من الأرجنتين إلى مصر.. كيف وقعت مصر في فخ صندوق النقد الدولي؟

تزداد مخاوف قطاع واسع من المصريين بشأن الوضع الاقتصادي في ظل موجة الغلاء غير المسبوقة وانخفاض قيمة الجنيه (غيتي)

مع انهيار الجنيه المصري مقابل الدولار وفقدانه أكثر من 50% من قيمته خلال 10 شهور استجابة لشروط صندوق النقد الدولي، اتجهت الأنظار إلى مقارنة التجربة المصرية بتجارب دول أخرى وقعت في فخ قروض صندوق النقد.

وتراجع الجنيه المصري إلى مستويات قياسية عند حوالي 32 جنيها مقابل الدولار الأمريكي، بعد أن كان متداولًا بسعر 15.6 في مارس/ آذار الماضي، وهو ما سيزيد معاناة البلاد التي يبلغ عدد سكانها 104 ملايين يعانون بالفعل من نسبة تضخم وصلت وفق الأرقام الرسمية إلى 21.9%.

وفي دولة تستورد غالبية احتياجاتها الأساسية من الخارج، تنعكس كل زيادة في سعر الدولار على الفور على أسعار السلع، في الوقت الذي يباع فيه الدولار في السوق السوداء بـ35 جنيهًا وفقًا لبنك “غولدمان ساكس”.

وقارن نشطاء مصريون على مواقع التواصل الحال الذي وصلت إليه مصر بدول أخرى كالأرجنتين التي تأثرت عملتها كذلك فهبطت إلى مستويات قياسية بعد اقتراضها الكبير من صندوق النقد وانصياعها لشروطه وأبرزها مرونة سعر الصرف.

ووفق آخر إحصائية، فإن مصر حلت في المركز الثاني ضمن أكثر الدول اقتراضًا من صندوق النقد الدولي، بعد الأرجنتين التي حلت في المقدمة.

الجنيه المصري
الجنيه المصري سجل أدنى مستوياته مقابل الدولار

وسجّلت عملة الأرجنتين مستوى قياسيًّا في الانخفاض إذ تهطت إلى 180 بيزو أمام الدولار، في سلسلة انخفاضات كبيرة للعملة بعد اتفاقية عام 2018 التي تعد أكبر خطة إنقاذ في تاريخ صندوق النقد بقرض قيمته 56.3 مليار دولار، وقد تجاوز سعر الدولار في السوق السوداء حاليًّا نحو 300 بيزو.

وينكمش اقتصاد الأرجنتين، حيث تعاني هذه البلاد الواقعة في أمريكا الجنوبية أحد أعلى معدلات التضخم في العالم، ويعيش في الفقر نحو 40% من سكانها البالغ عددهم 45 مليون نسمة.

وفي الشهر الماضي، وافق صندوق النقد على منح مصر قرضًا بقيمة ثلاثة مليارات دولار تسدد على 46 شهرًا، هو الرابع منذ 2016، حين وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد على قرض لمصر بقيمة 12 مليار دولار.

ويقول أحد المغردين على تويتر “من شروط قرض صندوق النقد الدولي تحرير سعر العملة وبعد يومين إلغاء الدعم عن البنزين والدولار هيوصل في خلال خمس سنين 150 جنيها لأن ده سيناريو الأرجنتين.. وده مصير أي بلد بيتعامل مع صندوق النقد والقروض”.

وقال آخر “قبل ما تقول أصلها مشكلة عالمية قولي مين دولة في العالم سعر عملتها في سنة فقد كل ذلك من قيمته ثم حدثني عن أننا ثاني دولة في العالم مقترضة من صندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين”.

وقال حساب ثالث “هل تعلم أن الأرجنتين أكبر مقترض من صندوق النقد سنة 2000 كان 1 بيزو أرجنتينى = 1 دولار قبل الاقتراض من الصندوق أما الآن بعد 22 سنة أصبح 1 بيزو =172 دولارا”.

وقال ناشط على فيسبوك “الأرجنتين عملتها البيزو في 2014 كان الدولار بـ7 بيزو النهاردة 180 بيزو للدولار، يا رب منشوفش المشهد بيتكرر في مصر”.

وسخر أحدهم قائلًا “هل تعلم أن مصر ثاني أكبر مقترض في العالم من صندوق النقد بعد الأرجنتين️ يعني إحنا الوصيف لكأس العالم”.

وقال أحد المغردين “شايف ناس كتير بيتكلموا عن الأرجنتين ومتجاهلين أهم فارق بينا وبينهم، عارفين إيه الفرق؟ عدم السيطرة على الدعم!! حضرتك الأرجنتين بلد ثري، حاليًا نصيب المواطن من الناتج القومي حوالي 13 ألف دولار، مصر تقريبًا 3 آلاف دولار، صادراتهم أعلى من وارداتهم نتيجة قوة الصادرات الزراعية، عدد السكان أقل من 50 مليون”.

وكتب أحمد مكاوي: مصر ثاني أكثر الدول المدينة لصندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين اللي أعلنت إفلاسها في 2001 وتم وضعها في خانة الإفلاس في 2014 وعلى وشك الإفلاس تاني بسبب سياسات وشروط الصندوق”.

ديون خارجية

ووصل إجمال ديون مصر الخارجية حتى أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلى 155.7 مليار دولار وفقًا لبيانات رسمية، وذلك بزيادة نحو 113 مليار دولار منذ عام 2013 أي خلال 9 سنوات فقط.

ووفقًا لبيانات البنك المركزي المصري، وجدول استحقاقات أقساط وفوائد الدين الخارجي على مصر، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، فإن مصر ملزمة بسداد نحو 83.8 مليار دولار عن خدمة الدين الخارجي خلال السنوات الخمس المقبلة، ما لا يقل عن 10 مليارات دولار منها يلزم تسديده قبل نهاية عام 2026 لصندوق النقد الدولي.

ويبلغ عبء خدمة الدين الذي يتعين على مصر سداده خلال العام المالي 2022-2023 حوالي 42 مليار دولار، وفق البنك الدولي.

كما تعاني مصر من أزمة حادة في النقد الأجنبي، فقد تراجع الاحتياطي من النقد الأجنبي إلى 34 مليار دولار مقابل 41 مليار في فبراير/ شباط الماضي. ويشمل هذا الاحتياطي 28 مليار دولار من الودائع التي أودعتها دول الخليج لدى البنك المركزي المصري.

المصدر : الجزيرة مباشر