كيف تستطيع درجة حرارة واحدة أن تغير من اتزان كوكب الأرض؟ عصام حجي يجيب

يزيد ارتفاع درجة الحرارة مخاطر تبخر المياه مما يؤدي إلى مزيد من موجات الجفاف المتطرف (غيتي)

أليست السيول والفيضانات والحرائق وانخفاض منسوب الأنهار وتدهور المياه الجوفية وتآكل السواحل وتكرر العواصف وتغيّر تتابع الفصول كلها من فعل الطبيعة وستأخذ وقتها وتزول بعد حين؟ فلماذا كل هذا القلق من تغيّر المناخ؟
سؤال يتكرر في الشارع العربي مع كل مؤتمر للتغير المناخي والذي تسضيفه مصر هذا العام (COP27)، والإمارات في العام المقبل.

يقول عالم الفضاء المختص بدراسة المياه في الأرض والمجموعة الشمسية الدكتور عصام حجي –ضمن حوار حصري مع موقع الجزيرة مباشر– إن الكثيرين يعتقدون أن هذه التغيرات طبيعية وحدثت في الماضي خاصة أنه توجد أصوات تقترح ذلك لأن حرارة الأرض تغيرت بالفعل في العصور الجيولوجية السابقة، سواء بالزيادة أو النقصان وبالتالي يرون هذه التغيرات طبيعية ولا داعي لكل هذا القلق.

وأضاف: للأسف أزمة المناخ مثلها مثل غالبية القضايا العلمية في مجتمعنا العربي تعاني من اقتصاص الحقائق وتقديمها في شكل صور غير واقعية تبني على المنطق البسيط وليس الحقائق والأرصاد.

عالم الفضاء المختص بدراسة المياه في الأرض والمجموعة الشمسية الدكتور عصام حجي (فيسبوك)

ولكن ما غاب عن مرددي هذه الأفكار -وفق حجي- أن التغيرات الطبيعية السابقة في درجة حرارة الأرض، كانت تحدث على مدار ملايين السنين وكانت الكائنات الحية والمنظومة البيئية لها القدرة على التأقلم والتكيف معها، لكن هذا التغير أصبح الآن يحدث في أقل من مئة عام ولا تستطيع الكائنات الحية والبيئة التكيف معه ولا حتى البشر ولا البنية التحتية لمجتمعاتنا المدنية. فارتفاع حرارة الأرض درجة واحدة ليس مجرد زيادة في حرارة الفصول، هذا تفكير خاطئ فتلك الدرجة الواحدة قادرة على تغيير كل شيء يحيط بنا.

وضرب حجي مثال علي ذلك، أنت كإنسان عندما ترتفع حرارة جسمك درجة واحدة فقط تتغير وظائفه بشكل كامل، وأنت فرد واحد، فماذا يحدث في كوكب الأرض الذي يعيش عليه مليارات البشر وتكوينات بيئية معقدة، إذا ارتفعت حرارته هذه الدرجة الواحدة تخيّل حجم الكارثة.

وتابع: صحيح أن الطبيعة تتغير بشكل منتظم لكن تدخّل الإنسان بالتلوث الواسع النطاق جعل التغير أسرع وغير متوقع -وهو ما يؤكده حجي من واقع الدراسات- فتعاقب الفصول مثلًا ظل منتظمًا لعشرات آلاف السنين مع انتظام الغلاف الجوي للأرض وهو ما سمح بظهور الحضارات والزراعة وغيرها، لكن عندما بدأ الإنسان بزيادة الانبعاثات والغاز جعل هذه العملية أقل انتظاما في مناطق عدة وبدأت وتيرة التغيرات المناخية تزداد بشكل حاد وملحوظ. أمطار غزيرة وسيول وجفاف وحرائق في غير موعدها وبشكل سريع وغير متوقع.

سيول السودان أثرت في ولايات عدة
تدخّل الإنسان بالتلوث الواسع النطاق جعل التغير أسرع وغير متوقع (رويترز)

وضرب حجي مثالًا آخر، حيث تسقط الأمطار في يوم ما خلال أحد الأعوام لمدة 5 دقائق وتتسبب بحدوث سيول بينما قد تسقط نفس الكمية في اليوم ذاته من العام التالي خلال المدة نفسها أو أكثر ومع ذلك لا نرى أي سيول، والسبب هنا مرهون بالفترة التي سبقت هطول الأمطار. إذا كانت فترة جفاف فهذا يرجح حدوث سيول لأن التربة -بسبب شدة الجفاف- لا تستطيع امتصاص هذه الكمية من الأمطار، أما إذا سبقها فترات مطر صغيرة يمكن للتربة امتصاص نفس الكمية دون وقوع سيول، إذن كلما امتدت فترات الجفاف وأعقبها سقوط أمطار غزيرة فمن المتوقع حدوث السيول.

المصدر : الجزيرة مباشر