خبيرة اقتصادية: لا بد من إعادة الاعتبار للدينار التونسي وإلغاء قانون استقلالية البنك المركزي (فيديو)

قالت الخبيرة الاقتصادية التونسية جنات بن عبد الله إن الرئيس قيس سعيّد منذ توليه منصبه ما زال يصر على أن فقدان المواد الأساسية وارتفاع الأسعار يعود إلى الاحتكار والمضاربة التي تمثل 10% فقط من الأزمة، على حد وصفها.

وأضافت الخبيرة الاقتصادية لبرنامج (المسائية) على الجزيرة مباشر أن “التحاليل والنظريات الاقتصادية الواضحة والدقيقة تقر أن أزمة تونس هيكلية بالأساس تعود إلى خيارات وسياسات خاطئة عمّقتها أزمتا جائحة كورونا وحرب أوكرانيا”.

وكان الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة حذّر من أن اقتصاد البلاد في خطر مشيرًا إلى أن الحل يكمن في برنامج عاجل للإنقاذ، في حين اتهم الرئيس التونسي قيس سعيّد أطرافًا لم يسمها بالوقوف وراء نقص عدد من المواد الأساسية في الأسواق بقصد تأجيج الأوضاع.

وأضافت الخبيرة الاقتصادية أن تونس اليوم مصنفة من الدول ذات المخاطر العالية، لذا أصبحت مصداقيتها ضعيفة لدى المزودين الدوليين، وبالتالي تواجه صعوبات مالية حادة يعمّقها تراجع الاحتياطي من العملة الصعبة بسبب تفاقم عجز الميزان التجاري.

عجز تجاري غير مسبوق

وقالت جنات “اليوم أعلن المعهد الوطني للإحصاء نتائج التجارة الخارجية لسنة 2022، وسجلت تونس 38 مليار دينار عجزًا تجاريًا، وليس كما تدعي الحكومة 25 مليار فقط، وهو عجز تجاري رهيب واستثنائي وغير مسبوق”.

وأوضحت أن ذلك كله أثر في تزويد تونس من الأسواق العالمية بالمواد الأساسية من زيوت نباتية وحبوب، كما سجّل القطاع الزراعي في السنوات الأخيرة نسب نمو سلبية للمرة الأولى في تاريخ الاقتصاد.

وأشارت إلى أن الاقتصاد التونسي تحول إلى اقتصاد “ريعي”، وهناك مجموعات تسيطر على مفاصل الاقتصاد في تونس، ومع ذلك لم تتحرك أي حكومة تجاه هذه الظاهرة التي أصبحت تدمر كل منظومات الإنتاج، على حد وصفها.

وقالت إنه لا يمكن إنكار السياسات التي انخرطت فيها البلاد منذ 1986 أي منذ دخول صندوق النقد على الخط في تونس، فالدولة التونسية تغيرت وتخلت عن دورها الاقتصادي والاجتماعي والتنموي، واتبعت سياسة تقشفية نشهد اليوم تداعياتها ومخاطرها على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

وأكدت أن “ثمة بدائل موجودة لكن لا يمكن إسقاطها بين عشية وضحاها، لكن كنا ننتظر من الحكومة على الأقل أن تبعث برسائل طمأنة تفيد بأنها ستعيد النظر في تلك السياسات، لكنها لم تفعل بل انخرطت فيما اتبعته الحكومات السابقة، واليوم ما نعيشه هو نتيجة اتباع سياسة تقشفية في مستوى المالية العمومية، وسياسة نقدية متشددة في مستوى البنك المركزي”.

وشددت على أن “الحل الأول يكمن في إعادة الاعتبار للدينار التونسي، باعتبار أن انهيار الدينار ضخّم حجم الدين العمومي وضخّم خدمة الدين، أي الأقساط التي تسددها تونس كل سنة، ولعل هذه الخطوة تمر عبر إلغاء قانون استقلالية البنك المركزي الذي دمر وعمّق الأزمة”، بحسب وصفها.

خطة سِلم اقتصادي

من ناحيته، قال الخبير الاقتصادي وسيم بن حسين إن تأثيرات الجانب السياسي تطغى على الأحداث الاقتصادية، وهناك “تصرّف نفعي”، وهناك “انتهازيون يستفيدون من كل ظرف سواء حرب أو سلم أو صراع سياسي بحثًا عن الثراء السريع”.

وتابع “للأسف استغلال كل الظروف التي تمر بها تونس منذ الثورة إلى اليوم هو ما تسبب في تراجع الجانب الاقتصادي، وعدم استقراره على مستوى التصنيفات والاستثمارات”.

واستطرد “المشكلة ليست فقط في التضخم أو العجز، لكن المشكلة في المنظومة الاقتصادية ككل التي أصبحت اليوم غير قادرة على تغطية احتياجاتها المالية، وهو السبب الذي جعلنا نبحث عن الاقتراض من خارج تونس”.

وقال إن “لكل منظومة خصوصياتها وأخطبوطها ولوبياتها ولها من يتحكم من وراء الستار الخاص بها، لذا مَن يعتقد أن له حلولًا يمكن إسقاطها على جميع المنظومات فهو يحلم، لأن لا أحد يستطيع التحكم في تلك المنظومات إلا من داخلها”.

لذا يرى الخبير الاقتصادي أن “الحل الأسلم هو أن تحاول الدولة مع المتحكمين في تلك المنظومات على وضع خطة سلم اجتماعي واقتصادي على مدى قريب ومتوسط إلى أن تفرج الأزمة مع بحث حلول لإيجاد خطة تفاهم لتحسين هذه المنظومات حتى لا تُعاد هذه المشكلات مرة أخرى”.

المصدر : الجزيرة مباشر