واشنطن بوست: إدارة بايدن تواصل التشدق بحقوق الإنسان في مصر

الرئيس الأمريكي جو بايدن (رويترز)

قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إن الرئيس جو بايدن عندما وعد في وقت سابق بأن السياسة الخارجية للولايات المتحدة في عهده ستركز على “الدفاع عن الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان”، رُفع سقف التوقعات حول العالم، لكن لا يبدو أن إدارته مستعدة لتحقيق الوعد في الشرق الأوسط، وأحدث مثال على ذلك هو مصر.

وذكّر كاتب الرأي جوش روجين عبر مقاله على الصحيفة بانتقاد بايدن خلال حملته الانتخابية لـ”علاقة الحب” بين الرئيس السابق دونالد ترمب والحكام المستبدين في المنطقة.

واعتبر الكاتب المتخصص في السياسة الخارجية والأمن القومي أن إدارة بايدن واصلت منذ توليه المنصب النمط الأمريكي السابق “التشدق بحقوق الإنسان في مصر دون القيام بأي إجراءات قد تعطل العلاقات الثنائية” مثل حجب جزء من المساعدات العسكرية.

وعد بلينكن

وعاد المقال إلى، فبراير/شباط الماضي، عندما وافقت وزارة خارجية بايدن على بيع صواريخ بقيمة 200 مليون دولار للجيش المصري، وذلك بعد أيام فقط من اعتقال السلطات المصرية لأفراد من عائلة  محمد سلطان الأمريكي من أصول مصرية والناشط في مجال حقوق الإنسان الذي تعرض للتعذيب في أحد السجون المصرية سابقًا.

وأفاد روجين أن وزراء الخارجية الأمريكيين -منذ نحو 10 سنوات- يتراجعون عن شرط حجب 300 مليون دولار من المساعدات العسكرية المقدمة إلى مصر مقابل تصويبها لملف حقوق الإنسان، وهو جزء من إجمالي 1.3 مليار دولار من تمويل واشنطن العسكري الممنوح للقاهرة سنويًا.

واستطرد “في يونيو/حزيران الماضي، حثت منظمات حقوق الإنسان وزير الخارجية أنتوني بلينكن على كسر هذا النمط ومنع المساعدات مبرزة انزلاق السيسي المستمر نحو البلطجة الاستبدادية”.

وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن (رويترز)

وقال الكاتب إن وزارة الخارجية أبلغت الكونغرس، أول من أمس الثلاثاء، أنها توصلت إلى حل وسط، وكما ذكرت صحيفة (بوليتيكو) فإن بلينكن لن يتنازل عن القيود المنصوص عليها في القانون، بما أنه لا يستطيع أن يثبت أن مصر تحقق تقدما في ملف حقوق الإنسان.

وتابع الكاتب “أخبرني المسؤولون أنه سيتم منح 170 مليون دولار لمصر بموجب استثناء في القانون لبنود تتعلق بمكافحة الإرهاب وأمن الحدود، بينما سيتم تأجيل منح 130 مليون دولار أخرى -ضمن المبلغ الإجمالي البالغ 300 مليون دولار- في انتظار المزيد من الإجراءات من الحكومة المصرية”.

قائمة شروط

ونقل روجين عن مسؤول كبير في إدارة بايدن قوله “نشعر حقًا أن علاقتنا الثنائية مع مصر ستكون أقوى وأن مصالح الولايات المتحدة ستُخدم بشكل أفضل من خلال المشاركة في تعزيز مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة ومعالجة مخاوف حقوق الإنسان”.

وأشار المسؤول في حديثه للكاتب إلى أن السيسي أصدر هذا الأسبوع أول استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان، وأن الإدارة الأمريكية قدمت قائمة بخطوات محددة يجب على الحكومة المصرية اتخاذها للإفراج عن بقية الدعم، إلا أن المسؤول رفض ذكر أي منها.

