بوتين والأسلحة البيولوجية.. الغارديان: أوجه شبه كثيرة بين حرب روسيا في أوكرانيا وسوريا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس السوري بشار الأسد في موسكو خلال لقاء سابق (رويترز)

عندما صعدت متحدثة روسية إلى منصة في موسكو وحذرت من “برنامج أسلحة بيولوجية” في أوكرانيا أدرك المقاتلون في ساحة معركة أخرى وهي سوريا ما قصدته وفقًا لتحليل بصحيفة (الغارديان) البريطانية.

فقد سمعت جماعات المعارضة المناهضة للرئيس السوري بشار الأسد -والتي ما زالت تسيطر على شمال سوريا- كل ذلك من قبل منذ عام 2015، عندما استحوذت روسيا على حصة بارزة في الصراع كانت الادعاءات بأنهم استخدموا الأسلحة الكيماوية -بدلاً من نظام الأسد- بمثابة افتراء جاهز جعلهم على علم بهجوم وشيك.

وتقول الصحيفة إن هذه المزاعم تطلقها موسكو كلما أرادت اكتساح بلدة أو مدينة بقوات برية تدعمها، ويتبع ذلك قصف عنيف وعشوائي وكذلك الإفلات من العقاب.

أوجه الشبه

وحتى في مهدها، فإن الحرب الروسية في أوكرانيا لها العديد من أوجه الشبه بالصراع في سوريا منها: الوحشية المفرطة، والهروب الجماعي للمدنيين المذعورين، والدمار العشوائي، والآن يمكن إضافة استخدام الذرائع المنذرة إلى قائمة الجرائم الروسية التي ولدت وسط أنقاض غروزني وشبه جزيرة القرم ودونباس، وبرزت ضد المدنيين في شمال سوريا المحاصر.

ونفت وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون) والقيادة الأوكرانية على حد سواء بازدراء الادعاء الروسي الذي ترافق مع دعوة لإيجاد حلول، وبدا أن هناك احتمالية ضئيلة لاختراق الخطاب الدولي الذي يتعارض بشدة مع الكرملين وبرامج التضليل الخاصة به.

لكن القصة كانت مختلفة تمامًا في سوريا، إذ تم استقبال كل ادعاء باستخدام الأسلحة الكيماوية من قبل المتمردين بسذاجة في أجزاء من المملكة المتحدة وأوربا ولم يكن هناك اهتمام كبير بفضح أكاذيب موسكو، فكان الفوز في حرب المعلومات المضللة بمثابة نجاح روسي في سوريا.

سلسلة أطول بكثير

وقال ضابط كبير سابق في حلف شمال الأطلسي (الناتو) للغارديان “أوكرانيا اليوم جزء من سلسلة متصلة أطول بكثير من سوريا تعود إلى أبعد من الشيشان سياسيًا، من حيث الديناميكيات الداخلية لروسيا ومن حيث تكتيكات آلة الحرب الروسية. وكانت المفاجأة الوحيدة خلال الأسبوعين الماضيين هي مدى عدم جدوى القوات المسلحة الروسية”.

وأضاف “تتمثل تجربة بوتين في القدرة على الإفلات من أي شيء يريده تقريبًا في كل بُعد من أبعاد الحرب، والتعزيز الصارخ للنزاعات المجمدة في دول مثل جورجيا وأوكرانيا، وتقويض الحكم على نطاق واسع من خلال الحرب، واستخدام التكتيكات الأكثر وحشية، وسحق مدن وقرى بأكملها فوق سكانها”.

وتابع “استطاع بوتين تحقيق الفوز باستخدام المتفجرات الثقيلة على مرئى ومسمع وسائل الإعلام الغربية، ومع سيطرته الفعالة للغاية على شعبه، فإنه لا يخشى الكثير داخل بلاده”.

وبالمقارنة مع المستنقع الذي وجدته في أوكرانيا ورد الفعل الدولي القاسي على غزوها، كانت سوريا تدخلا منخفض التكلفة نسبيًا لموسكو، حيث نفذ طياروها قصفًا دون خوف شديد من إطلاق النار عليهم من السماء، وكانت أسلحتها الثقيلة تدك البلدات والمدن وانتصرت آلتها الخاصة للمعلومات المضللة.

ماريوبول وسوريا

يقول تشارلز ليستر مدير برنامج (سوريا ومكافحة الإرهاب في معهد الشرق الأوسط) “نطاق حرب أوكرانيا مختلف لكن بعض التكتيكات تم تعلمها بالتأكيد في سوريا”.

ويضيف “الافتراض الواسع للإفلات من العقاب دفع بوتن بلا شك إلى الأمام ووضعه في موقف نفسي اعتقد من خلاله أن شيئًا كهذا ممكن. لقد تعلم عدم الالتفات إلى الخطوط الحمراء الدولية. الاستخدام المستمر والشامل للقصف العنيف أداة للتخويف التي تُرى الآن في مدينة ماريوبول استخدم في سوريا من قبل، حيث استخدمت روسيا بالكاد الذخائر الموجهة”.

ويتابع “الغالبية العظمى كانت قنابل غير ذكية، والتي ينبغي أن تطير الطائرات على مستوى أدنى لاستخدامها، ولهذا السبب نشهد إسقاط الطائرات الروسية بواسطة صواريخ ستينغرز وصواريخ أرض-جو أخرى لم يتم إعطاؤها للمعارضة في سوريا”.

وثمة تشابه آخر ظهر في الأيام الأخيرة وهو “استخدام ساخر في كثير من الأحيان للممرات البشرية كأدوات للإكراه، والهدف هو إثارة الصدمة والرعب على السكان، وهو ما يؤدي لارتكاب عدد أكبر من جرائم الحرب” بحسب تشارلز ليستر.

يقول “لقد رأينا هذا في حلب والآن نراه في أماكن مثل ماريوبول. من الواضح أنه تكتيك للترهيب والقهر، وفي الحالتين هو قصف يحوّل لجحيم، ثم المحاصرة ، ثم قصف الجحيم مرة أخرى ثم عرض التنازلات”.

المصدر : الغارديان البريطانية