ألهمت رسامين وفنانين وشعراء وصحفيين.. “ملعقة أسرى جلبوع” تصبح رمزا وشعارا للنضال

تجمع مناصر لأسرى سجن جلبوع (غيتي)

استغرق الفلسطينيون في نشوة الانتصار بعد فرار 6 معتقلين من سجن جلبوع الإسرائيلي شديد الحراسة، ولم يصدقوا ما حصل وتداولوا حول الرواية قصصا تمجد بطولة الأسرى الفارّين.

وذكر تقرير لفرانس برس أن أبرز الروايات حول الحادثة، والتي تفيد بأن الأسرى الفلسطينيين الستة استخدموا الملعقة لحفر النفق الذي خرجوا منه إلى الحرية قبل أن يُعتقل أربعة منهم مجددا.

وتحوّلت الملعقة إلى رمز لعمية الفرار وإلى رمز للنضال وألهمت رسامين وفنانين وشعراء وصحفيين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي وتناولها رسما ونحتا وشعرا.

ولم يعرف تماما من أطلق رواية الملعقة ولم يتم التأكد من دقتها في ظل غياب رواية رسمية لتفاصيل العملية وفي ظل قرار إسرائيلي رسمي بمنع النشر.

ونقل المحامي رسلان محاجنة عن الأسير محمود العارضة بعد إعادة اعتقاله قوله إنهم “استخدموا كل ما هو صلب خلال عملية الحفر نفق الحرية”.

وأوضح “قال لي إن عملية الحفر بدأت في ديسمبر/كانون الأول 2020” وأنهم استخدموا “كل ما هو صلب خلال عملية الحفر من ملاعق وصحون وحتى يد الغلاية”.

وأوردت صحيفة (جيروزالم بوست) الإسرائيلية، في 8 سبتمبر/أيلول الجاري، مقالا ذكرت فيه أن السجناء “حفروا النفق باستخدام ملعقة صدئة”.

وفي مقال نشر على الموقع الإلكتروني (عربي 21) كتب الكاتب الفلسطيني ساري عرابي “بالإرادة والسهر والكتمان وتكرار المحاولة والتحايل على العدوّ -وبالملعقة- أمكن حفر نفق تحرّر منه الفلسطيني وانحبس فيه العدو”.

رمز للبطولة

وتحولت الملعقة فجأة إلى رمز بطولي على مواقع التواصل الاجتماعي في الأراضي الفلسطينية وفي دول عربية، واحتفى بها شعراء وصحفيون وناشطون ومغردون.

وكتب ناشطون يمجدون الملعقة وما فعلته وكتبت حسابات على تويتر “ملعقة خلفها أبطال وعزيمة، تفوقت بقوتها على الأمن الإسرائيلي”.

وفي الأردن جسّد مصمم الغرافيك رائد القطناني عملية الفرار عبر تصوير المعتقلين مسلحين وقد استخدموا يد الملعقة جسرا نحو الحرية وكتب على الرسم باللون الأحمر “يا حرية”.

ونشر الرسم على موقع (ملتقى فلسطين) وحصد إعجاب الآلاف من متابعيه عبر حسابين على فيسبوك وإنستغرام.

وقال القطناني “لا يوجد مصدر موثوق يؤكد استخدامهم الملعقة”، وأضاف “هي تصوّر فني بحت، لم يقصد به الحالة بحد ذاتها وإنما الرمزية الخاصة بها”.

وأوضح أنه اعتمد الملعقة كأداة تحرّر خصوصا أنها استخدمت كثيرا في “معركة الأمعاء الخاوية” في إشارة إلى الإضراب عن الطعام الذي يخوضه المعتقلون الفلسطينيون بين الفينة والأخرى.

أمّا رسام الكاريكاتير الفلسطيني محمد سباعنة فنشر 3 رسوم على الأقل توثّق عملية الفرار تضمنت جميعها ملعقة.

وحمل أحد هذه الرسومات عنوان “نفق الحرية” وفيه رسم لأسير فلسطيني يحفر نفقا باستخدام الملعقة ومن خلفه الشمس.

