المنطقة المركزية في مكة.. طبقية ومشروعات متعثرة

أصبح من العسير على محدودي الدخل السكن بالقرب من المسجد الحرام

جولة سريعة في المنطقة المركزية المجاورة للحرم المكي، كفيلة بأن تجعل الزائر يرى نموذجاً آخر مصغراً لمدينة لاس فيغاس الأمريكية.

هذا النموذج المصغّر، كما يراه مراقبون ومحللون، يتطاول على قدسية المكان، ويتعالى على جيوب الملايين من زوار بيت الله الحرام، الذين لا تسعفهم أوضاعهم الاقتصادية للنزول فيه، فضلا عن التجوال في أسواقه.

فعمليات إزالة العقارات المحيطة بالمسجد الحرام لصالح التوسعة الشمالية، ومشروع جبل عمر، ومشروعات أخرى متعثرة، نتج عنها تحول عدد ضخم من الأحياء التي كانت تتوفر بها فنادق اقتصادية إلى فنادق فارهة أو مواقف سيارات، ما جعل من العسير على محدودي الدخل السكن بالقرب من المسجد الحرام، وكأن القرب من الكعبة المشرفة أصبح حكراً على الأثرياء والمقتدرين.

وتحولت المنطقة المركزية، التي يفترض أن تشكل ممرات رحبة لعبور الحجاج والمعتمرين إلى الحرم، إلى ساحة من الأبراج الشاهقة، والأسواق التي تحتضن ماركات عالمية مختلفة، ما شكل صعوبات بالغة لحركة أكثر من 30 مليون حاج ومعتمر، فضلاً عن إعاقة خدمات الدفاع المدني والهلال الأحمر للقيام بواجبها بالشكل المطلوب، كما يشير مختصون بأمانة العاصمة المقدسة (بلدية مكة).

ولا تنتهي أزمات المنطقة المركزية هنا، فهناك قصر الصفا الذي أنشئ في عهد الملك خالد عام 1980 ويقع على جبل أبي قبيس المعروف تاريخياً، ولا يبعد سوي أمتار قليلة عن الكعبة المشرفة، ما يزيد من حدة الاختناق المروري جراء المواكب الملكية التي تصاحب زوار القصر ذهاباً وعودة.

اقرأ أيضا: مكة المكرمة.. العشوائية سيدة المشهد الحضري
قصر الصفا الذي لا يبعد سوي أمتار قليلة عن الكعبة يزيد من حدة الاختناق المروري جراء المواكب الملكية (رويترز)
مترو على الورق

مطلع العام 2012، أعلنت السعودية إطلاق مشروع مترو مكة، والذي يتكون من أربعة مسارات و88 محطة، على أن يتم الانتهاء منه خلال عشر سنوات، لكن هذا المشروع ظل حبراً على ورق، فضلا عن سلسلة من التخبطات التي لحقت مسيرة المشروع.

ويشير مقربون من شخصيات بارزة بأمانة العاصمة المقدسة إلى أن الحكومة السعودية ارتأت عام 2017 تقليص المشروع لأسباب اقتصادية ليصبح مكوناً من 14 محطة فقط، لكن المشروع ظل مجرد حلم ولم ينفذ منه شيء ذو بال حتى اللحظة.

وفي السياق ذاته، لا توجد في مكة مركبات نقل عام إلا قليلا، ومن خلال حافلات مزدحمة يعاني بعضها من التهالك ولا يحظى البعض الآخر بمكيفات هواء مناسبة.

هذا التعثر يكشف عن حجم الإهمال الذي تعانيه المدينة الحاضنة لقبلة المسلمين، وانعكاساته على سوء الخدمات المقدمة للملايين من الحجاج، بالتوازي مع اعتماد الحكومة السعودية أكثر من 64 مليار دولار لهيئة الترفيه بحسب إعلانها عام 2018.

اقرأ أيضا: تأشيرات الحج.. سوق سوداء ومجاملات
قائمة من المشاريع المتعثرة:
  • مشروع جبل عمر: يفترض انتهاؤه في 2014 لكنه لم ينته حتى الآن.
  • مشروع جبل خندمة: وهو مشروع عمراني ضخم شرق المسجد الحرام، ولم ينجز منه تقريباً أي شيء.
  • مشروع درب الخليل: مشروع تطويري في جنوب المسجد الحرام، ولا يزال حبرا على ورق.
  • مشروع تطوير أجياد: لم ينجز منه أي شيء حتى الآن.
  • مشروع طريق الملك عبد العزيز: وهو مشروع يهدف إلى توفير بوابة رئيسية جديدة لمكة المكرمة عبر مسار عمراني مميز يتجه مباشرة إلى المسجد الحرام، وقد أزيلت مئات العقارات وسويت بالأرض منذ العام 2011، وقدرت المدة الزمنية اللازمة لتنفيذ المشروع بثلاث سنوات، لكن المشروع لم يتم حتى الآن.
  • قطار الحرمين: أعلنت السعودية عن التزامها بتشغيل قطار الحرمين “الواصل بين مكة المكرمة والمدينة المنورة” في عام 2012 لكن المشروع لم ينطلق إلا في أكتوبر 2018.
  • مشروع بوابة مكة: يهدف مشروع البوابة إلى تحفيز وتسريع التنمية في الجهة الغربية من مكة المكرمة، عن طريق المشاركة بين القطاعين العام والخاص، بحيث تصبح بوابة مكة امتدادا طبيعيا يتسع لـ600 ألف نسمة، عبر تطوير أكثر من 40 حياً سكنياً مختلفة المساحات والكثافات. لكن ظل هذا المشروع العملاق حلماً لا يبدو أنه سيتحقق.
اقرأ أيضا: مملكة التناقض.. حج أم سياحة دينية؟
المصدر : الجزيرة مباشر