزع من تعطيل المدارس، خاصة مع انتشار فكرة التعليم الإلكتروني والمنزلي في العالم، والاستفادة من التجربة لتطوير مهارات الأبناء على التعلم، والتي قد تؤهلهم لفرص أفضل في المراحل التعليمية المتقدمة.

كما تطالب د. رانيا أولياء الأمور بالتعاون مع المعلمين ومتابعة الأبناء والتأكد من قيامهم بالمذاكرة وإنجاز فروضهم، وتنصح الطلاب بأن يكونوا أكثر  جدية في التعلم، وأن يبحثوا عن مصادر أخرى للتعلم في الدراسة، مثل خان أكاديمي وموقع IXL.

معاناة أولياء الأمور

وقد انسجمت بعض البيوت العربية مع القرار وتحولت بسلاسة إلى فصول افتراضية.

وفي المقابل، شعر عدد كبير من أولياء الأمور بالحيرة والقلق لعدم استيعابهم لطريقة استكمال الدراسة إلكترونيا، خاصة مع شيوع الفكر التقليدي الذي يصر على أن الكتاب المدرسي هو أكثر فائدة من المواقع التعليمية.

توضح د. رانيا أن معاناة أولياء الأمور وبالذات الأمهات العاملات مع جلوس أبنائهم في المنزل تتوقف على طريقة التربية، فالطفل المعتمد على نفسه دراسيا لن يعاني كثيرا عندما يجلس في المنزل ويواصل تعليمه، بينما سيعاني الطفل الذي يعتمد على أمه في المذاكرة.

وتوصي د. رانيا أولياء الأمور بضبط أعصابهم، وتقترح على الأم العاملة أن تتفق مع ابنها على قائمة مهام To Do List يوميا، ووضع أهداف وأنشطة تعليمية مع بعض الأفكار والمهام المنزلية.

اعتماد الطلاب على التعليم الإلكتروني يفتح لهم أبواب الفرص للالتحاق بالجامعات الكبرى عن بعد (غيتي)
الجيل الرقمي

يُعرف المستشار التربوي ياسر بهاء الدين التعليم عن بعد بأنه “بعد المتلقي عن المستقبل” و”بعد المتعلم عن مصدر التعلم”، وبالتالي قد يكون التواصل جغرافيا عن بعد.

وأوضح أن فكرة التعليم عن بعد ليست جديدة، وقد بدأت من خلال التعلم بالمراسلة، ثم التعليم المفتوح، ثم الانتساب، ولكن الثورة التكنولوجية ارتبطت بالتعليم الإلكتروني، وأثرت في مسيرة التعليم نفسه، حتى أصبح التعليم الإلكتروني موجودا في المدارس التقليدية.

وأكد على ضرورة عدم اقتران التعليم الإلكتروني بالكوارث وانتشار فيروس كورونا، بل ينبغي أن يرتبط بالنهضة الرقمية التي نعاصرها، لأنه تطور طبيعي للتعليم التقليدي، والجيل الجديد هو جيل رقمي متوافق مع التكنولوجيا والتعلم بأدوات جديدة.

وبين أن العملية التعليمية عن بعد تلقي بعبء كبير على المدرس حتى يصل إلى مهارات الطالب التكنولوجية، ويطور أدواته التعليمية ليجذب طلابه من خلال العصف الذهني والأسئلة المفتوحة والوسائط المتعددة.

 

تعليم عابر للمسافات

ويتميز التعليم الإلكتروني بأنه عابر للمسافات ويوفر كُلفة المنشآت والكتب الدراسية، وأكثر جاذبية ومرونة للطلاب بشرط إعداد مناهج تعليمية متكاملة ومتعددة الوسائط وذات جدول زمني محدد.

وتحدد د. منى هادي صالح في بحث بعنوان “دراسة وتحليل تقنيات التعليم الإلكتروني” أنواعا للتعليم الإلكتروني؛ فيما يلي:

التعليم الإلكتروني المتزامن: وهو تعليم إلكتروني يجتمع فيه الأستاذ مع الدارسين في آن واحد ليتم بينهم اتصال متزامن بالنص، أو الصوت أو الفيديو.

التعليم الإلكتروني غير المتزامن: وهو اتصال بين الأستاذ والدارس، ويضع الأستاذ مصادر مع خطة تدريس وتقويم على الموقع التعليمي، ثم يدخل الطالب للموقع أي وقت ويتبع إرشادات الأستاذ في إتمام التعليم دون أن يكون هناك اتصال متزامن مع الأستاذ.

التعليم المدمج: يعتمد على مجموعة من الوسائط التي يتم تصميمها لتكمل بعضها البعض، وبرنامج التعليم المدمج يمكن أن يشتمل على العديد من أدوات التعليم، مثل برمجيات التعليم الافتراضي الفوري، المقررات المعتمدة على الإنترنت، كما يتضمن الفصول التقليدية التي يلتقي فيها الأستاذ مع الطلاب وجها لوجه، ويمزج بين التعليم المتزامن وغير المتزامن.

تضاعف أرباح الشركات المقدمة لخدمات التدريب والتعليم الإلكتروني مع أزمة كورونا (غيتي)
كيف تعامل العالم مع الأزمة؟

نشرت مجلة فوربس تقريرا حول أرباح المستثمرين في مجال التعليم الإلكتروني بالصين بعد أزمة تعطيل الدراسة بسبب انتشار فيروس كورونا.

وأكد التقرير زيادة الطلب على مجالات التدريب والتعليم الإلكتروني بعد الأزمة، وتضاعف أرباح عدد من الشركات مثل شركتي TAL و New Oriental في الصين واللتين تستحوذان على حصة أكبر من سوق التعليم.

وأكد التقرير أن المستثمرين في الصين قد ضخوا ما يقرب من 3.2 مليارات دولار للاستثمار في التعليم عن بعد، ويشير المحللون إلى أنه من المرجح أن تستفيد شركات التعليم من الاهتمام المتزايد بخدماتها لبعض الوقت، بعد أن يصبح كل من الطلاب وأولياء الأمور أكثر دراية بالفصول الافتراضية، يمكن جذبهم لتجربة منتجات أخرى والدفع مقابل الخدمات في المستقبل.

ونشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية اليوم الإثنين أن عددا من الجامعات الأمريكية قد أعلنت عن تعطيل الدراسة الجزئي أو الكلي والتحول للدراسة أون لاين لحماية الطلاب من العدوى، أبرزهم جامعة ستانفورد وجامعة واشنطن وجامعة نيويورك.

اقرأ أيضا:

تجارب ملهمة لأشخاص أتقنوا اللغة الإنجليزية دون معلم

“منهج البلاي ستيشن”.. كيف يحفز “التلعيب” على التعليم؟

موقع ذو صلة:

الدورات الإلكترونية لمعهد الجزيرة للإعلام

المصدر : الجزيرة مباشر