فيروس كورونا: نصف سكان الأرض قيد الحجر وتفشي الوباء يتسارع

غيرت جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) ملامح الحياة في أنحاء العالم
غيرت جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) ملامح الحياة في أنحاء العالم

يشهد أكثر من ثلاثة مليارات شخص، اليوم السبت، أسبوعًا جديدًا قيد الحجر الصحي، لاحتواء تفشي فيروس كورونا المستجد، ولا تواجه كل الدول الوباء بالأسلحة نفسها، والأمر ليس سهلًا.

توفي أكثر من 25 ألف شخص، حتى الآن، جراء الإصابة بالفيروس الذي يضرب أوربا بقوة وخصوصا إيطاليا؛ ففي شبه الجزيرة الإيطالية، أودى الفيروس بحياة نحو ألف شخص خلال 24 ساعة، (في حصيلة يومية غير مسبوقة في بلد واحد منذ بداية الأزمة)، ما يرفع العدد الإجمالي لوفيات إيطاليا إلى 9 آلاف و134 وفاة، جراء الفيروس.

تأتي إسبانيا في المرتبة الثانية لأكبر عدد وفيات في العالم، مع تسجيل أكثر من 5 آلاف و690 وفاة من بينها 832 وفاة في غضون الساعات الأربع والعشرين الأخيرة.

أما عدد الإصابات عالميًا فقد بلغ أكثر من 617 ألفًا و351 في 183 بلدا ومنطقة. 

وأعيد فتح مدينة ووهان الصينية، موضع رصد أول إصابة بالفيروس تدريجيا، اليوم السبت، بعد عزلها شهرين ونصف الشهر تقريبا، وقد وصل إليها أول قطار يقل مسافرين منذ ذلك الحين.

نقص مزمن 

في المقابل، يبدو أن الأسوأ آتٍ في أماكن أخرى من العالم، إذ تجاوز عدد الإصابات في الولايات المتحدة، أمس الجمعة، عتبة المئة ألف شخص (104 آلاف و837 شخصا، منها 151 حالة جديدة)، بعدما تصدرت قائمة الدول الأكثر إصابة في العالم، الخميس الماضي.

وتوفي ألف و704 أشخاص بالمرض في الولايات المتحدة، حتى الآن، من بينها 8 وفيات حديثة.

ودفع هذا الوضع الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، إلى إصدار مرسوم يلزم مجموعة صناعة السيارات “جنرال موتورز” بإنتاج أجهزة تنفس اصطناعي أساسية للمصابين بالفيروس.

وقالت الممرضة المتخصصة في إعادة التأهيل في مستشفى في نيويورك، ديانا توريس (33 عاما)، يجري “ترشيد استهلاك التجهيزات”، واستطردت “هذا يلزمنا بارتداء كيس نايلون فوق بزتنا؛ لنجعل إمكانية استخدامها أطول”.

وصرح المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أن “النقص العالمي المزمن في معدات الوقاية الفردية لطواقم المعالجين يشكل تهديدا وشيكا في مكافحة الفيروس.

وفي فرنسا، مددت الحكومة إجراءات الحجر المنزلي لأسبوعين اعتبارا من الثلاثاء المقبل وحتى 15 من أبريل/نيسان.

ونقل الجيش الفرنسي شخصين أصيبا بالفيروس، صباح اليوم السبت، من مدينة ميتز (شمال شرقي فرنسا) إلى مدينة إيسن الألمانية (غرب العاصمة برلين) بطوافة قتالية من نوع “إن إتش 90″، وفق ما أعلنته وزيرة الدفاع الفرنسية، فلورانس بارلي.

وفي بريطانيا، تستعد السلطات لتدفق موجة هائلة من المرضى على المستشفيات، عقب إعلان رئيس الوزراء، بوريس جونسون أمس الجمعة إصابته بالفيروس.

أما روسيا آخر قوة كبرى لم تتخذ حتى الآن أي إجراء للحجر العام، فقررت إغلاق المطاعم ومعظم المحال التجارية قبل عطلة الأسبوع، وتأمل السلطات في أن يبقى السكان في بيوتهم، لكن من دون أن يكونوا مجبرين على ذلك.

