تطورات الوضع في أفغانستان.. أمريكا وألمانيا تنصحان رعاياهما بعدم التوجه لمطار كابل والاتحاد الأوربي يراقب

القوات المسلحة البريطانية مع الجيش الأمريكي يعملان لإجلاء المدنيين المؤهلين وعائلاتهم خارج البلاد (غيتي)

نصحت الولايات المتحدة وألمانيا، أمس السبت، رعاياهما في أفغانستان بعدم الذهاب إلى مطار كابل، وحذرتا من مخاطر أمنية مع احتشاد الآلاف سعيا إلى الفرار من البلاد بعد أسبوع من سيطرة حركة طالبان على البلاد.

وزادت الحشود عند المطار رغم الأجواء الحارة المستمرة منذ أسبوع، واصطدم آباء وأمهات وأطفال بجدران خرسانية أثناء التدافع في محاولات يائسة للسماح لأسرهم بالمغادرة.

وقال مسؤولون في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وطالبان إن الحركة حثت من لا يملكون وثائق سفر على العودة إلى ديارهم، وإن ما لا يقل عن 12 شخصا قُتلوا في المطار وحوله، منذ الأحد الماضي.

وجاء في بيان أصدرته السفارة الأمريكية أنه “بسبب تهديدات أمنية محتملة خارج بوابات مطار كابل، ننصح الرعايا الأمريكيين بعدم الذهاب إلى المطار وتحاشي بوابات المطار في الفترة الحالية ما لم تتلقوا تعليمات شخصية بذلك من ممثل للحكومة الأمريكية”.

ونصحت السفارة الألمانية رعاياها في أفغانستان بعدم الذهاب إلى المطار، محذرة – في رسالة بالبريد الإلكتروني – من أن طالبان تفرض ضوابط صارمة بشكل متزايد حول المطار.

مطار كابل يشهد توترا غير مسبوق
مطار كابل يشهد توترا غير مسبوق (غيتي)

وقال مسؤول عسكري أمريكي كبير إن بوابات مطار كابل أُغلقت لفترات قصيرة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، لكن لم ترد أنباء عن حدوث تغيير في الوضع “العدائي” داخل المطار ولا في محيطه.

توفير خروج سلس

وقال مسؤول من طالبان لرويترز إنه لا يمكن استبعاد وجود مخاطر أمنية، لكن الحركة “تسعى لتحسين الموقف وتوفير خروج سلس” لمن يحاولون مغادرة البلاد، مطلع هذا الأسبوع.

وتسعى طالبان إلى تشكيل حكومة جديدة، ووصل الملا عبد الغني برادر رئيس المكتب السياسي للحركة إلى كابل لإجراء محادثات مع قادة آخرين، أمس السبت.

وأدى التقدم السريع الذي حققته الحركة في أنحاء البلاد، تزامنا مع انسحاب القوات التي تقودها الولايات المتحدة وما وصفته المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، السبت، بأنه “انهيار بسرعة شديدة” للجيش الأفغاني، إلى إثارة المخاوف من عمليات انتقامية والعودة إلى تطبيق مفهوم متشدد للشريعة الإسلامية مارسته طالبان عندما كانت في السلطة قبل عقدين من الزمن.

وقالت وزارة الخارجية السويسرية، السبت، إن سويسرا أرجأت رحلة طيران عارض من كابل بسبب الفوضى عند المطار.

وأضافت الوزارة في بيان “تدهور الوضع الأمني حول مطار كابل بشكل كبير خلال الساعات الماضية. هناك عدد كبير من الأشخاص أمام المطار وأحيانا تعوق المواجهات العنيفة الوصول إلى المطار في كابل”.

وقال مسؤولان أمريكيان، اليوم، إن الولايات المتحدة أجلت 2500 أمريكي من كابل خلال الأسبوع الماضي، وأضافا أن واشنطن تخوض سباقا مع “الزمن والمكان” من أجل إجلاء الراغبين في الخروج من أفغانستان.

وقال الميجر جنرال وليام تايلور في إفادة صحفية بمقر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إنه تم إجلاء 3800 شخص على متن طائرات عسكرية أمريكية ورحلات طيران عارض من مطار كابل خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، ليصل إجمالي عدد من تم إجلاؤهم خلال العملية الجارية إلى 17 ألفا.

وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي إنه ليس لديه “رقم محدد” بشأن عدد الأمريكيين الذين لا يزالون في أفغانستان، مؤكدًا “نخوض سباقا مع الزمن والمكان، هذا هو السباق الذي نخوضه الآن، ونحاول القيام بذلك بأسرع ما يمكن وبأمان”.

ورفض كيربي وصف “صور التهديد” بشكل محدد في كابل، لكنه وصف الوضع الأمني بأنه “مضطرب وغير مستقر”، وقال إن هدف الولايات المتحدة هو “إجلاء أكبر عدد ممكن من الناس بأسرع ما يمكن. ينصب تركيزنا على ذلك”.

إدارة الأزمة

وقال مسؤول من طالبان إن الحركة تخطط لإعداد نموذج جديد لحكم أفغانستان خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وإن فرقا أخرى ستتعامل مع المسائل الأمنية والمالية، مضيفًا “سندعو خبراء من الحكومة السابقة لإدارة الأزمة”.

وقال إن الإطار الجديد لحكم البلاد لن يكون ديمقراطيا بالتعريف الغربي لكنه “سيحمي حقوق الجميع”.

وأضاف مسؤول طالبان أن برادر سيلتقي خلال زيارته لكابل مع عدد من قادة الحركة ومسؤولين حكوميين سابقين وسياسيين وعلماء دين وآخرين.