ووفق ما ذكر محمد سباعنة الذي سبق أن قضى 6 أشهر رهن الاعتقال بسبب عمله، تغيب الأدوات الحادة عن المعتقلات في العادة.

لكنه شرح كيف يعمل الأسرى على إعادة تدوير كل ما يدخل المعتقل بطريقة “لا نتخيلها نحن في الخارج”.

أول محاولة

في عام 1996، نجح الأسير الفلسطيني السابق غسان مهداوي وأسير ثان بالفرار من سجن (كفار يونا) وقال إنها كانت أول عملية فرار تنفذ عبر نفق بطول 11 مترا تقريبا باستخدام مسمار.

ويبدي مهداوي (48 عاما) الذي قضى ما مجموعه 19 عاما في الاعتقال ويعيش اليوم في مدينة طولكرم في الضفة الغربية، إعجابه بعملية الفرار الأخيرة.

ويقول مهداوي “الأسرى قادرون على كل شيء، حتى الحفر بالأظافر”، ويرى أن “الملعقة رمز للعمل الشاق الذي بذله الأسرى.

وأشار إلى أن الأسرى لا يستطيعون أن يحفروا بواسطة ملعقة، فالإسمنت يحتاج إلى أدوات حادة حديثة” خاصة في معتقل مثل جلبوع أو ما يسمى بـ”الخزنة”.

ويرجّح الأسير السابق أن يكون الأسرى نجحوا في “تهريب منشار صغير أو ربما مسمار أو مطرقة صغيرة حصلوا عليها خلال أعمال ترميم داخل المعتقل” على غرار ما حدث معه في عملية هروبه.

وأوضح مهداوي الذي اعتقل ضمن خلية تابعة لحركة فتح خلال الانتفاضة الأولى “ربما هربوها (الأداة) خلال نقل أحدهم إلى سجن آخر أو إلى المحكمة أو العيادة”.

مادة للسخرية

في التجمعات والمظاهرات التي عمّت الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية وبلدات عربية إسرائيلية، حمل متظاهرون ملاعق في أيديهم وهم يحيون بطولة المعتقلين الفارين.

وعبر صفحته على موقع فيسبوك، نشر المتحف الفلسطيني في الولايات المتحدة عملا بصريا لملعقة معدنية ثبتت بشريط لاصق باللون الأسود على سطح أبيض وكتب في منشوره “عمل فني جديد، المزايدة تبدأ بمليون دولار”.

ونشر شاب مقطع فيديو لم يظهر فيه وجهه أثناء اتصاله بخدمة الطوارئ الإسرائيلية ليخبرهم أنه “شاهد 6 مشبوهين بالمنطقة وكل واحد منهم يحمل معلقة، أحدهم اسمه محمود والآخر زكريا”.

ويقول مهداوي الذي أعيد اعتقاله وأفرج عنه في 2009 “الفرار من المعتقلات الإسرائيلية فكرة تلازم كل أسير” معتبرا أن عملية الفرار الأخيرة “سيخلدها التاريخ”.

وأعلنت مصلحة السجون الإسرائيلي، في 6 سبتمبر الجاري، عن فرار 6 أسرى من سجن جلبوع عبر نفق وهم (زكريا الزبيدي ومناضل يعقوب نفيعات، ومحمد قاسم العارضة، ويعقوب محمود قادري، وأيهم فؤاد كممجي، ومحمود عبد الله العارضة).

وتسببت الحادثة في حرج كبير لسلطات الاحتلال كون السجن الذي فرّ من الأسرى كان شديد التحصين، وأحدثت صدمة في الأوساط السياسية والأمنية الإسرائيلية.

ووصف معلقون فرار الأسرى الفلسطينيين من خلال نفق نجحوا في حفره على مدى أشهر من داخل زنزانة إلى خارجه بأنه يشبه ما يجري في الأفلام”.

المصدر : الجزيرة مباشر + الفرنسية