ما أهم معالم المفهوم الاستراتيجي الجديد لحلف الناتو بشأن روسيا والصين؟

رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيث (يمين) والأمين العام لحلف الناتو ينس ستولنبرغ (AFP)

تحولات كبرى شهدها حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الأربعاء، مع إعلان وثيقته الجديدة للمفهوم الاستراتيجي للحلف، والتي تحولت فيها روسيا من دولة شراكة إلى “أكبر تهديد مباشر” للحلف العسكري.

ولم تتوقف التحولات عند تلك النقطة، بل امتدت لتطال الصين التي كانت نظرة الغرب لها على أنها شريك تجاري ودي وقاعدة تصنيعية، لتصبح “تحديًا” لأمن الحلف ومصالحه وقيمه.

ووافق الحلف العسكري على استراتيجية جديدة هي الأولى منذ 2010 في ختام قمته، الأربعاء، في العاصمة الإسبانية مدريد.

ووصفت الاستراتيجية الجديدة روسيا بأنها “التهديد الأكبر والمباشر لأمن الحلفاء واستقرارهم”، مما يعكس التدهور الكبير في علاقات الحلف مع موسكو على مدى العقد المنصرم.

وفي 2010، عندما اتفق قادة الناتو على آخر وثيقة رئيسية تحدد رؤية الحلف، كان القادة حينها يهدفون لبناء شراكة طويلة الأمد مع روسيا، خصمهم القديم في الحرب الباردة، وكان ديمتري ميدفيديف، الرئيس الروسي آنذاك، حاضرًا في القمة التي استضافتها العاصمة البرتغالية لشبونة حيث اتفق الجانبان على ذلك.

ورغم أن استراتيجية 2010 لم تأت على ذكر الصين، إلا أن الأخيرة كانت حاضرة بقوة في وثيقة 2022 باعتبارها تحديًا “لمصالح حلف شمال الأطلسي وأمنه وقيمه”.

كما وصفت الاستراتيجية الجديدة بيجين على أنها قوة اقتصادية وعسكرية لا تزال “غامضة فيما يتعلق باستراتيجيتها ونواياها وتعزيزاتها العسكرية”.

المفاهيم الاستراتيجية لحلف الأطلسي

روسيا

يتهم الحلف في وثيقة مفهومه الاستراتيجي الجديد روسيا بالسعي إلى “إقامة مناطق نفوذ والسيطرة المباشرة من خلال الإكراه والتخريب والعدوان والضم”.

ويقول الناتو إن موسكو تستخدم وسائل تقليدية عسكرية وإلكترونية وهجينة لتحقيق هذه الأهداف، وجاء في المفهوم الاستراتيجي أن “تعزيزات موسكو العسكرية، بما في ذلك في مناطق البلطيق والبحر الأسود والبحر المتوسط​​، إلى جانب تكاملها العسكري مع بيلاروسيا يشكل تحديًا لأمننا ومصالحنا”.

كما تعبّر الوثيقة عن القلق إزاء تحديث القوات النووية الروسية وتهديدات موسكو باستخدام الأسلحة النووية وتطوير “أنظمة إطلاق جديدة ومدمرة ذات قدرة مزدوجة”، في إشارة إلى تطوير أسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت يمكنها حمل رؤوس حربية تقليدية ونووية.

وفي المقابل، تتهم روسيا حلف الناتو بتهديد أمن أوربا عبر التوسع شرقًا منذ منتصف التسعينيات.

ويقول الحلف في وثيقته الجديدة إنه سيعمل بشكل كبير على تعزيز وسائل ردع ودفاع، ردًا على تحركات روسيا.

وشددت الوثيقة على أن الحلف “لا يسعى إلى المواجهة مع موسكو وإنما إلى الحوار”.

ويقول المفهوم الاستراتيجي “لا نزال على استعداد للإبقاء على قنوات اتصال مفتوحة مع موسكو لإدارة المخاطر وتخفيفها ومنع التصعيد وزيادة الشفافية”.

الصين

وحضرت الصين لأول مرة في المفهوم الاستراتيجي الجديد للحلف، وتقول الوثيقة إن “طموحات بيجين المعلنة وسياساتها القسرية تتحدى مصالحنا وأمننا وقيمنا”.

ويتهم الناتو الصين “باستخدام عمليات هجينة وإلكترونية خبيثة وخطاب المواجهة والمعلومات المضللة لاستهداف أعضائه والإضرار بأمنه”، وتنفي الصين في المقابل أي أساليب من هذا القبيل.

وتدلل الوثيقة الاستراتيجية للناتو على مخاوف الحلف بما قالت إنها طموحات الصين الاقتصادية، مشيرة إلى أن بيجين تسعى للسيطرة على القطاعات التكنولوجية والصناعية الرئيسية والبنية التحتية الحيوية والمواد الاستراتيجية وسلاسل التوريد.

ويتهم المفهوم الاستراتيجي للناتو الصين “باستخدام نفوذها الاقتصادي لخلق كيانات استراتيجية تابعة وتعزيز نفوذها”.

ويقول الحلف إن الصين “تسعى جاهدة لتخريب النظام الدولي القائم على القواعد في مجالات منها الفضاء الخارجي والإلكتروني والقطاع البحري”.

كما تعبر الوثيقة عن القلق من توثيق العلاقات بين موسكو وبيجين اللتين “تعزز إحداهما محاولات الأخرى لتقويض النظام الدولي القائم على القواعد”.

ويقول الحلف إنه سيظل منفتحًا على الحوار البنّاء مع الصين، لكنه سيعزز أيضًا الوعي واستعداده في مواجهة “الأساليب القسرية التي تتبعها بيجين والجهود المبذولة لتقسيم الحلف”.

المصدر : الجزيرة مباشر + رويترز