“طرد السفير الفرنسي مطلب شعبي”.. غضب عارم في الجزائر بعد مساس ماكرون بتاريخها

ماكرون أكد سابقا رغبته في المصالحة مع الجزائر وتسوية ملف الذاكرة المتعلق بفترة الاستعمار (رويترز)

تفاعل ناشطون جزائريون مع استدعاء بلدهم سفيره لدى باريس احتجاجًا على “تدخل فرنسا غير المقبول في شؤونها” وقالت إنها ترد على تصريحات وصفتها بـ “غير المسؤولة” للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لم يتم نفيها، ونُقل عنه قوله إن الجزائر “كان يحكمها نظام سياسي عسكري له تاريخ رسمي لا يقوم على الحقيقة بل على كراهية فرنسا”.

ودشن ناشطون على موقع تويتر وسما بعنوان (طرد السفير الفرنسي مطلب شعبي) طالبوا من خلاله بالتصعيد مع فرنسا بعد المساس بذاكرة أكثر من 5 ملايين مقاوم قتلهم الاستعمار الفرنسي وفق بيان الرئاسة مساء أمس السبت.

وقال ربيع إن البيان الرئاسي كان أول خطوة في التصعيد الذي ينبغي الرد به بندية على الرئاسة الفرنسية واعتبر أن رد بلاده كان بالفعل قاسيا بوصف جرائم الاستعمار الفرنسي بالإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية ومجازر ومحارق ثم إعطاء الرقم الرسمي لعدد الشهداء الأبرار.

وقالت مغردة إن “قطع العلاقة مع فرنسا هو المطلب الأول لكل جزائري حر”.

واعتبر حساب آخر أن الرد المناسب على فرنسا هو تعميم اللغة العربية وتجريم استعمال الفرنسية في الإدارات (المؤسسات الحكومية) واستبدال الفرنسية بالانجليزية في التعليم.

ورأى شعبان أن ما تحتاجه الجزائر الآن هو تلاحم الشعب مع دولته وجيشه، وقال إن “الدولة تعرف كيف ترد وعليكم أن تتوقعوا الأسوأ للوصول إلى أفضل النتائج” قبل أن يختم “أعداؤنا اليوم كثر وعلينا أن نحذر ونستعد للصمود”.

واستشهد الناشط فارس حزام بمقولة للشيخ البشير الإبراهيمي وهو واحد من أعلام الفكر والأدب في العالم العربي ومن علماء  الجزائر، وقال فيها “إننا نعتقد أن فرنسا أكبر عدو للإسلام”.

تفاعل الإعلامي الجزائري أحمد حفصي مع الهاشتاج قائلا إن ماكرون الذي “يتلقى الصفعة تلو الأخرى سياسيا واقتصاديا ينفث سمومه تجاه الجزائر ويغازل الطابور الخامس الذي لفظ آخر أنفاسه بحثا عن جرعة أكسجين تنعش مستقبله السياسي قبل أن يرمى في المزبلة”.

ونشر حفصي صورة لخبر على صحيفة “لوموند” الفرنسية عن لقاء جمع الرئيس الفرنسي بأحفاد “الحركي” وهم جزائريون حاربوا مع فرنسا في الثورة الجزائرية وأخذتهم معها بعد الاستقلال، يعيشون أوضاعا صعبة في فرنسا وترفض بلدهم عودتهم وتصفهم بالخونة.

ونشر الناشط رمزي صورا لرفات جزائريين قتلتهم فرنسا خلال الثورة وتساءل “كيف على الشعب أن يحب من قتل وعذب واحتل وهجر” وزاد كسر الله فرنسا وكل من مجدها”.

واعتبر أحمد سكندر تصريحات ماكرون عدائية واستعمارية وهجوم على تاريخ الوطن وشعبه وسلطته، وأنه لا وجود للنيات الحسنة ولا داعي للتبرير، وحث  السلطة على رد الاعتبار.

ورأى حساب مشارك في الهاشتاج أن “الصراخ على قدر الألم” إذ تفقد فرنسا كل الامتيازات في الجزائر وشركاتها تطرد الواحدة تلو الأخرى، مشددا على أن الشعب الجزائري يصطف وراء قيادته في انتظار التصعيد.

بيان شديد اللهجة

وبحسب بيان الرئاسة الجزائرية، الذي نقله التلفزيون الرسمي، فإن تصريحات ماكرون “تمثل مساسا غير مقبول بذاكرة 5 ملايين و630 ألف شهيد ضحوا بأنفسهم عبر مقاومة شجاعة ضد الاستعمار الفرنسي” بين عامي 1830 و1962م.

وأضاف أن “جرائم فرنسا الاستعمارية، التي لا تعد ولا تحصى، هي إبادة ضد الشعب الجزائري، وهي غير معترف بها (من قبل فرنسا)، ولا يمكن أن تكون محل مناورات مسيئة”.

ولفت إلى أن التصريحات المنسوبة للرئيس الفرنسي “لم يتم تكذيبها رسميا”.

وأوضح أن الجزائر “ترفض رفضا قاطعا التدخل في شؤونها الداخلية كما ورد في هذه التصريحات، وأن الرئيس عبد المجيد تبون قرر الاستدعاء الفوري لسفير الجزائر بفرنسا محمد عنتر داود للتشاور”.

ومما جاء في تصريحات ماكرون اتهامه السلطات الجزائرية بأنها “تكن ضغينة لفرنسا”.

كما طعن في وجود أمة جزائرية قبل دخول الاستعمار الفرنسي إلى البلاد عام 1830م، وتساءل مستنكرًا “هل كان هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟”.

وادعى ماكرون أنه “كان هناك استعمار قبل الاستعمار الفرنسي” للجزائر، في إشارة لفترة الوجود العثماني بين عامي 1514 و1830م.

وقال مواصلا مزاعمه “أنا مفتون برؤية قدرة تركيا على جعل الناس ينسون تماما الدور الذي لعبته في الجزائر، والهيمنة التي مارستها، وشرح أن الفرنسيين هم المستعمرون الوحيدون، وهو أمر يصدقه الجزائريون”.

ويتفق المؤرخون والمراجع في الجزائر على أن الوجود العثماني في البلاد كان عبارة عن حماية طلبها السكان ضد الاحتلال الإيطالي والإسباني في عدة مدن ساحلية.

ووصفت صحيفة (الشروق) تصريحات ماكرون بـ “المستفزة”، قائلة إنها “تعيد العلاقات الجزائرية الفرنسية إلى مربع البداية”، وتكشف “مدى هشاشة العلاقات الثنائية الموبوءة بالعديد من الملفات المسمومة”.

ومنذ فترة، تشهد العلاقات السياسية والدبلوماسية بين الجزائر وباريس توترًا وفتورًا رافقها نزيف اقتصادي لدى شركات فرنسية غادرت البلاد ولم تجدد السلطات الجزائرية عقودها.

وقبل أيام، استدعت الجزائر سفير باريس لديها للاحتجاج على قرار فرنسا تقليص التأشيرات الممنوحة لمواطنيها.‎

المصدر : الأناضول + الجزيرة مباشر