ويؤكد التأخير في تشكيل حكومة أفغانية جديدة، أو حتى الإعلان عن اسم الشخص الذي سيقود حكومة طالبان، مدى عدم استعداد الحركة للانهيار المفاجئ للقوات التي دربها الغرب والتي كانت تقاتلها منذ سنوات.

وعلى طالبان، التي لم يصدر زعيمها الأعلى الملا هيبة الله أخونزاده أي تصريح علني حتى الآن، أن توحد أيضا الجماعات المختلفة داخل الحركة التي ربما لن تتوافق الآن مصالحها معها بشكل دائم بعد تحقيق النصر.

وسعت طالبان للظهور بوجه أكثر اعتدالا منذ سيطرتها على السلطة، الأسبوع الماضي، إذ قالت إنها تريد السلام ولا تنوي الانتقام من أعدائها القدامى وستحترم حقوق المرأة في إطار الشريعة.

وعندما كانت في السلطة من عام 1996 إلى عام 2001، منعت طالبان النساء من العمل أو الخروج من دون وضع البرقع مع ثوب يغطيها بشكل كامل، كما منعت أطفالا من الذهاب إلى المدارس.

وأبلغ مواطنون أفغان وجماعات إغاثة دولية عن وقوع أعمال انتقامية في مواجهة الاحتجاجات واعتقال أولئك الذين شغلوا مناصب حكومية سابقا أو انتقدوا طالبان أو عملوا مع الأمريكيين.

وقال مسؤول طالبان الذي طلب عدم الكشف عن هويته “سمعنا عن ارتكاب بعض الفظائع والجرائم ضد المدنيين” وأضاف “لو كان (أعضاء) طالبان يفعلون هذه المشاكل المتعلقة بالقانون والنظام فسيُحقق معهم”.

موقف الاتحاد الأوربي

وقالت أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوربية، السبت، إن الاتحاد الأوربي لم يعترف بحركة طالبان ولا يجري محادثات سياسية معها وذلك بعد أسبوع من سيطرة طالبان على أفغانستان.

وأكملت حركة طالبان سيطرتها السريعة على أفغانستان، الأحد الماضي، ودخلت العاصمة كابل من دون إطلاق رصاصة واحدة.

وأدلت رئيسة الذراع التنفيذية للاتحاد بالتصريحات بعد زيارتها مركز استقبال في مدريد لموظفين أفغان لدى مؤسسات تابعة للاتحاد الأوربي جرى إجلاؤهم من كابل.

وقالت فون دير لاين إنها ستقترح زيادة المساعدات الإنسانية التي خصصتها المفوضية لأفغانستان هذا العام وهي 57 مليون يورو (67 مليون دولار) مؤكدة أن الأموال مرهونة باحترام حقوق الإنسان وحسن معاملة الأقليات واحترام حقوق النساء والفتيات.

وأضافت في مؤتمر صحفي “قد نسمع كلام طالبان لكننا سنقيمهم قبل كل شيء من خلال أفعالهم وتصرفاتهم”، مشيرة إلى أن المفوضية مستعدة لتوفير التمويل لدول الاتحاد الأوربي التي تساعد في إعادة توطين اللاجئين وإنها تعتزم إثارة قضية إعادة توطين اللاجئين في اجتماع مجموعة السبع الأسبوع المقبل.

متاعب طالبان في الشمال

وقالت قوات مقاومة لحركة طالبان في شمال أفغانستان إنها سيطرت على ثلاث مناطق قريبة من وادي بنجشير حيث تجمعت فلول القوات الحكومية وجماعات مليشيات أخرى.

وقال وزير الدفاع الجنرال بسم الله محمدي -الذي تعهد بمقاومة طالبان- على تويتر إنه تم الاستيلاء على مناطق ديه صالح وبانو وبول حصار في إقليم بغلان المجاور شمالي بنجشير.

ولم يتضح حتى الآن هوية هذه القوات لكن هذا التطور يزيد من المؤشرات على وجود معارضة لطالبان التي وصلت إلى السلطة في حملة خاطفة شهدت سيطرتها على جميع المدن الرئيسية في أفغانستان.

ونقلت قناة تلفزيون طلوع نيوز عن قائد بالشرطة المحلية قوله إن منطقة بانو في بغلان صارت تحت سيطرة قوات الميليشيات المحلية وإن هناك خسائر فادحة في الأرواح، في حين لم تعلق طالبان على ذلك، كما أنها لم تحاول -حتى الآن- دخول بنجشير.

وتعهد نائب الرئيس السابق أمر الله صالح وأحمد مسعود -نجل أحمد شاه مسعود قائد المجاهدين الذين قاوموا القوات السوفيتية- بمقاومة طالبان من بنجشير التي صدت القوات السوفيتية وطالبان في الثمانينيات والتسعينيات.

حركة طالبان تسيطر على الأوضاع في أفغانستان
حركة طالبان تسيطر على الأوضاع في أفغانستان (غيتي)

ويقول مقربون من مسعود إن ما يزيد على ستة آلاف مقاتل، من فلول وحدات الجيش والقوات الخاصة وكذلك مجموعات المليشيات المحلية، تجمعوا في الوادي، ومعهم بعض الطائرات المروحية والمركبات العسكرية، وإنهم أصلحوا بعض المركبات المدرعة التي خلفها السوفييت.

ولا توجد صلة على الأرجح بين الجماعات في بنجشير والمظاهرات التي تبدو غير منسقة في بعض المدن الشرقية والعاصمة كابل حيث رفع المتظاهرون العلم الأفغاني بألوانه الأحمر والأخضر والأسود.

وعبر دبلوماسيون غربيون وآخرون عن شكوكهم بشأن قدرة الجماعات المتجمعة هناك على شن مقاومة فعالة في ظل الافتقار إلى الدعم الخارجي والحاجة إلى إصلاح الأسلحة وصيانتها.

المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع التواصل + وكالات