والدة علاء عبد الفتاح تكتب في نيويورك تايمز: هذه جريمة ابنى التي ارتكبها الملايين في مصر

مظاهرات ثورة 25 يناير في مصر عام 2011 (رويترز- أرشيفية)

قالت الدكتورة ليلى سويف -أستاذة الرياضيات بجامعة القاهرة، ووالدة الناشط المعتقل علاء عبد الفتاح- إن ابنها يحاسَب على أنه أحد شباب الثورة المصرية عام 2011.

واستهلت الدكتورة ليلى مقال رأي لها بصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، الجمعة، برواية مشهد من أمام سجن طرة حيث يقبع ابنها وكثيرون غيره من سجناء الرأي، فقالت “سألتني إحدى الأمهات: ما هي تهمة ابنك؟ فقلت لها: السياسة. كان واحدا من شباب الثورة” مضيفة أنها لم تكن بحاجة إلى توضيح آخر.

وأضافت الدكتورة ليلى “لماذا ابني علاء عبد الفتاح في السجن؟ إنه واحد من عشرات الآلاف من السجناء السياسيين في مصر. بقي في السجن لأكثر من سبع سنوات -عبر حكومات مختلفة- مع أمل ضئيل في الخروج. تقدم للمحاكمة عدة مرات وسيُحكم عليه مرة أخرى يوم الإثنين. جريمته هي أنه -مثل ملايين الشباب في مصر وخارجها- كان يعتقد أن عالمًا آخر ممكن، وتجرأ على محاولة تحقيق ذلك”.

وأوضحت “في الوقت الراهن يبدو أن العالم الخارجي -الذي كان مبهورا يوما ما بالثوار المصريين- ينظر بعيدًا، فالحكومات الديمقراطية لا تقدم إلا القليل من التشدق في قضايا الحقوق والعدالة”.

علاء عبد الفتاح تراوده أفكار انتحارية (مواقع التواصل)

ثم مضت والدة علاء تحكي ما حدث معه، قائلة “اعتقل علاء في سبتمبر/أيلول 2019 ضمن موجة جديدة من الاعتقالات السياسية. وكان قد انتهى لتوه من عقوبة بالسجن لمدة خمس سنوات بتهمة تنظيم احتجاج. كان علاء يعيد بناء حياته آنذاك، إذ كان قد بقي خارج السجن لمدة ستة أشهر فقط تحت المراقبة حيث كان يجبر على النوم كل ليلة في مركز الشرطة”.

وأكملت “عندما جاؤوا من أجله مرة أخرى. احتُجز في سجن طرة شديد الحراسة 2 (العقرب) المعروف بالسجن الأسوأ في مصر حيث يحتجز الآلاف من السجناء السياسيين”.

وتابعت “ما وصفه لمحاميه وبالنسبة لي كان مروعا، ففي الليلة التي أُدخل فيها السجن، جُرد من ملابسه وتعرّض للضرب في مشهد يطلق عليه السجناء حفل الترحيب، وقال لي إنه هُدد بعدم الإبلاغ عن ذلك، لكنه تقدم بشكوى إلى النائب العام”.

وأشارت إلى أن علاء “حُرم من أي مادة للقراءة من أي نوع ومن الراديو ومن حيازة ساعة، كما أنه لا يُسمح له بالتريض، ولا يُسمح له بالخروج من زنزانته من الأساس إلا للزيارات أو للمثول أمام المحكمة”.

لكنها استدركت “ومع هذا كله فهو يبلغ عن كل إساءة أو انتهاك يعلم عنه، ويخبرنا عندما يسمع عن أشخاص مفقودين يظهرون في السجون، كما قدم بلاغًا بأنه سمع شخصًا يتعرض للتعذيب في الزنزانة المجاورة له. ولا يزال الضباط الذين أبلغ عنهم يشغلون مناصبهم ويملكون سلطة عليه”.

وأوضحت أن علاء تراوده منذ شهور فكرة الانتحار الذي حاوله بعض المعتقلين بالفعل مثل الصحفي محمد إبراهيم (شهرته محمد أكسجين) والمدون عبد الرحمن طارق (شهرته موكا) وعدد آخر غير معروف ممن “يعانون هذا التعذيب البطيء الذي لا نهاية له في الأفق” وفق المقال.

وترى ليلى سويف أن “الضغط الذي تدعي الولايات المتحدة وأوربا ممارسته على الحكومة المصرية بملف حقوق الإنسان يهدف فقط إلى استرضاء قطاعات معينة من ناخبيهم. والسلطات المصرية ترد بناء على ذلك بأنهم يفهمون أن “تنظيف ملف قانون حقوق الإنسان” يعني في الواقع “نحن ندعمك، لكن من فضلك حاول ألا تحرجنا”.

وتابعت “لذلك أصدرت مصر مؤخرًا استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان. وبعد شهرين -وعقب اجتماع بين وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين ونظيره المصري سامح شكري- أصدرت الولايات المتحدة بيانًا قالت فيه إنها ترحب بالاستراتيجية وتخطط لمواصلة الحوار حول حقوق الإنسان”.

وختمت الدكتورة ليلى مقالها بالقول “أولئك الذين يهتمون حقًّا بحقوق الإنسان لا ينبغي أن ينخدعوا بالاستراتيجيات المكتوبة بل ينبغي أن يبحثوا عن الأفعال وأولها إطلاق سراح الجيل الذي يُقتل ببطء في السجن لتفكيره بحرية ولتعبيره عن نفسه”.

وعادة ما ترفض القاهرة الانتقادات الدولية والمحلية المرتبطة بملف حقوق الإنسان، وتؤكد احترامها للحريات والحقوق باستمرار.

وكانت النيابة المصرية قد قررت -في أكتوبر/تشرين الأول الماضي- إحالة الناشطيْن علاء عبد الفتاح ومحمد إبراهيم (أكسجين) والمحامي الحقوقي محمد الباقر إلى محكمة جنح أمن الدولة طوارئ على ذمة قضية جديدة مستنسخة من القضية رقم 1356 لسنة 2019 المحبوسين على ذمتها احتياطيًّا منذ أكثر من عامين.

المصدر : نيويورك تايمز