ولاة السودان المدنيون يشعلون فتيل أزمة سياسية

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك

تسبب إعلان رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، الخميس الماضي، قائمة الولاة المدنيين، في تصاعد التوترات داخل السودان.

وقاد حزب الأمة القومي أكبر الأحزاب السودانية – الذي يتزعمه الصادق المهدي – معارضة هذه التعيينات لرفضه شكل قائمة الولاة التي ضمت 6 من الحزب، داعيا إياهم لعدم قبول التكليف بسبب إخلال الحكومة الانتقالية بشروطه حول تعيين ولاة عسكريين لما سماها “ولايات الهشاشة الأمنية”.

وأعلن حمدوك تعيين حكام مدنيين للولايات وذلك في إطار عملية الانتقال لحكم ديمقراطي كامل مدتها ثلاث سنوات.

وهذه الخطوة هي إحدى المطالب الرئيسية للمتظاهرين الذين شاركوا في الاحتجاجات ضد حكم الرئيس السابق عمر البشير في العام الماضي.

وبموجب هذه الخطوة، يحل الولاة المدنيون محل الولاة العسكريين الذين كانوا يديرون شؤون الولايات.

وقال حمدوك إن تعيين الولاة المدنيين يمثل “البداية الفعلية للتغيير” في الولايات. وهناك امرأتان بين الولاة الجدد.

حمدوك لم يفعل القانون الولائي

وقال نائب رئيس حزب الأمة فضل الله برمة ناصر لـ “لجزيرة مباشر” إن الحزب قدم رأيه كتابة لرئيس الوزراء حول نهج تعيين الولاة، ونصحه بأن يكون التعيين وفقا للأسس والمبادئ بعيدا عن المحاصصة، مشيرا إلى أنهم طالبوا حمدوك بتفعيل القانون الولائي وفك تجميده، ليمارس الولاة أعمالهم ضمن إطار قانوني.

وأضاف ناصر أن الحزب قدم لرئيس الوزراء مسودة للقانون الولائي – ليتم سنه قبل اتخاذ خطوة التعيين – وأن الأخير أشاد بالمسودة ومع ذلك لم يعمل بها.

وأعرب ناصر عن خوفه من أن يمارس الولاة سلطتهم دون تشريع وسند قانوني ولائي مما قد يوقع مشاكسات بينهم ومواطني تلك الولايات، مشيرا إلى أن الحزب وصلته شكاوى عدة من الأقاليم تتعلق بغياب هيبة الدولة هناك بسبب غياب قانون يسير الأوضاع.

وأوضح ناصر أنه في حالة عدم استجابة ممثلي الحزب من الولاة المعينين فإن الحزب سيسحب عضويتهم منه وسيمثلون أنفسهم.

واتفق حمدوك وقوى “إعلان الحرية والتغيير” في 23 من يونيو/ حزيران الماضي، على إجراء تعديل وزاري، والشروع الفوري في تشكيل المجلس التشريعي، وتعيين الولاة المدنيين.

وتأخر تعيين الولاة وتشكيل المجلس التشريعي، بعد أن كان مقررا في يناير/ كانون الثاني الماضي، حسب جدول زمني لاستكمال هياكل السلطة الانتقالية.

غابت الكفاءة

وتحفظ تجمع المهنيين على آلية حمدوك في اختيار الولاة والتي اعتمدت منهج ﺍﻟﻤﺤﺎﺻﺼﺔ الحزبية، كما أنها تخطت معايير الكفاءة، وقفزت على آراء “قحت”، وغيرها من قوى الثورة في الولايات، ولم تعرهم اهتماما، بالإضافة للضيق من ضعف التمثيل النسوي في منصب الوالي.

وبحسب وكالة الأنباء الرسمية (سونا)، وصف حمدوك تمثيل النساء في مقاعد الولاة بأنه “دون الطموح”، مضيفا “نقترح في الفترة القادمة تمثيل النساء في مستويات الحكم الولائي بنسبة أكبر”.

قرار متأخر

وعد عضو قوى الحرية والتغير نور الدين بابكر قرار حمدوك بتعيين “ولاة مدنيين” متأخرا ولكنه خطوة إيجابية تسهم في ترسيخ الحكم المدني الولائي وتعكس أداء الحكومة في الولايات.

وأشار بابكر إلى أن حكم الولاة العسكريين سابقا أخفق في أداء مهامهم كما يجب، وأوضح أن مركزية قوى الحرية والتغيير خاطبت كل تنسيقيتاها في كل الولايات لفتح باب الترشيحات لمنصب الوالي ووضعت معايير للترشح.

وقوى “إعلان الحرية والتغيير” هي قائدة الحراك الاحتجاجي، الذي أجبر قيادة الجيش، في 11 من أبريل/ نيسان 2019، على الإطاحة بعمر البشير من الرئاسة (1989ـ 2019).

تزكية على حساب الأهلية

وأعلنت ولايات جنوب كردفان وجنوب دارفور وعموديات البجا في شرق السودان رفضهم للولاة الجدد وعزت هذا الرفض لأسباب عدة منها، أن بعض الولاة فرضوا فرضا ونالوا المنصب بالتزكية.

وخرجت مسيرات منددة كما حدث في مدينة الأبيض – بحسب اتصالات أجرتها الجزيرة مباشر – مع عدد من أعيان تلك الولايات.

فيما نال ولاة نهر النيل وﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻷﺣﻤﺮ وﺍﻟﻘﻀﺎﺭﻑ وﻭﺳﻂ ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ وﺳﻨﺎﺭ ﻭﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ وﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ قبولا وﺗﺮﺣﻴﺒﺎ ﺣﺎﺭﺍ في الأوساط الشعبية.

الأجدى تعيين ولاة من الخارج

ورأى رئيس تحرير صحيفة السوداني ضياء الدين بلال أن تعيين ولاة مدنيين من داخل الولاية “قد يجر وبالا عليها”، بسبب الأوضاع المعقدة هناك، والمتمثلة في التجاذبات القبلية والمناطقية داخل الولاية الواحدة، مشيرا إلى أن آلية الاختيار تفتقر للحصافة والحكمة لتقليل درجة التوترات.

وأشار بلال إلى أن تعيين الولاة من خارج المكون المحلي كان من شأنه أن يقلل الاحتكاكات والصراع.

وكان رئيس الجبهة الثورية السودانية – تضم عدة فصائل – الهادي إدريس يحيى قد أعلن، الإثنين الماضي، موافقة الجبهة على تعيين ولاة مؤقتين لحين التوقيع على اتفاق سلام مع الحكومة.

وبدأت بالسودان في 21 من أغسطس/ آب 2019، مرحلة انتقالية تستمر 39 شهرًا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم خلالها السلطة كل من المجلس العسكري وقوى “إعلان الحرية والتغيير”، قائد الحراك الشعبي.

المصدر : الجزيرة مباشر