مقال بفورين بوليسي: السيسي تعلم الدروس الخاطئة من سقوط مبارك ونهايته أسرع منه

صورة عليها وجوه الرئيس الراحل حسني مبارك (يسار) والرئيس الحالي السيسي خلال مظاهرة وسط القاهرة عام 2014 (رويترز-أرشيفية)

في مقال نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية ، قال الصحفي فرانسيسكو سيرانو إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تعلم الدروس الخاطئة من سقوط الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي أفرط في القمع طوال 30 عاما ثم سقط سريعا في 18 يوما فقط.

ويعتقد الكاتب أن السيسي الذي يحكم البلاد منذ عام 2014 -بعدما قاد انقلابًا عسكريًا ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي في 2013- تلميذ مبارك النجيب، ويقول إن حجم العنف الذي يمارسه نظامه ضد المصريين في السنوات القليلة الماضية إنما يدلل على أن خوف السيسي الأكبر هو أن تخرج الحشود لتملأ الشوارع مرة أخرى.

ومبارك والسيسي كلاهما نتاج الجيش، وربما تبدو أحداث 2011 والتجربة الديمقراطية القصيرة والصاخبة التي تلت ذلك مجرد انقطاع في القيادة الأبوية الطويلة المدى للجيش على مصر ومواطنيها، على حد تعبير الكاتب.

ويقول الكاتب إنه على الرغم من طبيعة نظام مبارك الاستبدادية، فإنه ترك بعض السبل للمعارضة الخاضعة للرقابة، لكنه لم يرحب بأي معارضة من شأنها أن تعرض سيطرته للخطر، وكانت قوات الأمن في عهده تقوم بشكل روتيني بتعذيب المشتبه بهم وإرهاب المواطنين.

لكن نظام مبارك -رغم افتقاره للرؤية السياسية- أدرك أهمية صمامات الضغط، فكان يسمح بانتقاد الصعوبات المعيشية اليومية في الصحف ووسائل الإعلام المختلفة طالما أن أصوات المعارضة لا تستهدف الرئيس بشكل مباشر أو تعرض نظامه للخطر، بحسب المقال.

كان ذلك مفيدا في إعطاء السياسة الوطنية طبقة رقيقة من التعددية وهذا ما ساعد على بقاء الرئيس مبارك في السلطة لثلاثة عقود بحسب رأي الكاتب.

وفي المقابل قلّص السيسي جميع أشكال الخطاب العام والمعارضة معتقدًا -على ما يبدو- أن مثل هذه المساحات مهما كانت صغيرة كانت أكبر خطأ فادح لمبارك.

وبدلاً من ذلك اختار الدكتاتور الحالي القضاء على أي مساحة للاعتراض في الفضاء العام مستخدما في ذلك القوة الكاملة للأجهزة الأمنية سعيا منه نحو نزع الطابع السياسي عن المجتمع بالكامل على حد قول الكاتب.

في البداية ركز نظام السيسي على جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها، وسرعان ما امتد القمع ليشمل أي شخص أو حركة سياسية تطرح تساؤلات عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي الراهن.

فالمعارضون السياسيون والنشطاء العلمانيون والحقوقيون والفنانون والصحفيون والأكاديميون وحتى مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي من غير السياسيين أصبحوا جميعا معرضون لخطر الاعتقال في حال قولهم “الشيء الخطأ”.

ويشير الكاتب إلى أن النظام المصري وصل به الأمر إلى شن حرب على أطبائه وغيرهم من العاملين الصحيين وسط جائحة كورونا.

وبدلاً من الأخذ والرد في الخطاب السياسي، أدخل السيسي ما أسماها الكاتب “بالقومية الخبيثة” في الخطاب العام، والتي تَظهر بشكل شرس سواء في الطريقة التي تروج بها الحكومة وأنصارها إنجازات نظام السيسي أو في الطريقة التي يسخرون بها من أعدائه المفترضين. وكثيرًا ما يشبه الرئيس الولاء له ولنظامه بالولاء لمصر.

ووصف الكاتب “دكتاتورية السيسي” باعتبارها “غير مستقرة وتفتقر إلى الثقة بالنفس” لأنه دائما ما يلجأ “لخرطوم ماء كبير من أجل إخماد الحرائق الصغيرة” في إشارة إلى استخدامه للقمع والقوة المفرطة أمام جميع أشكال الاعتراض.

ويخلص الكاتب في نهاية مقاله إلى أن الانتفاضة الشعبية التي أدت إلى زوال مبارك لم تكن نتيجة القمع غير الكافي بعكس ما يعتقد السيسي، بل كانت على الرغم منه فالقيود كانت كثيرة أيضا على حرية التعبير في عهد مبارك، ولكن سقوطه جاء نتيجة التدهور المستمر في الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمصريين وفشل الدولة البوليسية في إيجاد حلول للمشاكل اليومية.

ويقول إنه بسبب فشل السيسي في تحسين معيشة المصريين -ومن ثم اعتقالهم وقتلهم في حال تعالت أصواتهم بالشكوى- فإن نظامه يعمل على تسريع تراكم الطاقة الحتمي ضده.

المصدر : فورين بوليسي