عاصفة جدل في لبنان بعد قرار رفع الدعم كليا عن حليب الأطفال بأنواعه كافة (فيديو)

احتدم جدل واسع في لبنان عقب إعلان وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال، فراس الأبيض، رفع الدعم كليًا عن كافة أنواع حليب الأطفال مبررًا السبب “عدم توفر خطة قادرة على ضبط التهريب والبيع في السوق السوداء”.

وأوضح الوزير للصحفيين أمس الثلاثاء -بحسب الوكالة الرسمية- أنه عمد منذ توليه المنصب إلى وضع حد للفوضى التي عمت سوق الدواء والحليب منذ بدء الأزمة المالية، غير أن الحليب ليس كالدواء ولا يمكن تتبع حركته، لأنه ليس على علبه “شيفرة خطية”، كما أن شراءه لا يحتاج إلى وصفة طبية ما يسهل شراء كميات كبيرة منه من دون حسيب أو رقيب، على حد وصفه.

“تكفي بلدين”

ولفت إلى أن الوزارة لاحظت أن الكميات الكبيرة من الحليب المدعوم التي يتم استيرادها “والتي تفوق حاجة البلد وتكاد تكفي بلدين”، تختفي من السوق بعد وقت قليل من وصولها.

وقال الوزير “لكل ما سبق تم اتخاذ القرار بوقف دعم الحليب، وقد تبلغنا من شركات مستوردة استعدادها لتأمينه بكميات كبيرة بعد رفع الدعم”.

وأثارت تصريحات الوزير عاصفة من الجدل والغضب داخل لبنان شعبيًا وبرلمانيًا وحتى إعلاميًا، وشكا المواطنون عبر منصات التواصل الفقر والغلاء، فيما اقترح بعضهم حلولًا مؤقتة.

وكتب أحدهم “يعني لازم ولادنا يموتوا من الجوع”، وغرّد آخر “حتى حليب الأطفال رفعتوا الدعم عنه شو بعد في شي إلا وما عملتوه، والله عيب ارحموا الفقير بس استحوا بقى لبنان تعبنا وما عاد فينا أكثر”.

اقتراح منصّة

وعلّق الباحث محمود جباعي “نتفهم وقف الدعم على أي سلعة إلا على السلع المرتبطة بحياة الإنسان لذلك إن رفع الدعم عن حليب الأطفال يعتبر جريمة بحق الأطفال التي يعاني أهلها من ضيقة مالية خانقة. من يريد منع الاحتكار عليه أن يعزز الرقابة وليس أن يقتل الناس”.

واقترح الباحث الاقتصادي والمالي “بدل رفع الدعم بشكل كامل يمكن لوزارة الصحة أن تسجل عدد الأطفال اللبنانيين الذين يحتاجون للدعم على منصة لتأمين طلباتهم الشهرية من الحليب وبذلك يكون قد وفر مبلغ من الدعم وبنفس الوقت لم يحرم أطفال الفقراء من الحليب”.

وطالب النائب جهاد بقرادوني عبر تويتر “باستدعاء جميع المعنيين بهذا الملف، من جمارك ووزارتي الصحة والاقتصاد والصيادلة وشركات استيراد الأدوية، لمعرفة حقيقة فضيحة تهريب الحليب”.

مسألة لا تحتمل الخضوع لآليات السوق

ودعت رئيسة لجنة المرأة والطفل بمجلس النواب عناية عز الدين إلى “اعتماد مقاربة جديدة ومختلفة في مسألة تسعير حليب الأطفال”، ورأت أن “رفع الدعم الذي سيؤدي تلقائيًا لارتفاع كبير في أسعار هذه المادة الأساسية، سيترك آثارًا كارثيةً على صحة الكثير من أطفال لبنان الذين سيحرمون من غذائهم الأساسي”.

ولفتت النائبة إلى أن “هذه المسألة لا تحتمل أن تخضع لآليات السوق خصوصًا في لبنان حيث تعم الفوضى والاحتكارات وسوء الأداء”، وفق تصريحات نقلتها الوكالة الرسمية.

 

3 أضعاف السعر

ونددت العديد من الصحف المحلية بالقرار، فوصفته صحيفة الأنباء أنه استمرار لمسلسل “ضرب المواطن وقدراته الشرائية”، وأن رفع الدعم عن حليب الأطفال يضاعف سعر المنتج 3 مرّات، ليلتحق بأسعار باقي المنتجات في السوق، التي لا يقل سعرها عن بضعة مئات الألوف.

وذكرت أن القرار جاء “بعد فشل الدولة بأجهزتها ضبط عمليات التهريب التي تحصل عبر الحدود مع سوريا، وأنه رد فعل على عجز الحكومة في معالجة الملف الذي سبّب خسائر تقدّر بمليارات الدولارات من أموال المودعين”.

وكانت الشركات المستوردة في لبنان، قد توفقت قبل نحو 3 أسابيع عن تسليم الأدوية وحليب الأطفال للصيدليات، بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار الذي تخطى وقتها حاجز الـ47 ألف ليرة للدولار.

وباتت أسعار الحليب كلها في لبنان خارج دائرة دعم المصرف المركزي، لتُحتَسب وفق سعر صرف الدولار المتقلب الذي شهد ارتفاعًا لافتًا خلال الأيام الماضية.

ويشهد لبنان منذ عام 2019 أزمة مالية واقتصادية حادة صنفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي.

المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع التواصل + وكالات