من جهتها، بدأت إيرلندا، اليوم السبت، فرض حجر صحي عام حتى 12 من أبريل/نيسان.

مشيئة الله 

في الدول المسلمة، من الصعب في معظم الأحيان منع المصلين من التوجه إلى المساجد؛ ففي باكستان – وكذلك إندونيسيا – كان عدد المشاركين في صلاة الجمعة كبيرا. 

وقال ألطاف خان “لا نؤمن بفيروس كورونا بل نؤمن بالله، أي أمر يحدث سيكون بمشيئة الله”، قبل أن ينضم إلى حشد من المؤمنين الآتين لصلاة الجمعة، في العاصمة إسلام أباد.

من جهته، أدى البابا فرنسيس الثالث الصلاة وحيدا أمام ساحة القديس بطرس الخالية تمامًا.

وما زالت أفريقيا التي سجلت فيها أكثر من 3300 إصابة وأكثر من تسعين وفاة حسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس، بعيدة إلى حد كبير عن الوباء. لكن المسؤول الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، ماتشيديسو ريبيكا مويتي، حذر من أن انتشار الفيروس يتبع “تطورا دراماتيكيا”.

في أديس أبابا، خضع رئيس المفوضية الأفريقية، موسى فكي محمد، لفحص طبي أثبت أنه ليس مصابا بفيروس كورونا المستجد، بعدما أعلن الاتحاد الأفريقي فرض حجر صحي عليه بسبب إصابة شخص يعمل في مكتبه بالفيروس.

وأعلنت غانا فرض عزل في منطقتي أكرا وغراند كوماسي الكبيرتين لأسبوعين؛ لتطويق انتشار الفيروس بعد إصابة 137 شخصًا، ووفاة أربعة.

في وسط جوهانسبرغ -عاصمة جنوب أفريقيا- فرقت الشرطة بالهراوات متسوقين تجمعوا بكثافة في سوبرماركت.

وفي كينشاسا، كان يفترض أن يفرض حجر صحي لأربعة أيام بدءًا من اليوم السبت، لكنه تأجل بسبب “تكهنات حول أسعار المواد الأساسية”، و”لمنع أعمال يمكن أن تضر بالأمن”، وفق السلطات الكونغولية.

وفي البرازيل، ألغى القضاء -أمس الجمعة- مرسوما للرئيس غاير بولسونارو يعفي الكنائس والمعابد الدينية ومكاتب اليانصيب من إجراءات العزل، التي فرضت في بعض الولايات. وقال القاضي إن “الكنائس والمعابد الدينية ومراكز اليانصيب يمكن أن تشجع على تجمعات وعلى التنقلات”.

مبالغ هائلة 

في مواجهة الكارثة الاقتصادية المصاحبة لفيروس كورونا المستجد، يحاول صندوق النقد الدولي ضخ مبالغ هائلة لإنعاش الاقتصاد، متهمًا بعض الدول الاتحاد الأوربي بالتباطؤ في التحرك.

ووعدت دول مجموعة العشرين بضخ 5 آلاف مليار دولار لدعم الاقتصاد العالمي. من جهتها، تبنت الولايات المتحدة خطة إنعاش هائلة تتجاوز قيمتها الألفي مليار دولار؛ لإنقاذ اقتصاد مهدد بالشلل. 

أما أوربا فقررت اتخاذ “إجراءات قوية” خلال أسبوعين، ما أثار خيبة أمل وغضب إيطاليا وإسبانيا، البلدين الأكثر تضررا في القارة العجوز.

وصرح الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لثلاث صحف إيطالية اليوم السبت: “لن نتجاوز هذه الأزمة من دون تضامن أوربي قوي على مستويي الصحة والموازنة”، داعيا إلى إطلاق قروض مشتركة لكل الاتحاد الأوربي، وهو أمر ترفضه ألمانيا تماما.

من جهته، صرح الرئيس السابق للمفوضية الأوربية، جاك ديلور، لوكالة فرانس برس أن غياب التضامن “يعرض الاتحاد الأوربي لخطر مميت”. 

وقال ديلور إن “الأجواء التي تسود على ما يبدو بين رؤساء الدول والحكومات وغياب التضامن الأوربي يُنذر بخطر مميت”.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات