طفلة سودانية تفتتح مدرسة لتعليم الصغار في مخيم بمدينة ود مدني (فيديو)

مهنة التدريس ليست جديدة على الفتاة التي تعودت على تعليم الأطفال الأصغر سنًّا في الخرطوم قبل الاقتتال

في الهواء الطلق، علّقت الفتاة السودانية “مي” سبورتها الكبيرة على جدار حجري لأحد منازل القرية، ورصّت أمامها كراسي متهالكة جلس عليها أطفال مخيم النزوح في مدينة ود مدني.

يصبّون تركيزهم على شفاه مي، في محاولة منهم لإتقان طريقة نطقها السليمة للغة الإنجليزية، يحملقون بأعينهم البريئة في ما خطّته طباشير المُعلمة التي لا يتجاوز سنها 17 عامًا.

دفعت المعاناة التي تعيشها مي وشقيقتها، وأطفال المخيم معهن، إلى جعلها تفكر في فتح مدرسة بأبسط الإمكانات، فمهنة التدريس ليست جديدة على الفتاة التي تعودت على تعليم الأطفال الأصغر سنًّا في الخرطوم قبل الحرب.

تقول مي لكاميرا الجزيرة مباشر، إنها في السنة الثانية من الثانوية و”لولا الحرب لكنا جميعًا في المدارس”، وتضيف “بدلًا من أننا لا نفعل شيئًا غير التأسف على الوضع، قررت أن أعلّم أطفال المخيم الإنجليزية وأن تعلمهم أختي القرآن الكريم”.

تشعر المُعلمة الصغيرة أن بعض الطلاب جادّون في الدراسة ومتحمسون للاستمرار، وتتبع مي نظامًا تعليميًّا، إذ تقوم باختبارات وامتحانات للأطفال، وتحتفل بهم بعد ظهور النتائج حتى تشجعهم.

تتمنى مي أن تُعلّم النساء اللاتي يمكثن في المنازل أيضًا، إلى أن تنتهي الحرب ويعدن إلى ديارهن، وتقول للجزيرة مباشر إنها تواجه صعوبة في توفير الدفاتر والأقلام للتلاميذ، كما تحتاج باستمرار إلى طباعة الدروس حتى يفهم جميعهم خطّها.

أطفال مخيم في ود مدني في فصل دراسي (الجزيرة مباشر)

في مجموعة أخرى، غير بعيدة عن مجموعة مي، تدرّس شقيقتها (13 سنة) القرآن الكريم والإنجليزية أيضًا للأطفال الأصغر سنًّا، تأثرت وهي تحكي للجزيرة مباشر كيف يتفاعل الأطفال مع الصف الدراسي، ولم تتمكن من حبس دموعها.

قالت “من الصعب علينا التأقلم بعد أن كنا نعيش في منازلنا ونتردد على مدارسنا”، لكنها عبّرت عن عزيمة وإصرار كبيرين وهي تردد “رغم أننا لا نملك كتبًا مدرسية ولا سبورة ولا البيئة مناسبة للتدريس لكننا سنواصل”.

تكتب المُعلمة الصغيرة على باب حديدي متهالك، وتقول إن أطفالًا قلائل توافدوا على الدروس في البداية، إلا أن طريقة التدريس والاحتفال بالمتميزين من التلاميذ، حمّست جميع أطفال المخيم للمشاركة والالتزام.

رغم مرارة النزوح فإن أطفال المخيم يتمسكون بالعودة إلى حياتهم الطبيعية، وقال أحدهم للجزيرة مباشر “نكون نلعب، فتنادي علينا المعلمات لتعليمنا، ليس لدينا شيء لنفعله فنأتي”، ينوي الطفل أن يصبح طبيبًا وأن يعود إلى منزله بعد انتهاء الاقتتال.

تأخذ الطفلة ريا الأمر على محمل الجد، وترى أن وقت الفصل ليس وقت لعب، تنوي أن تصبح طبيبة أيضًا، وأن تتحدث الإنجليزية بطلاقة يومًا ما مثل معلمتها مي.

عصفت الحرب في السودان، التي اندلعت منتصف إبريل/نيسان الماضي، بنظام التعليم المتعثر، ودفعته إلى حالة من الانهيار مع إغلاق العديد من المدارس أو تحويلها إلى ملاجئ للنازحين وإلغاء معظم امتحانات نهاية العام.

وحتى قبل اندلاع القتال، صنفت منظمة “أنقذوا الأطفال” السودان واحدًا من البلدان الأربعة الأولى على مستوى العالم التي يواجه فيها التعليم خطرًا شديدًا.

وتشير المنظمة الخيرية إلى أن عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس ارتفع حاليًّا إلى 9 ملايين من 6.9 ملايين، ونزح أكثر من مليون طفل في سن الدراسة، وأُغلِقت نحو 10 آلاف و400 مدرسة على الأقل منذ بدء القتال.

المصدر : الجزيرة مباشر