السودانيون يواصلون الاحتجاج ضد “الانقلاب”.. ضغوط دولية ودعوات لمسيرة مليونية السبت

استمرار مظاهرات الاحتجاج في السودان على حلّ مؤسسات الحكم الانتقالي (رويترز)

أطلقت قوات الأمن السودانية قنابل الغاز، مساء أمس الخميس، لتفريق محتجين سودانيين يتظاهرون لليوم الرابع على التوالي، احتجاجًا على قرارات قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان حلّ مؤسسات الحكم الانتقالي.

وكثفت الولايات المتحدة والأمم المتحدة يوم الخميس الضغط على المجلس العسكري الجديد في السودان في الوقت الذي ارتفع فيه عدد قتلى المواجهات بين الجنود والمحتجين المناهضين “للانقلاب العسكري” إلى 11 شخصًا على الأقل وسط دعوات شعبية لمسيرة مليونية غدا السبت الموافق الثلاثين من أكتوبر/تشرين الأول.

وطالب مجلس الأمن الدولي الخميس العسكريين “بعودة حكومة انتقالية يديرها مدنيون” وأبدى “قلقه البالغ حيال الاستيلاء العسكري على السلطة” وذلك في بيان صدر بإجماع أعضائه.

وبعد أن دعا مجلس الأمن المؤلف من 15 عضوًا إلى إعادة الحكومة الانتقالية التي يقودها المدنيون والتي أطيح بها يوم الإثنين، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن بلاده تقف إلى جانب المتظاهرين مثلها مثل الدول الأخرى.

وقال في بيان “رسالتنا معًا إلى السلطات العسكرية في السودان” قوية وواضحة، يجب السماح للشعب السوداني بالاحتجاج السلمي وإعادة الحكومة الانتقالية ذات القيادة المدنية”.

وأوضح الرئيس الأمريكي الذي جمدت حكومته المساعدات للسودان “الأحداث التي وقعت في الأيام الماضية تمثل انتكاسة خطيرة لكن الولايات المتحدة ستواصل الوقوف إلى جانب شعب السودان وكفاحه السلمي”.

استخدام الرصاص الحي

ونقلت رويترز عن شهود أن آلاف الأشخاص خرجوا إلى الشوارع لمعارضة إجراءات الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وأن قوات الأمن استخدمت الرصاص الحي والمطاطي ضد المحتجين في منطقة بحري مع اتساع نطاق الاحتجاجات الليلية.

وقالت لجنة الأطباء السودانية إن مواطنًا توفي وأصيب اثنان آخران حالتهما حرجة، وذكر مصدر طبي في وقت سابق أن شابا يبلغ من العمر 22 عاما توفي متأثرًا بجروحه.

وبذلك يرتفع إجمالي عدد القتلى خلال أربعة أيام من الاحتجاجات إلى 11 على الأقل بحسب ما ذكرت رويترز.

الفترة الانتقالية الهشة

ودعا مجلس الأمن الدولي أمس الخميس إلى جانب قوى أجنبية أخرى إلى التحلي بضبط النفس والحوار والإفراج عن المعتقلين.

ووضع “الانقلاب العسكري” حدًا لفترة انتقالية هشة كان الهدف منها أن تنتقل بالسودان إلى انتخابات في 2023، وكانت السلطة مقسمة بين المدنيين والعسكريين عقب سقوط عمر البشير الذي أطاح به الجيش بعد انتفاضة شعبية قبل عامين.

وأعلنت هيئات سودانية تنضوي تحت نقابات في قطاعات مثل الرعاية الصحية والطيران الإضراب العام، لكنها قالت إنها ستواصل توفير الطحين وغاز الطهي والرعاية الطبية للحالات الطارئة.

وظلت السوق الرئيسية والبنوك ومحطات الوقود في الخرطوم مغلقة أمس الخميس بينما كانت المستشفيات تقدم خدمات الطوارئ فقط، وفتحت متاجر صغيرة أبوابها وتشكلت طوابير طويلة للحصول على الخبز.

عرض لتسهيل حوار

وعرض الممثل الخاص للأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتيس تسهيل إجراء حوار بين البرهان ورئيس وزراء الحكومة المنحلة عبد الله حمدوك، بحسب ما ذكرت رويترز.

وسُمح لحمدوك، الذي احتُجز في البداية بمقر إقامة البرهان، بالعودة لمنزله تحت الحراسة يوم الثلاثاء، وقال مصدر مقرب منه إنه لا يزال “ملتزما بالانتقال الديمقراطي المدني وأهداف الثورة” التي أسقطت البشير.

ويوزع معارضو “الانقلاب” منشورات تدعو إلى “مسيرة مليونية” غدا السبت احتجاجًا على الحكم العسكري بالاعتماد على وسائل قديمة للحشد الشعبي بعد أن قلصت السلطات استخدام الإنترنت الهواتف.

وسط الأزمات

ويشهد السودان أزمة اقتصادية عميقة بلغ فيها التضخم مستويات قياسية وشهدت نقصا في السلع الأساسية، وكانت الفترة الأخيرة قد شهدت بعض علامات التحسن التي ساهمت فيها مساعدات قال كبار المانحين الغربيين إنها ستتوقف ما لم يتم العدول عن الانقلاب.

وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من نصف السكان يعيشون في فقر وبلغ معدل سوء التغذية بين الأطفال 38% ونظام الرعاية الصحية في البلاد في حالة انهيار.

أكد تحرك البرهان الدور المهيمن الذي يلعبه الجيش في السودان منذ الاستقلال عام 1956 وذلك بعد أسابيع من توتر متصاعد بين العسكريين والمدنيين في الحكومة الانتقالية بسبب جملة من القضايا.

وحذر مبعوثون غربيون البرهان من أن المساعدات، بما فيها 700 مليون دولار مجمدة الآن من المساعدات الأمريكية و2 مليار دولار من البنك الدولي، ستتوقف في حالة توليه السلطة.

وقالت مصادر إنه تجاهل هذه التحذيرات تحت ضغط من داخل الجيش و”بضوء أخضر” من روسيا، بحسب رويترز.

انتشار أمني

ولا تزال شوارع العاصمة السودانية تشهد انتشارا أمنيا مكثفا للجيش وقوات الدعم السريع، وتعمل القوى الأمنية على إزالة العوائق التي أقامها المحتجون لإغلاق الطرق، لكن متظاهرين يعيدونها عقب مغادرة قوات الأمن.

وكثفت قوات الأمن حملتها التي تستهدف ناشطين ومتظاهرين محتجين على مدار الأيام الماضية، وانتشرت في كل أنحاء الخرطوم لمحاولة وضع حد للتحركات الشعبية الرافضة لقرارات البرهان.

ومن بين الموقوفين مساعد رئيس حزب الأمة المعارض (صديق المهدي) نجل الزعيم الراحل الصادق المهدي، والمحامي إسماعيل التاج عضو تجمع المهنيين السودانيين الذي يقود النقابات ولعب دورا أساسيا في الاحتجاجات ضد البشير.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات