نيويورك تايمز: طائرات أمريكية قتلت آلاف المدنيين في سوريا والعراق وأفغانستان

أطفال يصلون على قبر قريبهم أروين 7 أعوام أحد ضحايا غارة أمريكية بطائرة مسيّرة أسفرت عن مقتل 10 مدنيين في كابل (رويترز)

كشفت وثائق جديدة للبنتاغون أن الضربات الجوية الأمريكية في الشرق الأوسط “مليئة بالشوائب الاستخبارية” وأوقعت آلاف القتلى المدنيين بينهم أطفال كثر، وفق تحقيق نشرته صحيفة نيويورك تايمز أمس السبت.

واستنادًا إلى 1300 تقرير لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) حول هجمات أدت إلى سقوط ضحايا مدنيين -حصلت عليها الصحيفة الأمريكية بموجب قانون الشفافية- يشكل هذا التحقيق ضربة لصورة “الحرب النظيفة” التي تجري بـ”ضربات دقيقة” حسبما يؤكد الجيش الأمريكي باستمرار.

وقالت نيويورك تايمز إن “الحرب الجوية الأمريكية شابتها معلومات استخباراتية فاشلة وعمليات متسرعة وغير دقيقة لإطلاق صواريخ ومقتل آلاف المدنيين بما في ذلك عدد كبير من الأطفال” مضيفة “لم يشر أي تقرير إلى خطأ أو عقوبة تأديبية”.

وبدلا من الوعود بالشفافية في عهد باراك أوباما -بوصفه أول رئيس أمريكي يرجح اللجوء إلى ضربات الطائرات المسيّرة لتجنب مقتل جنود أمريكيين- حلّ “التعتيم والإفلات من العقاب”، بحسب الصحيفة التي اضطرت إلى إقامة عدد من الدعاوى القضائية على البنتاغون والقيادة المركزية للجيش الأمريكي (سينتكوم) للحصول على هذه الوثائق.

وخلال خمس سنوات، شن الجيش الأمريكي أكثر من 50 ألف غارة جوية في أفغانستان وسوريا والعراق، واعترف بقتل 1417 مدنيًّا بالخطأ بغارات جوية في سوريا والعراق منذ 2014، كما أن العدد الرسمي للمدنيين الذين سقطوا منذ 2018 في أفغانستان هو 188 مدنيًّا.

وفي هذا التحقيق الذي استغرق أشهرًا، حللت الصحيفة الوثائق التي حصلت عليها وتحققت من الوقائع على الأرض ودققت في المعلومات الرسمية بشأن أكثر من 100 موقع تعرض للقصف.

ورغم أن العديد من الوقائع المذكورة كانت معروفة من قبل، فقد كشف التحقيق أن عدد الضحايا المدنيين الذين اعترف بهم البنتاغون “أقل من الحقيقة بشكل واضح”.

وتكشف الوثائق أن مدنيين قُتلوا في كثير من الأحيان بسبب ميل إلى “التوصل لنتائج تنطبق على ما يعتقد المرء أنه مرجح” وفق الصحيفة.

ضربة مسيرة أمريكية أصابت 10 مدنيين كابل في أغسطس الماضي (غيتي)

أخطاء في التحقق

وأشارت الصحيفة إلى أن أشخاصًا كانوا يجرون باتجاه موقع تم قصفه اعتُبروا مقاتلين لتنظيم الدولة وليس رجال إنقاذ، كما اعتُبر راكبو دراجات نارية بسطاء أنهم يتحركون في “تشكيل” ما يدل على هجوم وشيك.

وتفيد وثائق البنتاغون بأن 4% فقط من الأخطاء في تحديد “العدو” أدت إلى سقوط مدنيين، لكن التحقيق الميداني الذي أجرته الصحيفة يدل على أن نسبة هذه الحوادث تبلغ 17% سقط خلالها ثلث القتلى والجرحى المدنيين.

وكان للعوامل الثقافية أيضًا تأثير كبير بحسب الصحيفة، إذ اعتبر العسكريون الأمريكيون أنه “لا وجود لمدنيين” في منزل كانوا يراقبونه خلال أحد أيام شهر رمضان، بينما كانت عائلات عدة نائمة أثناء النهار في داخله خلال شهر الصوم للاحتماء من الحر.

وفي أغلب الأحيان، ساهمت صور رديئة أو عمليات مراقبة لمدة غير كافية في الضربات التي أدت إلى سقوط مدنيين وكبحت محاولات التحقيق، وأكد الجيش الأمريكي “صدقية” 216 حالة من أصل 1311 درستها الصحيفة.

ورُفضت تقارير متعلقة بسقوط ضحايا مدنيين لأنه لم تظهر في مقاطع الفيديو جثث تحت الأنقاض أو لأنها لم تكن طويلة بما يكفي لاستخلاص نتائج.

ومن بين الوقائع الواردة ضربات نفّذتها قوات أمريكية خاصة في 19 يوليو/تموز 2016 استهدفت ما كان يُعتقد أنها ثلاث مناطق في شمالي سوريا يستخدمها تنظيم الدولة للتحضير لهجماته، لكن الضربات أسفرت عن مقتل 120 مزارعًا وقرويًّا.

“أضرار جانبية حتمية”

وفي مثال آخر، نُفّذت ضربة في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 بمنطقة الرمادي في العراق، بعد رصد رجل وهو يجرّ “غرضا مجهولًا وثقيلًا” إلى موقع تابع لتنظيم الدولة، ثم تبيّن في تقرير أُعد بعد مراجعة أن الغرض كان طفلًا قُتل في غارة.

ومؤخرًا، اضطرت الولايات المتحدة إلى التراجع عن تأكيدها بأن سيارة دمرتها طائرة مسيّرة بأحد شوارع كابول في أغسطس/آب كانت محمّلة بقنابل، إذ تبيّن لاحقًا أن ضحايا الضربة كانوا 10 أفراد من عائلة واحدة.

ويشير التقرير إلى أن كثيرًا من المدنيين الذين أصيبوا في ضربات أمريكية وبقوا على قيد الحياة يعانون إعاقات تتطلب علاجًا مكلفًا، وأن أقل من 12 منهم تلقوا تعويضات مالية.

ونقلت نيويورك تايمز عن الناطق باسم القيادة المركزية الأمريكية (بيل أوربان) قوله “حتى بوجود أفضل التقنيات في العالم تحدث أخطاء، إما بسبب معلومات خاطئة أو تفسير خاطئ للمعلومات المتوافرة”.

وأضاف “نبذل أقصى جهودنا لتجنب الإضرار ونحقق في كل القضايا التي تتمتع بصدقية، ونأسف لكل خسارة في أرواح أبرياء”.

المصدر : وكالات