“هذه ليست نتفلكس”.. صحيفة إسبانية تكشف معاناة جنود الاحتلال في غزة

جنود الاحتلال الإسرائيلي داخل قطاع غزة
جنود الاحتلال الإسرائيلي داخل قطاع غزة (رويترز)

نشرت صحيفة (إلباييس) الإسبانية أمس الأربعاء، تقريرا يتناول الوضع الصعب الذي يواجهه جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.

وركز التقرير على أحد أبطال مسلسل “فوضى” الذي تم إجلاؤه من غزة مصابا بجراح بالغة. وحسب الصحيفة، فإن ذلك يعكس الثمن الذي يدفعه جنود الاحتلال وعناصر الاحتياط المحتشدين في القطاع.

وأشار التقرير إلى أن الممثل عيدان عميدي (35 سنة) ظهر وهو مبتسم ويرتدي الزي العسكري، وقال لمراسل القناة (12) الإسرائيلية الذي أجرى معه مقابلة يوم الاثنين في قطاع غزة “أنا متعب قليلا، لكنني بخير، أعمل من أجل سلامة الجميع”. وبعد فترة وجيزة، تم إجلاؤه جوا إلى مستشفى (شيبا) في تل أبيب.

وأصيب عميدي بجروح خطيرة بعد اشتباك مع مقاتلي كتائب القسام. وتضيف الصحيفة الإسبانية أن عميدي هو مغنٍ مشهور في إسرائيل، وهو أيضا ممثل معروف عالميا كأحد أعضاء فريق التمثيل الرئيسي في مسلسل “فوضى” الذي تقوم بتوزيعه شركة “نتفلكس” العالمية.

وتشرح الصحيفة أن مسلسل “فوضى” الذي ينتظر متابعوه موسمه الخامس، يتناول منذ عام 2015 محن “كوماندوز” من المستعربين الذين يعملون سرا في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويلعب عميدي دور ساغي تسور، جندي في الوحدة التي يرأسها القائد المندفع دورون كابيليو، الذي يؤدي دوره ليور راز، وهو نجم ومؤلف مشارك في المسلسل.

وتذكر الصحيفة أنه وعلى الرغم من شهرته العالمية، انضم عميدي إلى 300 ألف إسرائيلي تتراوح أعمارهم بين (21) و(45) عاما تم استدعاؤهم للقتال في الحرب على غزة، وهو أكبر صراع تعيشه إسرائيل منذ نصف قرن. وتم تسريح الآلاف من جنود الاحتياط منذ بداية العام الحالي، بعد أن زعم الجيش تفكيك البنية العسكرية لحركة حماس في شمال القطاع.

وينتمي عميدي إلى وحدة المهندسين المتخصصة في هدم وتدمير الأنفاق. وأوضح في مقابلة صحفية قبل إصابته الخطرة “لقد حددنا كيلومترات من الأنفاق، إنه أمر جنوني”، حسب قوله.

وتشرح الصحيفة الإسبانية أن تقرير الضحايا الذي يوزعه الجيش الإسرائيلي كل يوم، أظهر تسعة قتلى هذا الثلاثاء، وهو رقم أعلى من المتوسط. ثمانية منهم ضباط تتراوح أعمارهم بين (23 و35 عاما) وآخر عمره (19 عاما)، وهو يوجد في فترة الخدمة العسكرية الإلزامية.

ويترك الصراع بحسب الصحيفة، بصمة عميقة على الأجيال الشابة من الإسرائيليين الذين بالكاد عرفوا الأعمال الحربية خلال حياتهم، باستثناء حرب لبنان عام 2006، والتي استمرت شهرا واحدا فقط (قتل فيها 119 جنديا) أو حرب غزة عام 2014، التي استمرت شهرين، وسقط خلالها 67 قتيلا من الجنود.

وفي الأشهر الثلاثة من الحرب الحالية على غزة، تؤكد الصحيفة مقتل 519 جنديا إسرائيليا، أغلبهم في الهجوم واسع النطاق الذي شنته حماس. ومنذ بداية اجتياح جيش الاحتلال الإسرائيلي، بعد ثلاثة أسابيع، سقط 185 قتيلا في صفوفه و2438 إصابة خطيرة.

وكان عميدي قد استغل شعبيته لنشر أنشطته على الجبهة على شبكات التواصل الاجتماعي. وقبل يومين فقط، قام بتوزيع رسالة ادعى فيها أن وحدته تواصل تدمير أنفاق حماس بشكل يومي. وفي ديسمبر/كانون الأول، نشر صورا لهدم مدرسة في غزة زُعم أنها كانت موقعا عسكريا لحماس.

وبشأن شهرة عميدي، تذكر (إلباييس) أنه كمغنٍ اشتهر في إسرائيل بعد مشاركته في مسابقة للفنانين الشباب، وقد تصدّر النجم المشارك في مسلسل “فوضى” قوائم المبيعات المحلية بأغنية The Warrior’s Pain، التي تصف تجربة جندي مصاب بـ”متلازمة القتال” بعد الصدمة عند عودته من الجبهة. وكان عميدي، الذي ولد ونشأ في القدس المحتلة لعائلة يهودية كردية من أصل عراقي، قد أعلن في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أنه سيتوقف عن التمثيل والغناء لمدة عام للقيام بمهمته كجندي احتياطي.

وتختتم الصحيفة تقريرها، بالدروس المستخلصة من صدمة هجوم حماس في السابع من أكتوبر الماضي. وتشرح أنه منذ أن ارتفعت ميزانية الدفاع الإسرائيلية إلى 35% من الناتج المحلي الإجمالي بعد حرب “يوم الغفران” عام 1973، استمرت في الانخفاض لتصل إلى 3.3% اليوم.

وكان الجيش الإسرائيلي قد خفض مدة الخدمة العسكرية – الإلزامية لكل من الرجال والنساء – ومدة الخدمة السنوية لجنود الاحتياط على مدى العقدين الماضيين. وتدرس إسرائيل الآن العودة إلى نموذج الخدمة لمدة ثلاث سنوات للرجال ونحو عامين للنساء، بين سن (18 و21 عاما).

وسيُطلب من جنود الاحتياط في الوحدات القتالية أيضا تعبئة ما يصل إلى 40 يوما سنويا بدءًا من عام 2025. وفي خضم الحرب على غزة، تتعلم الأجيال الشابة من الإسرائيليين، مثل آبائهم في خنادق يوم الغفران وأجدادهم في حرب الأيام الستة في عام 1967، أن تلك الحرب ليست مسلسلا خياليا.

المصدر : الصحافة الإسبانية