أوضاعهم زادت سوءًا.. المهاجرون الأفارقة في تونس لا يجدون مأوى، والحكومة تنفي ترحيلهم

مظاهرة مناهضة لتصريحات قيس سعيد بشأن المهاجرين الأفارقة في تونس (رويترز)

لا يزال المهاجرون الأفارقة يعانون أوضاعًا صعبة في تونس، ولا سيما بعد خطاب ألقاه الرئيس قيس سعيّد الأسبوع الماضي، شدد فيه على اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف ما سماه “ظاهرة تدفق المهاجرين غير القانونيين” في البلاد.

ويتنقل عشرات المهاجرين غير النظاميين من دول جنوب الصحراء منذ شهور، بين مكاتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومكاتب المنظمة الدولية للهجرة بمنطقة البحيرة في تونس العاصمة، بعدما وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها محرومين من العمل الذي لم يكد يكفيهم لسدّ قوتهم.

وتحدث عدد من هؤلاء المهاجرين، وأغلبهم من بلدان لا سفارات لها في تونس، لوكالة فرانس برس، قائلين إنهم لم يعد لديهم مكان يذهبون إليه.

ووقفت ناتاشا أمام مقرّ المنظمة الدولية للهجرة بالعاصمة تونس، وقالت بكلمات باكية: “في سيراليون ليست لديّ أسرة، ولا مكان أذهب إليه، أرجوكم ساعدونا”.

وأضافت ناتاشا وهي تظهر قطعًا من غطاء وملابس وسط القمامة “طُردت من مسكني منذ أسبوعين، وتعرّض أصدقائي للضرب. هنا نعاني كثيرًا، وننام على الأرض، ونحن نساء ولا يمكننا أن نغتسل”.

وفي الوقت ذاته، لجأ ما يقرب من 100 مهاجر من ساحل العاج ومالي إلى مقري سفارتيهما في تونس، وتم الاعتناء بهم بشكل عاجل تمهيدًا لترحيلهم خلال أيام. وقد نظمت غينيا أول عملية إجلاء الأربعاء، ومن المقرر أن تبرمج باماكو رحلة تقل 150 مهاجرا السبت، وفقا لدبلوماسي مالي.

وعلّق مهاجرون أمام مقر المنظمة الدولية للهجرة حبالًا نشروا عليها ملابسهم، وشرع بعضهم في إعداد الطعام أمام الخيام الصغيرة التي نصبوها.

وبينما يخرج موظفون لإحصاء المهاجرين وتسجيل أسمائهم، قالت مسؤولة في المنظمة لفرانس برس عبر الهاتف “نحن مرهقون، لا يمكننا العثور على سكن لهم جميعًا، ويريد البعض الاستفادة من برامج العودة الطوعية”.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد، قد دعا عقب ترؤسه اجتماعا لمجلس الأمن القومي في 21 فبراير/ شباط الماضي، إلى وضع حد لما قال إنه تدفق “أعداد كبيرة” من المهاجرين غير النظاميين من دول أفريقيا جنوب الصحراء إلى بلاده، معتبرًا أن الأمر “ترتيب إجرامي يهدف لتغيير تركيبة تونس الديمغرافية”.

وعقب تنديد أحزاب ومنظمات حقوقية بهذا التصريح ووصفه بأنه “عنصري”، قال سعيّد إن “من يتحدث عن تمييز عنصري في تونس هو طرف يبحث عن الفتنة”، محذرًا من المساس بالمقيمين في البلاد من دول أفريقيا بصفة قانونية.

بدورها، نفت السلطات التونسية، أمس الخميس، ترحيل أي مواطن أجنبي بصفة قسرية من البلاد، مؤكدة “تسجيل طلبات عودة طوعية لمقيمين بصفة غير شرعية”.

جاء ذلك في بيان لوزارة الخارجية، تعليقًا على أخبار متداولة قالت إنها تتعلق بترحيل قسري لمهاجرين من جنسيات بلدان أفريقيا جنوب الصحراء.

وعند حلول الليل، يجلب متطوعون تونسيون وأجانب الطعام والماء والأغطية الصوفية وبعض الخيام التي تجمعها الجمعيات، كما يقدم أطباء متطوعون الرعاية الصحية لبعض المهاجرين.

ويقول سيف الغرايري عضو “الجبهة المناهضة للفاشية”، وهي ائتلاف تشكل إثر خطاب الرئيس سعيّد: “نفضل أن نعمل في الخفاء، فالمنظمات التي تجمع التبرعات مهدّدة”.

ويضيف أنّ المتطوعين يفضّلون “القيام بتوزيع المساعدات ليلًا، بشكل خفي، حتى لا نتعرض نحن والمهاجرون من دول جنوب الصحراء للخطر”، مستنكرًا في السياق ذاته “الحملة العنصرية ضد ذوي البشرة السوداء”.

ويختم قائلًا “مثلما نطالب باحترام حقوق التونسيين الذين غادروا بشكل غير قانوني إلى أوربا، فإننا نطالب باحترام حقوق المهاجرين من دول جنوب الصحراء في تونس”.

ووفقًا لبيانات “المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية”، فإن تونس يقطنها أكثر من 21 ألفًا من دول أفريقيا جنوب الصحراء، معظمهم في وضع غير قانوني.

ويصل أغلب المهاجرين من دول جنوب الصحراء إلى تونس، ثم يحاولون الهجرة بطريقة غير نظامية إلى أوربا عن طريق البحر.

وترى بعض المنظمات غير الحكومية أن تونس التي يعترض خفر السواحل فيها بانتظام قوارب المهاجرين المتجهة إلى أوربا، طرف رئيسي في مراقبة طرق الهجرة في البحر المتوسط.

وتشهد منصات التواصل الاجتماعي حالة من التجاذب بين من يدعم وجود أفارقة جنوب الصحراء في تونس ومن يرفض ذلك، وسط اتهامات لأطراف سياسية بدعم مخطط “سري” ودعوات أخرى إلى التوقف عن العنصرية.

المصدر : الأناضول + الجزيرة مباشر + الفرنسية