وأوضح المسؤول لروجين أن الولايات المتحدة ومصر لديهما الكثير من جهود التعاون الأمني ​​المستمرة التي تعود بالنفع على الجانبين.

وقال إن فريق بايدن “ما زال قلقًا” بشأن عدد من ممارسات الحكومة المصرية في مجال حقوق الإنسان، وتشمل -وفق أحدث تقرير لوزارة الخارجية- عمليات قتل خارج القانون والإخفاء القسري والتعذيب والاعتقال التعسفي والانتقام بدوافع سياسية وقيود خطيرة على حرية التعبير والصحافة والإنترنت.

ضغط من الداخل

وكان كريس ميرفي -رئيس اللجنة الفرعية للشرق الأوسط بلجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ- قد انتقد إجراء بلينكن، ووصفه -في بيان الإثنين الماضي- بـ”تنفيذ فاتر للنظام الأساسي وفرصة كبيرة ضائعة للوقوف بقوة وبشكل لا لبس فيه من أجل حقوق الإنسان”.

السيناتور كريس ميرفي (رويترز)

وأشار المقال إلى أن ميرفي كان يضغط على إدارة بايدن للمضي قدمًا على الجانبين العام والخاص، وفي خطاب ألقاه في يوليو الماضي، أشار إلى وجود ما يصل إلى 60 ألفًا من المعارضين السياسيين في السجون المصرية، في إطار جزء من حملة واسعة النطاق ضد الديمقراطية.

ونقلت الصحيفة عن ميرفي قوله “تعتقد مصر أنها تستطيع التصرف بالطريقة التي تريدها وتنفيذ حملة واسعة من القمع السياسي، وأن الكونغرس والرئيس الأمريكي -سواء كان جمهوريًا أو ديمقراطيًا- سيستمر في منح المال”.

تراجع منتظَر

استبعد روجين أن يواجه فريق بايدن انتقادات لقراره بشأن مصر من بقية أعضاء الكونغرس، وبموجب شروط التمويل العسكري ستتدفق الأموال إلى حد كبير على مقاولي الدفاع الأمريكيين الذين يتمتعون بالدعم من الجانبين.

وتوقع كاتب المقال -استنادا إلى حديث مع أحد موظفي مجلس الشيوخ في الحزب الجمهوري- أن يفرج الكونغرس هذا الأسبوع عن 900 مليون دولار من أصل المليار دولار المتبقية من المساعدات العسكرية لمصر التي تم تعليقها.

وقال إن المشرعين يشعرون بالقلق من أن يزيد تعاون السيسي العسكري مع موسكو، بما في ذلك شراء الطائرات الروسية، لكن منظمات حقوق الإنسان لن تتراجع عن انتقاداتها.

الرئيس المصري (يمين) مع وزير الخارجية الأمريكي (يسار) (فيسبوك)

ورأى روجين أن إدارة بايدن تعهدت مرارا بوضع حقوق الإنسان في قلب سياستها الخارجية وعلى وجه التحديد في علاقتها مع مصر، معتبرا القرار الأخير “خيانة لهذه الالتزامات” كما وصفها حقوقيون في بيان مشترك، أول من أمس الثلاثاء.

ونقل كاتب المقال عن بريان كاتوليس -الزميل في مؤسسة التقدم الأمريكي والباحث في سياسة الأمن القومي الأمريكي في الشرق الأوسط وجنوب آسيا- قوله إن فريق بايدن يحاول تجنب الانتقادات من خلال إمساك العصا من النصف بين مجتمع حقوق الإنسان والحكومة المصرية.

وقال كاتوليس “الأمر ترك انطباعا مشوشا لدى الجميع وخاصة مصر، وفي الوقت نفسه هذا لا يفعل شيئًا لجعل حقوق الإنسان أولوية ولا يوطّد علاقتنا الأمنية الثنائية مع مصر”.

المصدر : واشنطن بوست