كاتب أمريكي: هجمات 11 سبتمبر كانت مأساة ولكن ما فعلناه في العشرين عاما التالية كارثة

في الذكرى الـ 20 لهجمات 11 سبتمبر/أيلول نشرت الواشنطن بوست مقالا للكاتب الأمريكي بول والدمان أشار فيه إلى نتائج استطلاع أجرته الصحيفة حول إن كانت الهجمات غيرت البلاد بطريقة دائمة وهل للأفضل أم للأسوأ.

وجاءت النتيجة كالتالي: 46% يرون أن الولايات المتحدة تغيرت للأسوأ بينما يرى 33% أنها تغيرت للأفضل، ويتساءل والدمان: إلى أي مدى ينبغي أن تكون مخدوعًا عندما تعتقد أن أمريكا تغيرت للأفضل بعد 11 سبتمبرأيلول؟

ويفسر الكاتب تلك النسبة من الأمريكيين الذين يرون أن البلاد تغيرت للأفضل قائلًا “ربما كانت ذكرى باقية من الأيام الأولى التي تلت الهجمات، عندما دفعتنا المأساة إلى المشاركة لفترة وجيزة في الحزن والغضب وامتلأت وسائل الإعلام بقصص حول (وحدتنا) الجديدة، مع الأعلام الأمريكية في كل مكان والديمقراطيين والجمهوريين يغنون معًا (بارك الله في أمريكا)”.

ولكن لم يدم ذلك الأمر كثيرًا، بل وشهد العقدان التاليان للهجمات آثارًا مأساوية ومقلقة تباعًا، وما لم يكن يعمل 33% من الأمريكيين لحساب متعاقدين عسكريين، فمن الصعب أن نرى أين يجدون تلك الآثار الإيجابية لهجمات 11 سبتمبرأيلول على حد قول الكاتب.

حتى تلك “الوحدة” سرعان ما اتضح أنها خدعة، فقد توحدنا بالتأكيد في الرغبة في إرسال الجيش إلى أفغانستان ورأينا كيف انتهى ذلك. استغرق الأمر حوالي عشر دقائق حتى تبدأ إدارة الرئيس جورج بوش في استغلال الهجمات لصالحها. وفي ذلك اليوم حرفيا، كتب وزير الدفاع دونالد رامسفيلد مذكرة إلى مساعديه يسأل فيها إن كان يمكن استخدام الحطام الذي لا يزال مشتعلًا مبررا لغزو العراق؟

وبقدر ما اتضح أن حرب أفغانستان كانت كارثة -بأي مقياس معقول- كان العراق أسوأ منها وفق تعبير الكاتب. ووفقًا لأحد التقديرات، فإن تكلفة الحرب على الإرهاب -بما في ذلك العراق وأفغانستان وعشرات البلدان الأخرى التي امتدت إليها- بلغت 8 تريليون دولار و900 ألف شخص.

وفي تلك الأثناء أنشأ المسؤولون بأمريكا بنية تحتية للمراقبة مترامية الأطراف تم تغذيتها بمئات المليارات من الدولارات وسلطة اتخاذ خطوات غير مسبوقة للتجسس على الأجانب والأمريكيين، دون أي إشراف حقيقي أو مساءلة عامة.

يقول الكاتب “أصبحنا في كل مكان نذهب إليه نتعرض لفحص وإزعاج شديدين بعضه ضروري والكثير منه ليس أكثر من استعراض أمني يهدف إلى جعل الأمر يبدو وكأننا محميون. قمنا بعسكرة شرطتنا المحلية وأرسلنا أسلحة الحرب إلى الإدارات التي لا تتعامل في العادة مع أي خطر يفوق تجار المخدرات الصغار. وباتت هذه الأسلحة تُستخدم ضد الجمهور، ولم تكن نظريات المؤامرة الغريبة أكثر انتشارًا مما هي عليه الآن”.

ويضيف “لأول مرة في التاريخ، أصبح استخدام التعذيب سياسة رسمية للحكومة الأمريكية، إذ استخدم المسؤولون الأمريكيون الضرب والإيهام بالغرق ودرجات الحرارة القصوى والحرمان من النوم والوضعيات المجهدة (المصممة لإحداث ألم مبرح) وعمليات إعدام وهمية للسجناء.

هل كانت هناك أي تأثيرات إيجابية لأحداث 11 سبتمبر؟

يجيب الكاتب “الجواب واضح: لا. لم نصبح أكثر لطفًا مع بعضنا البعض. لم تتوقف نزاعاتنا السياسية والثقافية عن التعمق. لم نحصل على فهم جديد وأعمق لمكاننا في العالم. لسنا أذكى ولا أكثر حكمة ولا أكثر إنسانية”.

ولكن يمكن للحزب الجمهوري بالتأكيد أن يقول إن الهجمات أعادت تنشيط الإحساس بالهدف والتركيز بعدما خسرنا ذلك عقب انهيار الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة.

يقول الكاتب “قدمت الحرب على الإرهاب صراعًا عظيمًا بين الحضارات، حيث لا مخطط غريب للأطوار غير ممكن الحدوث، ولا شيء يمكن اعتباره وحشيًا وغير أخلاقي لدرجة لا تسمح بالانخراط فيه”.

وبعد عشرين عامًا، إذا كنا أقل احترامًا في العالم ، فهذا ليس أكثر مما نستحقه بالنظر إلى كوارث سياستنا الخارجية. وفي الداخل، أصبحنا أكثر غضبًا وضعفًا وتوهمًا وانقسامًا. فقد انتخبنا دونالد ترمب ليكون رئيسًا، الذي ربما يكون أكثر المواطنين فسادًا وأقلهم أخلاقًا، وفق تعبير الكاتب.

واختتم والدمان مقاله بالقول “كل الطرق التي حاولنا بها تحويل رعب 11 سبتمبرأيلول إلى تقدم وطني وعالم أفضل فشلت فشلًا ذريعًا. ومرة أخرى، هناك العديد من الدروس يمكن تعلمها إذا تمكنا فقط من توضيح رؤيتنا وإيجاد طريقنا نحوها”.

المصدر : واشنطن بوست