“زمن أحمد موسى”.. هجمة شرسة على أكاديمي انتقد الإعلام المصري (فيديو)

واصل إعلاميون مقربون من السلطة في مصر حملة هجوم ضارية على الدكتور أيمن منصور ندا، رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة، بعدما نشر تدوينة مطولة انتقد خلالها غياب المهنية في برامجهم.

ونشر الأستاذ الجامعي تدوينة مطولة بعنوان “زمن أحمد موسى”، انتقد خلالها نمط وأداء الإعلام المصري القائم على تلقي الأوامر والتلقينات الأمر الذي يضر بصورة السلطة بدلًا من تجميلها.

في المقابل، شن الإعلامي المقرب من السلطة أحمد موسى هجومًا شرسا على ندا واتهمه بالتنمر وهدده بالملاحقة القضائية، سانده في ذلك الإعلامي نشأت الديهي الذي صعّد في هجومه متهمًا أستاذ الإعلام بأنه “مريض نفسي” يخدم “أجندة الإرهابيين”.

وتعليقًا على ما حدث، قالت أستاذة الإعلام بجامعة ميرلاند الأمريكية سحر خميس، إن الدكتور ندا رجل أكاديمي متخصص ومن حقه تماما أن يبدي رأيه بكل وضوح وصراحة وشفافية في مناخ الكل يعلم أنه لا يسمح بقدر كبير من الحرية.

وأضافت للجزيرة مباشر، أن توصيف حالة الإعلام المصري التي ذكرها الدكتور ندا دقيقة وصحيحة، فهناك بالفعل جهات عديدة تتحكم في مساحة المصداقية والحرية، والهامش الصغير المتاح موزع ما بين جهات أمنية وقانونية واقتصادية وممولي القنوات ومن يقدمون الدعاية، وأصبح النقد باهتا واتسعت الخطوط الحمراء ولم تعد هناك مساحة مقبولة لتعدد الآراء.

أما عن وصف الديهي للدكتور ندا بأنه مريض نفسي، فأكدت أستاذة الإعلام أن هذا هو عين السب والقذف وفق التوصيف القانوني، ووصفت رد الفعل المبالغ فيه ضد الدكتور ندا بأنه زوبعة في فنجان وأنه أمر متعمد.

وعبرت عن استغرابها من هذه الإساءة والتطاول على الرجل الذي يمارس دوره الأكاديمي في تحليل الموقف الإعلامي المصري، ومن حقه أن ينقد وينتقد وهذا في صميم عمله.

وقالت نحن أمام إعلام “الملهاة” أو “بص العصفورة” الذي يبتعد تمامًا عن التصدي للقضايا السياسية والاقتصادية والصحية والاجتماعية وما أكثر التحديات التي تواجهها مصر، لكنه يركز فقط على كل ما هو غث وغير هادف وتحويل النظر إلى أمور ليست ذات أهمية، لإلهاء الجمهور عن القضايا الهامة والمحورية.

في المقابل اعتبر الكاتب الصحفي محمد العطيفي الهجوم على الأستاذ الأكاديمي رد فعل طبيعي من الإعلاميين بعدما تسبب نقده في إحراجهم بوصف “زمن أحمد موسى”، لافتًا إلى أنه كان يجب ألا يسمى شخصًا بعينه وأن ينتقي الكلمات التشجيعية.

وبرر تطاول الديهي على الأستاذ الجامعي بالقول، إن الديهي دافع عن الإعلاميين بعدما استفزهم نقد الدكتور ندا واتهاماته الموجهة إليهم عن علاقة عملهم بالنظام.

وقبل أيام نشر الدكتور أيمن منصور ندا عبر صفحته على فيسبوك مقالًا مطولًا قال فيه إن جوهر المشكلة الإعلامية في زمن أحمد موسى هو أن الاهتمام الأكبر لدى الإعلاميين يكون بمن “يسجل” وليس بمن “يستقبل”، وإن عين كل مذيع على الأجهزة المسؤولة التي تراقبه وليس على المشاهدين الذين لم تعد اختياراتهم وتفضيلاتهم معيار البقاء.

ولفت إلى أن “صاحب جهاز السامسونغ” يحكم الجميع في المجال الإعلامي ويحدد شروط اللعبة، في إشارة إلى واقعة مذيعة كانت تقرأ خبرا وقالت خطأ في آخره “أرسل من جهاز سامسونغ” ما أوحى بأن الخبر مرسل لها على الهواء من جهة أعلى.

وأضاف أستاذ الإعلام أنه في “زمن أحمد موسى” لا يوجد مذيع يستطيع أن يقول سطرًا واحدًا خارج المسموح به، ويستوي من يعمل في قنوات الدولة أو في القنوات الخاصة، فالرسائل الجماعية والتلقينات تتم على مدار اليوم، وهي البوصلة التي تحدد التوجه للجميع.

وتابع “لكن الجديد هو كثافة الرسائل إلى درجة التقييد، وشمولها إلى درجة الحجر، وصرامتها إلى درجة الاستبداد. والجديد أيضًا هو تطوع مذيعي التوك شوز ومحاولتهم إثبات الولاء بشكل مبالغ فيه.. فإن من التعليمات والتلقينات ما يشوه النظام ويسحب من رصيده ويتعارض مع أهدافه، ويسبب له كوارث لا يستطيع تحملها”.

واختتم الدكتور ندا مقاله بالقول “في زمن أحمد موسى، يقدم مذيعو التوك شوز منتجات منتهية الصلاحية.. المسافات النفسية بين الإعلاميين والجمهور تتسع، والتباعد الاجتماعي بينهم يزداد، والمصداقية هي (الفريضة الغائبة) والثقة هي الضحية رقم واحد.. والإعلاميون حرقوا كل فدادين الثقة التي كانت قائمة.. تمامًا مثلما حرقها (أحمد سعيد وزملاؤه) في 1967!”.

وبعد الهجوم الضاري عليه من قبل أحمد موسى ونشأت الديهي وغيرهم، نشر الدكتور ندا أمس تدوينة مطولة وجهها إلى طلبة كلية الإعلام تحت عنوان (يا ولدي هذا عمك “أحمد موسى”!) اعتذر فيها لتلاميذه عن المشهد الإعلامي الحالي والحال الذي آل إليه وقدم لهم عددًا من النصائح والتوصيات للمستقبل مستشهدًا بالواقع.

المصدر : الجزيرة مباشر