زُرع منذ مئات السنين.. البن اليمني “مذاق خاص” تهدده الحرب وعقبات التوريد (فيديو)

يحتفظ البن اليمني بمكانة مهمة بسبب جودته العالية كونه ينمو في تضاريس جبلية تمنحه مذاقا مميزا، لكن الاهتمام بإنتاجه تضاءل بفعل عوامل أبرزها الحرب التي تشهدها البلاد منذ نحو 7 أعوام.

ويُعد بُن أو قهوة اليمن من ألذ المشروبات في العالم، واشتهر اليمن بزراعة شجرة البن في جباله وهضابه العالية منذ مئات السنين.

كما تُعد القهوة ثاني المشروبات استهلاكا حول العالم، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع قياسي في أسعارها عالميا، لكن إنتاجها في اليمن تراجع منذ سنوات.

وأدى تراجع الإنتاج في اليمن إلى انخفاض المخزون بسبب غلاء متطلبات الإنتاج، وارتفاع تكاليف الشحن المتضاعفة منذ بدء الحرب التي لا يبدو بصيص أمل لنهايتها، وفق ما قاله مزارعون.

صعوبة تصدير المنتجات

وتسببت الحرب أيضا في صعوبة تصدير كل ما يخرج من خيرات اليمن مثل العسل والبن وغيرهما، مما أدى إلى تراجع اهتمام اليمنيين بزراعة هذا المنتج.

ويضاف إلى هذه الأسباب تغيرات المناخ وأزمات الأسمدة، وفوق ذلك تعمّد التجار وكبار المصدّرين للبن خفض سعره عند الشراء من المزارع.

وكشف حسين الحرازي -صاحب مزارع بن في قرية الهجرة بمديرية مناخة بالعاصمة صنعاء- أن انخفاض السعر الذي يتلقاه من تجار الجملة دفعه وآخرين إلى التفكير في إيجاد بدائل أخرى يستطيع من خلالها توصيل منتجه وقبض ثمنه الذي يستحق كي يتحسن دخله.

وقال الحرازي “في السابق كنت أبيع الكيلوغرام الواحد من ثمار البن بألفي ريال يمني (نحو 33.3 دولارا) في حين انخفض سعره الآونة الأخيرة إلى 1500 ريال”.

وأكد أن هذا السعر لا يغطي حتى نفقات زراعته ونقله من المزرعة إلى السوق.

ومن البدائل التي بدأ بعض المزارعين التفكير في الاتجاه إليها بعد انخفاض أسعار تصدير البن، الاعتماد على زراعة شجرة القات، حسب ما أفاد المُزارع أحمد الناهمي.

وأوضح الناهمي أن أشجار القات تعود بنفع أكبر من البن الذي يحتاج إلى عناية فائقة ونفقات أعلى ورغم ذلك لا يباع بالأسعار المرجوة.

ويواجه مزارعو البن مشاكل عدة أدت إلى تدني محصوله السنوي، من أهمها الجفاف مع غياب وسائل حفظ المياه من حواجز وسدود للاحتفاظ بمياه الأمطار واستخدامها وقت الحاجة.

وتراجع إنتاج البن في اليمن منذ عام 2009 من 17 ألفا و300 طن إلى 15 ألفا و200 طن، وانحسرت مساحته المزروعة من 33 ألفا و500 هكتار (الهكتار يساوي 10 آلاف متر مربع) إلى 27 ألف هكتار، وفق بيانات لوزارة الزراعة والري وجمعية البن اليمني.

جودة.. ونكهة مميزة

ويرتفع سعر القهوة اليمنية بسبب مذاقها المميز، ولأنها مقطوفة يدويا على الطريقة البدائية التي لم تتغير منذ مئات السنين، وقد يرجع السبب في ذلك إلى أن المزارع اليمني يزرع البن على المدرجات.

كما أن تجنب المواد الكيميائية في إنتاج حبوب البن يضفي تأثيرا مميزا على جودتها.

ومن أسباب تميز البن اليمني عدم نزع حبوب القهوة من الفاكهة التي تنمو فيها قبل أن تجف، ومن ثم تركها لتجف في فترات خاصة تحدث بشكل أساسي في مناطق مرتفعة حيث يوجد الهواء النقي بعيدا عن الأتربة أو مصبات النفايات.

وتمثل تضاريس اليمن بما فيها المرتفعات أكثر العوامل الرئيسية في الحصول على قهوة عالية الجودة تحوي ألذ النكهات، إذ تؤدي الطبيعة المرتفعة والوعرة إلى إنتاج حبوب القهوة بجودة عالية.

ولتحقيق أفضل النتائج ينبغي أن تكون زراعة البن على ارتفاع 2400 متر فوق سطح البحر، وهو الموجود في عدد من المناطق اليمنية التي تزرع البن، ومنها (المحويت وصنعاء وحجة وصعدة) كبرى المناطق المنتجة للقهوة في شمالي البلاد.

 

موطن البن الأول

ورغم بدائية الوسائل والنظم التي يستخدمها اليمنيون في زراعة هذا النوع من النبات فإنه يتميز بمذاق خاص مقارنة بما تنتجه البلدان الأخرى.

وترجّح دراسات أن اليمن هو موطن البن الأول، فقد كان اليمنيون مِن أوائل مَن زرعه واستخدمه مشروبا، وكانوا يصدّرونه بداية عبر ميناء المخا غربي البلاد، وهذا الذي منح اسمه لأحد أنواع القهوة العالمية باسم “موكا كوفي”.

وهناك أنواع من البن اليمني مثل الفضلي والبرعي واليافعي والريمي والمطري والقهوة الخولانية والبن الآنسي والإسماعيلي والحرازي، وغيرها مما تكون إما جافة أو طبيعية، ومنها التي تكون ممزوجة بالشوكولاتة.

وتُعد شجرة البن اليمني خضراء دائما، ويتراوح طولها بين 5 و6 أمتار، كما تتميز بالثمار ذات اللون الأحمر عند نضجها التي يتم تحميصها لإعداد مشروب القهوة منها.

ويحيي اليمنيون في 3 مارس/آذار (عيد موكا) أو اليوم الوطني لتشجيع زراعة البن، ولا يزال ذلك الاسم دارجا بجميع المقاهي العالمية.

ومما يؤشر إلى الأهمية البالغة للبن، أنه يأتي في المرتبة الثانية من ناحية الاستهلاك والتصدير بعد النفط، حيث يُزرع في أكثر من 70 دولة، وتختلف طرق زراعة أنواعه من دولة إلى أخرى.

المصدر : الأناضول