خط حديد إسرائيل- الخليج.. ما أضراره؟ وكيف سينهي قناة السويس للأبد؟

ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

عزّز اتفاق تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل فرص تل أبيب لتنفيذ مشروع ربطها بدول الخليج العربي عبر خط سكة حديد.

وحذّر خبراء من أن المشروع يحمل مخاطر اقتصادية وعسكرية على المنطقة، وينذر باغتصاب حقوق الشعوب وترسيخ التبعية وتعزيز الهيمنة الإسرائيلية.

وطرحت إسرائيل فكرة المشروع عام 2018، ثم جددت الحديث عنه بعد الإعلان عن اتفاق تل أبيب وأبو ظبي على التطبيع برعاية أمريكية في أغسطس/آب الماضي.

وتدعي تل أبيب أن المشروع يهدف إلى ربط منطقة الخليج بأوربا والولايات المتحدة عبر إسرائيل من خلال الأردن، ما يقلّل المسافة ويخفّض التكاليف.

ووقعت أبو ظبي وتل أبيب، منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، اتفاقية لتطبيع العلاقات بينهما في واشنطن، ما أثار رفضًا شعبيًّا عربيًّا واسعًا، في ظل استمرار احتلال إسرائيل لأراضٍ عربية، ورفضها قيام دولة فلسطينية مستقلة.

إدماج إسرائيل بلا مقابل

وفي السياق، قال الباحث اللبناني علي باكير “أعتقد أن هذا المشروع، كمشروع خط أنابيب نقل النفط ومشروع الخط البحري، كلها مشاريع تستهدف بشكل أساسي إدماج إسرائيل بالمنطقة بشكل عضوي ونهائي”.

وأضاف لوكالة الأناضول “هذا الإدماج يأتي دون أن تضطر إسرائيل إلى تقديم أي شيء للفلسطينيين أو العالم العربي بشأن إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية، أو الالتزام بقرارات الأمم المتحدة، أو حتى تطبيق مبادرة السلام العربية”.

وكانت القمة العربية في بيروت، عام 2002، قد تبنت مبادرة السلام العربية، وهي تقترح إقامة علاقات طبيعية بين الدول العربية وإسرائيل، في حال انسحاب تل أبيب من الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.

واعتبر باكير أن هذا المشروع يعكس دور أبو ظبي الوظيفي في خدمة إسرائيل، ويحمل أضرارًا هائلة على العالم العربي من جهة، وعلى دول بعينها، كمصر مثلًا، سياسيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا.

ورأى أن هذا الخط سيقوّض من دور مصر السياسي في العالم العربي لصالح الإمارات وإسرائيل، وسيتسبب بأضرار بالغة للاقتصاد المصري.

واستطرد “وسيحوّل دول الخليج إلى تابع لإسرائيل، أو معتمد عليها اقتصاديًّا، وهو ما سيتسبب بمخاطر أمنية”، مضيفًا أنه “لو كانت نية أبو ظبي حسنة، لكان بإمكانها العمل على إحياء خط الحجاز، بدلًا من العمل بشكل حثيث على إدماج إسرائيل بالمنطقة دون أي مقابل”.

وجرى تدشين خط سكة حديد الحجاز في عهد الدولة العثمانية، قبل 112 عامًا، وقد ربط وأنعش دول المنطقة، قبل أن تدمره القوى الاستعمارية خلال الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918).

الإمارات وقّعت اتفاقية لتطبيع للعلاقات مع إسرائيل (رويترز ـ أرشيف)

يعد خط سكة الحديد بين الخليج والبحر المتوسط حلم إسرائيل منذ زمن بعيد لربطه بالخليج، وله أبعاده الجيوستراتيجية، فضلًا عن أبعاده من الناحية العسكرية والاقتصادية، وعلى مستوى التطبيع الشعبي.

وتحاول الإمارات تسويق المشروع على أنه خادم لاقتصادها، بينما يرى الكاتب المصري ياسر عبد العزير أنه كان حلما إسرائيليًّا يتحول بوساطة إماراتية إلى واقع، وذلك من خلال اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي.

وأشار إلى أن لهذا المشروع أضرارا كبيرة على الأمن القومي العربي والإسلامي “بنظرة بسيطة للأهمية الجيوستراتيجية والجيوسياسية للأمة العربية والإسلامية نجد أن إطلالتها على أهم المضائق والبحار يعطي لها ميزة كبيرة على عكس الكيان المحتل، الذي أخذ منفذًا على البحر المتوسط. وعليه فإن المضائق والممرات المائية التي تمر منها نسبة كبيرة من تجارة العالم -ونسبة كبيرة أيضًا من الطاقة- وقناة السويس، التي ستنتهي للأبد، ستكون بيد تل أبيب حكما”.

في حين، قالت الكاتبة التونسية عايدة بن عمر إن هذا المشروع “جزء صغير مما تُسمى صفقة القرن، وشعارها التطبيع مقابل الازدهار. الغرض منها تحقيق أرضية ازدهار اقتصادي مقابل الاعتراف الكامل بالكيان الصهيوني، لذلك يتزامن إعلان التطبيع مع إبرام صفقات لمشاريع ضخمة”.

وحذرت من أن “المشروع الحديدي يعزز مصالح إسرائيل في المنطقة، ولا يمكن لمن يقف وراءه أن يستشير أنظمة هذه الدول، فهي أنظمة وظيفية غير شرعية لا تملك قرارها”.

وتابعت “بحجة الحفاظ على أمن المشروع، ربما تتمادى إسرائيل في الهجوم على ما تعتبرها أهدافًا معاديةً لها، وربما تضع حقوق الفلسطينيين ضمن تلك الأهداف، وحتى الأمن القومي للدول التي تستضيف المشروع، قد يكون في خطر أكبر”.

وصفقة القرن هي خطة أعلنتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، في يناير/كانون الثاني الماضي، لتسوية سياسية “مجحفة” بحق الفلسطييين ومنحازة لصالح إسرائيل.

تسلسل التطبيع مع إسرائيل

وأعلنت أربع دول عربية، خلال الشهور الماضية، تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، ومن قبل تلك الدول العربية، يرتبط الأردن ومصر باتفاقيتي سلام مع إسرائيل، منذ 1994 و1979 على الترتيب.

ووقعت الإمارات والبحرين في 15 سبتمبر الفائت، اتفاقيتي التطبيع مع إسرائيل في البيت الأبيض، برعاية أمريكية، متجاهلتين حالة الغضب في الأوساط الشعبية العربية.

وأعلن السودان تطبيع العلاقات مع تل أبيب، في 23 أكتوبر/تشرين الأول المنقضي، في حين لحق المغرب بقطار التطبيع، في 10 ديسمبر/كانون الأول الجاري.

وخلافًا للحال بالنسبة للمطبّعين الجدد؛ فإن لمصر والأردن حدودًا مشتركة مع إسرائيل، وسبق وأن احتلت تل أبيب أراضي من الدولتين، بينما لم تحتل أراضي إماراتية ولا بحرينية ولا سودانية أو مغربية.

المصدر : الأناضول + الجزيرة مباشر