درعا.. قوات النظام السوري تقصف الجامع العمري والأحياء المحاصرة بعد فشل الاتفاق ورفض الأهالي للتهجير

قوات النظام استهدف بصاروخ أرض أرض الجامع العمري الذي انطلقت منه الثورة السورية

نقل مراسل الجزيرة عن مصادر محلية أن ثلاثة مدنيين قتلوا جراء قصف قوات النظام السوري الأحياء المحاصرة في درعا، وذلك بعد أن جددت قوات النظام صباح اليوم قصف أحياء المدينة.

وقالت المصادر إن القصف استهدف بصاروخ أرض أرض الجامع العمري الذي انطلقت منه الثورة السورية عام 2011.

وقالت وسائل إعلام موالية للنظام السوري إن النظام أعطى مقاتلي المعارضة في درعا مهلة أخيرة ونهائية حتى يوم غد للقبول بكامل شروطه.

وكان عدد من المدنيين قد جرحوا في قصف مدفعي وصاروخي من قوات النظام.

ومساء السبت، استهدفت النظام منطقة درعا البلد بقصف مدفعي وصاروخي شديد بغية إخضاع سكان المنطقة لمطالبها.

واستأنفت وحدات من جيش النظام السوري قصف جيب للمعارضة في جنوب سوريا، الأحد، بعد انهيار اتفاق توسطت فيه روسيا للسماح للحكومة باستعادة السيطرة الكاملة على المنطقة.

وتوسط جنرالات روس في الاتفاق الذي جرى التوصل إليه في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء الماضي، لتفادي حرب مدن دامية بعد أعنف قصف نفذته وحدات من قوات النخبة على منطقة تسيطر عليها المعارضة في مدينة درعا أثناء حصار استمر لشهرين أجبر كثيرين من السكان البالغ عددهم 50 ألف نسمة على الفرار.

وحذر الائتلاف الوطني السوري المعارض مما سماه إتمام إيران لمشروعها في درعا والجنوب السوري، قائلا إنه يتم بتنفيذ النظام السوري مع الشراكة الروسية.

وأضاف الائتلاف في بيان، أن المشروع سيغير البنية السكانية للمنطقة مع استمرار الحصار والقصف وصولا إلى التهجير القسري.

كما حذر من أن أضرار هذا المشروع لن تقتصر على حوران أو سوريا، بل ستتمدد إلى كل دول المنطقة، لا سيما الأردن ودول الخليج العربي.

ودعا الائتلاف الدول العربية وتركيا إلى التدخل بشكل عاجل لإنقاذ أهالي درعا ورفع الحصار عنهم وحمايتِهم مما وصفها وحشية المليشيات.

كما هدد رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية سالم المسلط بوقف انخراط الائتلاف في أي عملية سياسية مع المجتمع الدولي في حال لم يتوقف ما وصفه بالإجرام ضد مدينة درعا جنوبي البلاد.

وقال المسلط في تغريدة على حسابه بتوتير: “ما لم يتوقف هذا الإجرام ضد أهلنا في ⁧‫درعا⁩، من خلال تحرك جدي وفوري للدول الفاعلة؛ فلن يبقى أي معنى لالتزامنا مع المجتمع الدولي بأي عملية سياسية على أي مستوى أو مسار”.

وأضاف المسلط “لا يمكن أن نقف متفرجين على قتل أهلنا بيد النظام المجرم وحلفائه”.

وكان المتحدث باسم لجنة التفاوض في درعا، المحامي عدنان المسالمة، قد قال إن نظام بشار الأسد انتهك وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة روسية في 1 سبتمبر/أيلول الجاري.

ولفت المتحدث أن “روسيا والنظام قدما طلبات إضافية على بنود الاتفاق الأساسية، وصفتها لجنة التفاوض بـ “التعجيزية” وأبرزها تسليم كامل السلاح الفردي ونشر تسعة حواجز عسكرية بدلا من 3 نقاط وهو ما نص عليه الاتفاق”.

وأردف: “فضلا عن التفتيش على المطلوبين للنظام ومخابئ الأسلحة، ما أوصل المفاوضات إلى طريق مسدود”.

والجمعة الماضية، انهار الاتفاق أثر خلافات حول مدى سيطرة نظام الأسد ونزع سلاح من كانوا من قبل في صفوف المعارضة، وكانت هذه المنطقة مهدا للاحتجاجات السلمية على حكم بشار الأسد وعائلته، عام 2011، وقوبلت تلك الاحتجاجات باستخدام القوة قبل أن تنتشر في جميع أنحاء البلاد وتتطور إلى حرب أهلية.

ورفضت المعارضة وشخصيات محلية نافذة مطالب جديدة للجيش، الجمعة، بأن ينشر نقاط التفتيش في أحياء درعا البلد السكنية ويُجري عمليات تفتيش من منزل إلى منزل، قائلين إن الاتفاق يسمح بوجود أقل انتشارا عندما تبسط الدولة سيطرتها على المنطقة، وإن على الشرطة العسكرية الروسية تسيير دوريات لمنع الفصائل المسلحة التي طوقت الجيب من دخوله.

وقد طلبت عشائر المدينة من الجانب الروسي تأمين عملية تهجير جماعي لأهالي درعا البلد إلى تركيا أو الأردن بعد انقلاب النظام على بنود الاتفاق المبرم معها.

واستعادت القوات الأسد مدعومة بالقوات الجوية الروسية وميليشيات السيطرة على محافظة درعا في 2018، وأكدت موسكو لإسرائيل والولايات المتحدة في ذلك الوقت أنها ستمنع ميليشيات تدعمها إيران من التسلل لمنطقة الحدود.

واضطر الاتفاق عشرات من مقاتلي المعارضة المدعومين من الغرب لتسليم أسلحة ثقيلة ولكنه حال دون دخول قوات الأسد درعا البلد.

وقال جيش الأسد، اليوم الأحد، إنه أعد حافلات لإجلاء مقاتلي المعارضة الذين يعارضون الاتفاق إلى منطقة في شمال غرب سوريا تحت سيطرة مقاتلين مدعومين من تركيا.

وقال متحدث باسم قوات الأسد متهما مقاتلي المعارضة بالنكوث عن تعهداتهم “الجيش يصر على السيطرة على المنطقة بالكامل وعدم الرجوع لحالة الفوضى وغياب القانون”.

قطر تندد باستهداف درعا

ونددت الخارجية القطرية، اليوم الأحد، بهجوم قوات النظام السوري على محافظة درعا (جنوب)، واصفة الهجوم بـ”الوحشي”.

ومساء أمس السبت، استهدفت قوات نظام بشار الأسد منطقة “درعا البلد” بالمحافظة بقصف مدفعي وصاروخي شديد بغية إخضاع سكان المنطقة لمطالبها.

ووصفتت الوزارة في بيان الهجوم بأنه “امتداد لسلسة الجرائم النكراء التي ظل يرتكبها النظام في حق الشعب السوري الشقيق خلال السنوات الماضية”، مشددة على أن “الجرائم المروعة التي مارسها النظام السوري في درعا أدت إلى نزوح عشرات الأسر، الأمر الذي يخالف القانون الإنساني الدولي”.

وأوضحت الخارجية القطرية أن ذلك “يستوجب تحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، والوصول الآمن والمستدام ودون عوائق إلى جميع المحتاجين”.

وجددت التأكيد على موقف قطر الثابت بدعم الجهود الدولية التي تهدف إلى التوصل لحل سياسي لإنهاء الأزمة السورية.

مناشدة لملك الأردن

وناشد أعضاء في لجنة التفاوض ووجهاء عشائر في مدينة درعا، أمس السبت، الملك الأردني عبد الله الثاني السماح للأهالي بدخول أراضي المملكة.

يأتي ذلك بعد انتهاك النظام السوري لاتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ 4 أيام، والتقدم بمطالب إضافية لم يكن الاتفاق المذكور يتضمنها.

وطالب بيان للجنة التفاوض ووجهاء العشائر، الملك الأردني بالتدخل لوقف هجوم قوات النظام والميليشيات المدعومة من إيران، على المدينة.

وجاء في البيان “نناشدكم يا جلالة الملك أن تتدخلوا لوقف خيارات الموت والإبادة والتهجير التي نتعرض لها من قبل الميليشيات الإيرانية وقوات النظام دون تدخل روسي لمنعها”.

وكان المعارض السوري أحمد حمادة قد طالب، الخميس الماضي، الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية، بالتحرك لوقف جرائم النظام في محافظة درعا.

وفي مؤتمر صحفي بمدينة إسطنبول، أدان حمادة “الحصار والقصف الذي يفرضه النظام على منطقة درعا البلد، ومنع الدواء والغذاء بهدف إنهاء اتفاقية 2018، الموقعة بضمانة دولية روسية أردنية أمريكية”، معتبرًا أن “المطالب في هذه الاتفاقية تعجيزية رغم استجابة اللجنة المركزية في درعا لبعض المطالب”.

وحمّل المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة لوقف هذه الجرائم وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة.

وأفاد بأن “جرائم النظام وحلفائه بحق الشعب السوري انتهاك للأعراف والمواثيق الدولية المبرمة تحت مسمى خفض التصعيد، إضافةً إلى انتهاك القرارات الدولية”.

وفي المؤتمر ذاته، عبرت هند عقيل مديرة جمعية “اللمة” عن تضامن الشعب السوري لتقديم جميع أشكال الدعم والمساندة لأهالي درعا، مستنكرة “الصمت الدولي على التصعيد الأخير للنظام وروسيا التي تصل الى حد الانتهاكات”.

إدانة أممية وأمريكية

ودعت الأمم المتحدة للضغط على النظام وروسيا بشكل جدي لإنهاء التصعيد في درعا وحقن دماء أهلها.

وأدانت السفارة الأمريكية في دمشق، الأربعاء الماضي، الهجوم “الوحشي” الذي مارسه النظام السوري على محافظة درعا.

وقالت السفارة في تغريدة عبر تويتر “ندين هجوم نظام الأسد الوحشي على درعا، والذي أدى إلى مقتل مدنيين، وتشريد الآلاف، ونقص في الغذاء والدواء”.

وأضافت أن “الولايات المتحدة تدعو لوقف فوري لإطلاق النار، وحرية الدخول دون عوائق للأمم المتحدة والجهات الفاعلة الإنسانية”.

ودعا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، الثلاثاء الماضي، إلى إنهاء فوري للعنف في محافظة درعا (جنوب) وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.

وخلال جلسة لمجلس الأمن الدولي حول مستجدات الأزمة السورية، قال بيدرسون، إنه “يسعى حاليا إلى التوصل إلى اتفاق مستدام لإنهاء النزوح وضمان وصول المساعدات الإنسانية (إلى المحتاجين)”.

وتشهد منطقة “درعا البلد” في المحافظة، منذ فترة، قصفًا عنيفًا من جانب قوات النظام ومليشيات تابعة لها، ما أسفر عن مقتل عشرات المدنيين، بينهم نساء وأطفال، ونزوح نحو 10 آلاف شخص، وفق تقديرات الأسبوع الأول من أغسطس/آب الجاري.

وفي 25 يونيو/ حزيران الماضي، فرضت قوات النظام والمليشيات التابعة لها حصارا على منطقة “درعا البلد” بعد رفض المعارضة تسليم السلاح الخفيف، باعتباره مخالفا لاتفاق جرى بوساطة روسية عام 2018، ونص على تسليم السلاح الثقيل والمتوسط.

وبعد ذلك بشهر، توصلت لجنة التفاوض في منطقة “درعا البلد ” بمحافظة درعا، وقوات النظام إلى اتفاق يقضي بسحب جزئي للأسلحة الخفيفة المتبقية بيد المعارضة، ووجود جزئي لقوات النظام، إلا أن الأخيرة أخلت بالاتفاق وأصرت على السيطرة الكاملة على المنطقة.

وبعد قصف النظام للمنطقة ومحاولات عديدة لاقتحامها، أجرت لجنة التفاوض عدة اجتماعات مع الجانب الروسي من أجل التهدئة.

وفي مارس/آذار 2011، اندلعت في سوريا احتجاجات شعبية تطالب بإنهاء عشرات السنوات من حكم أسرة الأسد، وبدء تداول سلمي للسلطة، لكن رئيس النظام بشار الأسد -الذي يترأس النظام خلفا لوالده منذ عام 2000- استخدم الخيار العسكري لقمع المحتجين، ما دفع البلاد إلى حرب مدمرة.

المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع التواصل + وكالات