“الأسوأ لم يأت بعد”.. ارتفاع سعر الغذاء يزيد الفقر والمعاناة بالعالم

التضخم وارتفاع الأسعار يزيدان حدة الفقر والمعاناة في البلدان الفقيرة (رويترز)

يعاني الناس في شتى أنحاء العالم من التضخم بمستويات لم تُسجل منذ عقود مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات الضرورية، ورغم أن ذروة التضخم لا تزال تلوح في الأفق ولم تأت بعد، فإن آثاره قد تزداد سوءا.

ولكن إذا كانت الأمور صعبة في الاقتصادات الصناعية الكبرى، فإن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يزيد من حدة الفقر والمعاناة في البلدان الفقيرة، من هايتي إلى السودان ومن لبنان إلى سريلانكا.

السبب “جائحة وحرب”

وذكر تقرير لرويترز، أن فترة طويلة ومريحة من التضخم المحدود وأسعار الفائدة المنخفضة، انتهت فجأة بعد أن عصفت جائحة فيروس كورونا بالعالم، إذ استمرت الحكومات والبنوك المركزية في دعم الأسر والشركات التي أغلقت أبوابها، بتريليونات الدولارات.

وقد منع “شريان الحياة” هذا، العمال من الانضمام إلى طوابير الإعانات والشركات من الانهيار وأسعار المنازل من التراجع الشديد، لكنه أدى أيضا إلى توقف العرض والطلب على نحو لم يسبق له مثيل.

وبحلول عام 2021، مع انتهاء عمليات الإغلاق ونمو الاقتصاد العالمي بأسرع وتيرة بعد ركود استمر 80 عاما، ألقت أموال حزم التحفيز الضخمة هذه بظلالها على نظام التجارة العالمي.

فلم تستطع المصانع التي كانت متوقفة أن تعمل بالسرعة الكافية لتلبية الطلب، وتسببت القواعد الآمنة لكوفيد-19 في نقص العمالة في قطاعات البيع بالتجزئة والنقل والرعاية الصحية، وأطلقت طفرة الانتعاش شرارة ارتفاع أسعار الطاقة.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد شنت روسيا هجوما عسكريا على أوكرانيا في فبراير/شباط، وأدت العقوبات الغربية التي فُرضت على أكبر مصدر للنفط والغاز إلى ارتفاع أسعار الوقود.

“ضريبة على الفقراء”

ويُعرف التضخم بأنه “ضريبة على الفقراء” لأنه يؤثر في ذوي الدخل المنخفض، وقد أدى تضخم في خانة العشرات إلى زيادة التفاوت وعدم المساواة في أنحاء العالم.

ففي حين يمكن للمستهلكين الأكثر ثراء الاعتماد على المدخرات التي تراكمت خلال عمليات الإغلاق إبان الجائحة، يجد آخرون صعوبة في تغطية نفقاتهم ويعتمد عدد متزايد منهم على بنوك الطعام.

ومع حلول الشتاء، يزداد الضغط على تكاليف المعيشة مع ارتفاع فواتير الوقود. وقد نظم العمال إضرابات في عدة قطاعات من الرعاية الصحية إلى الطيران للمطالبة بأن تواكب الأجور التضخم، وفي معظم الحالات اضطروا إلى القبول بأقل مما كانوا يطلبون.

وتهيمن مخاوف تكاليف المعيشة على سياسات الدول الغنية، وفي بعض الحالات يُغض الطرف عن أولويات أخرى مثل إجراءات مكافحة تغير المناخ.

ولا يزال التضخم محور تركيز إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، كما يوسع نظيراه الفرنسي إيمانويل ماكرون والألماني أولاف شولتس ميزانيتيهما لتوجيه مليارات اليورو إلى برامج الدعم.

ولكن إذا كانت الأمور صعبة في الاقتصادات الصناعية الكبرى، فإن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يزيد من حدة الفقر والمعاناة في البلدان الفقيرة، التي تعاني أصلا.

ويقدر برنامج الأغذية العالمي أن 70 مليونا آخرين في جميع أنحاء العالم أصبحوا على شفا المجاعة منذ بداية حرب أوكرانيا فيما يسميه “تسونامي الجوع”.

“دواء مرّ المذاق”

ومن رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) جيروم باول إلى كريستين لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوربي، هناك حديث متزايد عن أن دواء رفع أسعار الفائدة قد يكون مرّ المذاق.

وعلاوة على ذلك، فإن المخاطر المحيطة بأمور يكتنفها قدر كبير من عدم اليقين، مثل حرب أوكرانيا والتوتر بين الصين والغرب، تميل إلى أن تجعل الأوضاع تسير في الاتجاه النازل.

وللتدليل على ذلك، كانت التوقعات الدورية لصندوق النقد الدولي في أكتوبر/ تشرين الأول من أكثر التوقعات قتامة منذ سنوات.

وقال الصندوق فيها “باختصار، الأسوأ لم يأت بعد، وفي 2023 سيشعر كثيرون بالركود”.

المصدر : رويترز